تتحدث رسالة الإسلام أو الطوفان)عن الفساد ومستوياته في المغرب، كما تعرض المنهاج النبوي لبعث إسلامي حق. فالرجل لم يكتف بتشخيص الواقع برصد مواطن الداء، لكنه اقترح البديل الذي يرتكز على النصيحة واعتماد التوبة العمرية.
تشخيص الواقع المأزوم
إن ما يعيشه المغرب من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، ليس فقط وليد سوء تدبير حكومة ما، أو سوء اختيار أفراد يسيرون مؤسسات الدولة، والذين تعلق على شماعاتهم الأخطاء حين تخفق الدولة في التدبير والتسيير. هؤلاء الأفراد تختزل على مستواهم أزمة الدولة والنخبة، ويقدمون للشعب أنهم أصل الداء في الفترات العصيبة.
إن أزمات المغرب متعددة ومتداخلة، تشكلت أجزاؤها وتجمعت أثقالها بتأثير وفعل عوامل كثيرة ومتراكمة، تفاعلت فيما بينها على مسافات زمنية متتالية، نتج عنها واقع مأزوم سماته الانحراف الشامل وسيادة الاستبداد والتسلط والاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
نخب عديدة تساهم في شدة أزمات المغرب ، وهي نخب متنوعة غارقة في الانحباس في المصالح والانجراف في صراعات الواقع:
نخبة دينية: ويقصد بها الإمام عبد السلام علماء البلاط، وهي اليوم بألوان إضافية. علماء البلاط أو ما يصطلح عليهم في الرسالة بـ”ديدان القراء” ساكتون عن الحق، لا ينصحون، بل أكثر من ذلك متملقون… بذلك خفت صوت جمهور العلماء وانزوى البعض الآخر في الظل.
نخبة سياسية: تستثمر في الشأن العام، إذ يقوم حزب على أنقاض آخر، ويوأد مشروع ويجهض آخر، ليقوم مكانهما مشروع لقيط وليد إملاء أو إلزام، مما نتج عنه هدر المال العام وضياع مصالح الشعب.
نخبة ثقافية: استثمرت في عقول الناس وضمائرهم بطريقة ذكية، وضعت سلم قيم هجينة تعتم مرحلة من التاريخ وتسلط الأضواء الكاشفة على أخرى، الهدف من ذلك تبعيض الناس إلى فئات متنابزة بالألقاب ومتصارعة على أوهام لاهتة تجاه سراب زائف، مشتتة الفكر، فاقدة البوصلة والقبلة، هاجسها فصل الدين عن الدولة. وهذا ما تناوله بالتفصيل الإمام المجدد في كتاب “الإسلام والحداثة” 1998.
المنهاج النبوي
يعرض الإمام حل الأزمة، بعدما قدم النصيحة. ويتمثل هذا الحل في انبعاث إسلامي جماعي على قاعدة المنهاج النبوي 1 .
يضع الإمام شروط هذا الانبعاث ومبادئه ومعالمه وآفاقه. هذا النموذج في الحل يشترط شرطين أساسيين:
الشرط الأول: الانبعاث عنده وجود العالم الرباني المؤثر في الجماعة بالصحبة والقدوة الصالحة
الشرط الثاني: استعداد المؤمن داخل الجماعة “لاقتحام العقبة”.
أما المعالم الكبرى للمنهاج النبوي فترتكز على عشر خصال: الصحبة والجماعة، والذكر، والصدق، والبذل، والعلم، والعمل، والسمت الحسن، والتؤدة، والاقتصاد، والجهاد.