الدكتوران مسئول ورفيع يستعرضان خطوات تخريج كتاب “شعب الإيمان” ومراميه

Cover Image for الدكتوران مسئول ورفيع يستعرضان خطوات تخريج كتاب “شعب الإيمان” ومراميه
نشر بتاريخ

ذكّر الدكتور عبد العالي مسئول أستاذ القرآن الكريم وعلومه، بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، وعضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان، بحب الأستاذ عبد السلام ياسين الشديد للمصطفى صلى الله عليه وسلم، الشيء الذي “دفعه إلى أن يتبعه اتباعا كاملا وشموليا، ويقتدي بهديه في وعظه، ودروسه، ومكتوباته، وفي عمله مع الناس أجمعين“.
فكما كان الأستاذ عبد السلام ياسين رجلا قرآنيا، يضيف، “كان يتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملة غير منقوصة، وأحيى سننا كاد ينطفئ نورها، كقول كلمة حق عند سلطان جائر، وأحيى السلوك الجماعي إلى الله وغيرها من السنن، وكان كثير النظر في كتب الحديث، وكان يأخذ بالأحاديث الصحاح والحسان والأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال والترغيب والترهيب“.
مسئول، في معرض حديثه ضمن مائدة تقديم جزأي كتاب الإمام “شعب الإيمان” ضمن فعاليات الذكرى الخامسة لرحيل الإمام المجدد عبد السلام ياسين، التي نظمتها جماعة العدل والإحسان يوم السبت والأحد، استرسل قائلا “وكان رحمه الله تعالى ينبه ويفند الأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، من ذلك ما نقرؤه في كتابه “تنوير المؤمنات” عندما فنَّد الخبر: “شاوروهن وخالفوهن” وقال رحمه الله: “هذا الخبر يخالف عمل النبي صلى الله عليه وسلم الذي استشار أم سلمة في صلح الحديبية وأخذ برأيها“”، مشددا على أن الإمام كان مجلا للمحدثين.
وأضاف إجابةً عن أسئلة مسيرة المائدة الفكرية الأستاذة الباحثة نادية بلغازي: لماذا لم يُنشَر الكتاب في وقته؟ ما هي القيمة العلمية والعملية التي أضافها الكتاب وخصوصا أنه مسبوق بمجموعة من الكتب في هذا الباب؟ فقال الأستاذ عبد العالي مسؤول: “كتاب شعب الإيمان من أوائل الكتب التي كتبها الإمام وجمع أحاديثها في معتقله، إثر رسالته الشهيرة “الإسلام أو الطوفان“، واعتمد على كتب قليلة منها: “الترغيب والترهيب” للمنذري، “رياض الصالحين” للإمام النووي، ولما خرج من معتقله عاد إلى دواوين السنة، ودعا إلى عدم العجلة في تخريج الأحاديث حتى لو أدى الأمر إلى إخراج الكتاب بعد وفاته”.
واسترسل مجيبا عن أسئلة المسيرة قائلا: “الإمام المجدد رحمه الله تعالى استفاد من “الحليمي” و”البيهقي“، و”القصري” وأثنى عليهم، هؤلاء ألَّفوا فعلا قبله في شعب الإيمان، جمعوا وبوَّبوا وصحَّحوا وضعَّفوا وعدَّلوا وجرَّحوا، وتحدثوا عن مقاصدهم في مقدمات كتبهم، ولكن الإمام رحمه الله تعالى لم ينحُ نحوهم، فالإمام نظر في القرآن الكريم والسنة المشرفة، واستحضر أعمال القلوب، والجوارح وما تنطق به الألسنة، وتعتقده الأفئدة، ووضع ترتيبا وتبويبا لهذه الشعب، هذا الترتيب راعى فيه مقاصد تربوية بالدرجة الأولى، لم يرتب الشعب على حسب الفرائض، والمستحبات، والأوامر، والنواهي، وإنما راعى فيها الجانب العملي السلوكي الذي يرتقي به المؤمن سلوكا إلى درجات الإحسان“.
وشارك في هاته الجلسة العلمية الهامة إلى جانب الدكتور “عبد العلي المسئول“، الدكتور “محماد رفيع” الذي أكد أن أساس المنهاج النبوي هو شعب الإيمان، قائلا: “فالقاعدة الإبستيمولوجية والعلمية للمنهاج النبوي هي شعب الإيمان التي عدها الأستاذ ياسين في سبعة وسبعين شعبة“.
الأستاذ الجامعي بجامعة فاس، اعتبر أن الدافع الأساس الذي دفع الإمام إلى ترتيبه على هذا المسلك هو المقتضى التربوي التنظيمي، وصولا بالفرد إلى المستوى الإحساني، وبالجماعة إلى المستوى الاستخلافي.
وفي حديثه عن الخصال العشر التي كانت لب هذا الكتاب، وبمقتضاه تم تقسيم فصوله ومواده وأحاديثه، جعل لها وظائف تفصيلية مزدوجة، فإذا كانت خصلة الصحبة والجماعة “توفر الاحتضان للمؤمن، وتدفع عنه الانعزال، وتدمجه في الجماعة بشكل يعود عليه بالنفع وعلى الجماعة في دنياه وآخرته“، فإن خصلة الذكر “تحقق له معية الله وتعصمه من الغفلة“، وهكذا إلى آخر خصلة، كما أكد أنها ليست على مرتبة واحدة من حيث كونها أصلية وتبعية، على اعتبار أن “الخصال الثلاثة الأولى المكونة من الصحبة والجماعة، والذكر، والصدق أصلية، والبقية تابعة لها“، وكلها تفتل في احتضان الإنسان فردا وجماعة.
وتساءل العالم المقاصدي عن جدوى المنهاج النبوي، ولماذا شعب الإيمان؟ قبل أن يجيب أن الغرض من هذه الأحاديث التي انتقاها الإمام لهذا الكتاب، وهي لب المنهاج النبوي، “ليس الحفظ والدراسة حتى، بل القصد الأول والأخير هو التحلي بها سلوكا وعملا لتمثل النموذج البشري الذي تنفع مجالسته، ومحبته، وصحبته“. لأن شعب الإيمان هي إجراءات عملية تفصيلية تضبط سلوك المؤمن إلى ربه، باعتبار أن المعول عليه هو العلم المنشئ للعمل. قائلا: “فنحن أمام سلوك عملي قصده العلم النبوي“.

وقد فتحت مسيرة الندوة بابا لبعض مداخلات الحضور؛ إذ تم التأكيد على القيمة العلمية لمشروع الإمام التربوي التغييري والذي يتمحور حول شعب الإيمان كما صاغها الإمام، والقيمة العملية التي ترجمها رحمه الله في سلوكه وسيرته التي تمثلت تعاليم القرآن وسيرة النبي العدنان عليه أزكى الصلاة والسلام.