الإحسان في العلاقة الزوجية

Cover Image for الإحسان في العلاقة الزوجية
نشر بتاريخ

لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قدوة المسلمين في الحياة الأسرية الناجحة والسعيدة، حيث جعل الخيرية فى الإحسان الى الأهل فقال خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي لن نكون حقا تبعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم نكن سالكين نهجه في الإحسان إلى أزواجه.
الإحسان الذى هو استكمال الإيمان، وللإيمان شعب، و من شعبه التأسي بخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم وذلك بالتأسي به في بيته ومع أزواجه، فمن شعب الإيمان ركائز سلوكية منها معاملة الزوج لزوجه، والتي لايمكن لمن يطمح مقام الإحسان أن يتجاوزها، وإلا سيكون كمن يبني بغير أساس.
فمعاملة الزوج لزوجه هي عبادة وسلوك إلى الله سبحانه وأكثر مايحول دون الوصول إلى الإحسان في العلاقة الزوجية هو الفصل بين السلوك إلى الله من صلاة وصيام وقيام وذ كر ودعوة إلى الله… ومعاملة الزوج لزوجه بل هما مرتبطان كل الارتباط والأحرى أنهما وجهان لعملة واحدة توصل إلى غاية واحدة وهي الإحسان لأن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء.
فلابد للزوجين المؤمنين من تحقيق الإحسان في العلاقة الزوجية بمعانيه الثلاث:
1) مراقبة الله عز وجل في كل حركاتنا وسكناتنا في عباداتنا ومعاملاتنا مع الزوج بالإجتماع والانجماع على الله، تعبدا بأن يكون للزوجين حصة يقرآن القرآن معا، حصة يذكران فيها الله تعالى معا ويقومان الليل معا ويدعوان الله تعالى لبعضهما وللمسلمين عامة بخيري الدنيا والآخرة بهذا الانجماع الروحي القلبي يربط الله تعالى بين قلبيهما برباط وتيق.
2) إتقان العبادات والمعاملات خاصة معاملة الزوج لزوجه باعتبارها من أعظم العبادات التي تقربنا الى الله عزوجل. ورحم الله من قال: أصلحا مابينكما وبين الله يصلح الله ما بينكما.
3) الإحسان إلى الخلق أجمعين والأولى بإحسانك زوجك الذي جمعتك به كلمة من الله وأمانة منه سبحانه وتعالى، وذلك بتعاون الزوجين على الإحسان لبعضهما والتعاون على التقوى وأعمال البر التي تقربنا إلى الله من عمل صالح ومنفعة للخلق مع التنافس في الإحسان لبعضهما البعض، وذلك بأن يتنافس الزوجين في إسعاد بعضهما البعض تقربا للمولى سبحانه
يقول الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله في كتاب تنويرالمومنات: قلع المؤمنات والمؤمنين الإيمان والتطلع إلى مقامات الإحسان من أرض المشاحة والمخاصمة على الحقوق. توج الإحسان العدل وتخلله وسكن بين ضلوعه فالمرأة الزوج تصبر عن بعض حقها إحسانا واحتسابا، والزوج الرجل يجتهد ليوفيها حقها ويزيد خوفا من الله ورجاء في مثوبته وقربه.  إنها صحبة حميدة ورفقة رشيدة تستمر ما استمر الوفاء بالميتاق ومقتضياته، انجماع على الله تذوب فيه الفوارق وتنقلب فيه العادة إلى عبادة باخلاص الوجهة لله عز وجل يلتقيان على عبادة الله ومحبة الله وطاعة الله والدعوة إلى الله لذا يجب أن تكون معاملة الزوج لزوجه معاملة يطبعها الإحسان. ومن تحصيل الحاصل يضم العدل بين جناحيه, فإذا كان العدل إعطاء الحقوق فالإحسان يرفع الزوجين إلى الأعالي إكراما وإيثارا. فأي رقي وسمو هذا في المعاملة الدنيوية يرفعك إلى رقي وعلو في المراتب والدرجات في الآخرة ماشاء الله, وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
يقول الإمام المجدد رحمه الله الإحسان بواعث تسمو بالهمة وخير يبدل ووضع للأمور مواضعها حكمة وإتقانا ومداراة وسياسة يكنفها الصدق تنويرالمؤمنات1ص169.
إحسان الرجل للمرأة يجعلها تفيض محبة ورحمة وعطاء ليس على زوجها صاحب الإحسان فحسب بل على أبنائها ومجتمعها والناس أجمعين فتكون رحمة في العالمين عطاء وعطفا وتبشيرا لتغنم وصاحب الإحسان زوجها فيهنآ بنعيم مقيم في بيت ترفرف عليه سعادة الدنيا بالتشوف إلى سعادة في الآخرة حيث لا عين رأت ولا أذن سمعت ولاخطر على قلب بشر.
يقول الإمام المجدد المرأة في حضن الإسلام تكرم ولا يهينها إلا لئيم ناقص,تعامل بالإحسان,إحسان الرجل الروحي يفيض عليها رفقا وعطفا ومحبة وودا وهي تتكرم فتصبر وتتحمل وتكافئ الاحسان بالاحسان تنوير1ص169.
فالزوجين المحسنين السعيدين لايكتفيان بسعادتهما فحسب بل يطمحان أن ترفرف السعادة على كل بيت وحي وكل صقع من أصقاع الارض,فللزوجة مجالها مع بنات جنسها لتعرف ربها وتعلم نساء العالمين كيف يكن إماء مطيعات لله عز وجل شاكرات لأنعمه نافعات لبيوتهن وللأمة جمعاء وللزوج أجر عملها وجهادها لأنه هو من جهز الغازية ماديا ومعنويا ويسر لها كل السبل وكيف تفرح الزوجة المحسنة بجهاد زوجها الذي تغنم معه من أجره وثوابه إن هي جهزت الغازي ماديا ومعنويا وسعت لتوفير الأجواء ليمضي إلى جهاده مطمئنا. يقول الحق سبحانه ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويامرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحوننسأله تعالى أن يجعلنا وأزواجنا والمسلمين من المفلحين.
فالمودة والرحمة الفطرية التي جعلها الله تعالى بين الزوجين تزداد بازدياد خصال الخير في كليهما وتقل بانخفاض خصال الخير فيهما، فإن النفس جبلت على محبة من يسعى لها بخير الدنيا والاخرة فكمال المؤمن يتبدى أوضح مايتبدى في بيته فلنجعل أحبتي من بيوتنا جنة بالود والذكر والعمل الصالح سعيا منا لتحقيق الكمال الذي هو الإتقان وهو لب الإحسان.
إن كمال المرأة الوظيفي وكمال الرجل أبوين مسؤولين هما غاية مايراد منهما تحقيقه وحفظا لفطرة الله ونشرا لرسالته وخدمة لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.