الأميرة عائشة..لم تكن قنديشة

Cover Image for الأميرة عائشة..لم تكن قنديشة
نشر بتاريخ

لقد عرف تاريخ البشرية كثيرا من الخلق منهم الصالحون ومنهم الطالحون، إلا أنه لم يسجل على صفحاته إلا من كان له أثر وخبر…
الأميرة عائشة …لم تكن قنديشة.
وأنا أبحث في ذاكرة الطفل الذي كنته والرجل الذي صرته، تذكرت حكايات جدتي ومن أهمها حكاية أحببت أن أتقاسمها معكم بطلتها غرست في ذاكرتنا الرعب.. إنها عيشة قنديشة، أو لالة عيشة، أو عيشة السودانية، عيشة الكناوية. ساحرة عجوز شمطاء وحاسدة تقضي مطلق وقتها في حبك الألاعيب لتفريق الأزواج، تفتن الرجال بجمالها وتستدرجهم إلى وكرها … ثم تقتلهم فتتغذى على لحوم ودماء أجسادهم.. هي أسماء أطلقت على الجنية الأكثر شعبية في الفلكلور الشعبي المغربي ترسمها الخرافة على أنها امرأة بالغة الجمال تخفي خلف ثوبها الأبيض قدمين تشبهان حوافر الجمال، أو البغال أو الماعز.. أسطورة اخترعها الطغاة وصدقها الأجداد وابتلعتها ذاكرة براعم وزهرات زمان، ولكل زمن إشاعاته
إنها السيدة الحرة التي حكمت شفشاون خلال القرن السادس عشر ابنة أمير شفشاون علي بن موسى ابن راشد ..كانت امرأة حديدية قوية لقوتها وصلابتها أخطأت الروايات المتواترة في وصفها بالسيدة المرعبة التي كانت تتصيد طرائدها من البشر..
وبالرجوع إلى بعض الروايات لباحثين مغاربة وأجانب فعيشة قنديشة شخصية حقيقية هي امرأة تنحدر من الأندلس، من عائلة موريسكية نبيلة طردت عائلتها من هناك، عاشت في القرن السادس عشر وأسماها البرتغاليون بعيشة كونديشة (contessa) أي الأميرة عائشة وقد تعاونت مع الجيش المغربي آنذاك لمحاربة البرتغاليين الذين قتلوا وشردوا أهلها، فأظهرت مهارة وشجاعة في القتال حتى ظن البعض أنها ليست بشرا وإنما جنية صنعت لنفسها مجدا واسما ذائعا لدى المجاهدين وعامة المغاربة عندما حاربت الاحتلال واتخذت في ذلك مذهبا غريبا، حيث كانت تقوم بإغراء جنود الحاميات الصليبية وتجرهم إلى الوديان والمستنقعات و يتم ذبحهم بطريقة أرعبت المحتلين الأوروبين لذا لجئوا إلى الإشاعات كما هي عادة الطغاة والمفسدين.
ما كان لهذه المرآة أن تكون صلبة الشخصية مهابة الجانب شديدة الغيرة على دينها.. لولا تربية أسرتها التي لقنتها العقيدة والشريعة والحفاظ على الدين بكل أركانه وأبعاده… وما خلا زمن من الإشاعات…احذروا الإشاعات …