الأسرة والمدرسة والمجتمع وإشكالية القيم (2)

Cover Image for الأسرة والمدرسة والمجتمع 
وإشكالية القيم (2)
نشر بتاريخ

مقدمة

حُق لمتتبعي الشأن التربوي عموما، وللتربية داخل الأسرة بشكل خاص، أن يتساءلوا عن أدوار هذه المؤسسة في إكساب الناشئة القيم الإيجابية، وعن مدى نجاحها أو فشلها، وعن معيقات النجاح وأسباب الفشل الذاتية والموضوعية، باعتبارها نظاما اجتماعيا يؤدي وظائف ضرورية وحيوية للمجتمعات الإنسانية بوجه عام، وباعتبار أن الأسرة القوية عماد الأمة القوية، والأم المربية المصلحة عماد الأسرة) 1 ، ومأواها ومحضنها الدافئ، وملجؤها ومستقرها وسكنها الآمن الهادئ، ومدرستها الأولى، بل مركز الحب والسكينة والطمأنينة، إليها يرجع فضل تخريج العظماء من الرجال والنساء.

وباعتبارها؛ كانت ولا تزال؛ أول بيئة أو وسط اجتماعي يحضن الإنسان، تهذبه وتعلِّمه وتنقل إليه خبرات الحياة، بل وتزكيه إعدادا لاقتحام عقباتها، وبقوة نفوذها المادي والمعنوي، وبقوة آثارها النفسية والذاتية البليغة، ثم بقوة ما تمارسه من تكوين وتقويم لسلوك مكوناتها، فهي بذلك تبعث الحياة، وتزرع بذرة الطمأنينة والثقة وكل القيم النبيلة التي ستصاحب الإنسان خلال رحلة الاقتحام إلى الله سبحانه، وسيعود خراجها على الأمة كلها لتحقيق الاستخلاف والإحسان.

مفهوم الأسرة بين اللغة والاصطلاح

– تمهيد

كان مفهوم الأسرة؛ إلى زمن قريب؛ في منأى عن جدلية التعريف، بل كان بديهيا بين الناس، متعارف عليه وعلى أدواره، لا يستدعي اختلافا ولا توافقا، لكن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية، وظهور بوادر التفكك والانحلال القيمي، انعكس سلبا على البنى الاجتماعية عموما، فأصبحت الأسرة مثار نقاش وجدل، ومحط نظر الباحثين التربويين والاجتماعيين وكل المصلحين، فتعددت تعاريفها حسب زوايا النظر لدورها الحيوي، ووظائفها ومسؤولياتها.

لقد تطور مفهوم الأسرة في مجتمعاتنا، متأثرا بتطوره في المجتمعات الغربية التي كيفت المفهوم بانتشار وبروز ظاهرة الأمهات العازبات و”زواج” اللوطيين والسحاقيات، وللأسف الشديد، انتقلت العدوى إلى مجتمعاتنا وبدأت بوادرها في المعاشرة المحرمة والعزوف عن الزواج وأطفال الشوارع و… نعوذ بالله من شر قادم؛ لا قدر الله.

– الأسرة في اللغة

من خلال بعض معـاجم اللغة العربية المعتمدة، يتضح أن (الأُسْرَة) مشتقة ـ في أصلها ـ من (الأَسْرِ) و(الأَسْر) لغة يعني: القَيْد، يقال: (أسَرَهُ) يأسِرُه أسْراً وَإسَارَةً وإسَاراً: قيَّده، وأسَرَهُ: أخذه أسيراً. قال تعالى: نحن خلقناهم وشددنا أسرهم 2 أي شددنا خلقهم.

قال ابن فارس: الهمزة والسين والراء أصل واحد، وقياس مطرد، وهو الحبس والإمساك وأسرة الرجل رهطه لأنه يتقوى بهم… ومن ذلك الأسير، وكانوا يشدونه بالقيد وهو الإسار، فسمي كل أخيذ وإن لم يؤسر أسيرا. قال الأعشى:)وقيدني الشعر في بيته ** كما قيد الآسرات الحماراأي أنا في بيته، يريد بذلك بلوغه النهاية فيه. والعرب تقول أسر قتبه، أي شده… وتقول أسير وأسرى في الجمع وأسارى بالفتح. والأسر احتباس البول) 3 .

ومن هذا المنطلق، اعتبر البعض الأسرة لون من ألوان الأسْرِ أو القيد أو الحبس، إلا أنه أَسْر اختياري يسعى إليه الإنسان؛ لوجود التآزر والتضامن والتناصر، مما يفسر نشوء العضوية على حساب الفردية، والتماهي على حساب الاستقلالية أو الشخصانية) 4 في الأسرة المسلمة.

وانطلاقا مما سبق فإن الأسرة تطلق ويراد بها: الدرع الحصينة لأنها المأوى الآمن لكل من يلوذ بها. أو يراد بها أهل الرجل وعشيرته ورهطه الأدنون، أو الجماعة يربطها أمر مشترك.

وفي عرفنا؛ لا تخرج عن هذا المعنى اللغوي، فيقال مثلا: أسرة التعليم، أسرة الأدباء…

أما الكلمة المرادفة لكلمة أسرة، فهي: (العائلة)، فإنها تقوم على أصل لغوى آخر، فعيال المرء هم الذين يتدبَّر أمرهم ويكفل عيشهم. جاء في لسان العرب: أعال وأعول إذا كثر عياله، وعلته شهرا كفيته معاشه) 5 ، و في الحديث: “من كانت له جارية فعالها فأحسن إليها ثم أعتقها، وتزوجها كان له أجران” 6 .

ويرى حليم بركات أن مفهوم العائلة يشير إلى علاقات الإعالة والاعتماد المتبادلة. وكما يشار للأولاد بالعيال يشار إلى الأب بالمعيل والمسؤول عن تأمين الرزق، والأم بالحنون وسيدة المنزل المسؤولة عن التربية) 7 .

– الأسرة في الاصطلاح

سبق معنا في المقدمة، أن تعريف الأسرة تأثر كثيرا بزوايا نظر المهتمين، فعلم الاجتماع الأسري؛ مثلا؛ وهو أحد فروع علم الاجتماع، وأكثرها تطورا وانتشارا، يعتبر الأسرة: جماعة اجتماعية أساسية ودائمة، ونظام اجتماعي رئيس، وليست الأسرة أساس وجود المجتمع فحسب، بل هي مصدر الأخلاق، والدعامة الأولي لضبط السلوك والإطار الذي يتلقى فيه الإنسان أول دروس الحياة الاجتماعية، وربما كان ذلك هو مجمل منظور علم الاجتماع إلى الأسرة باعتبارها نظاماً اجتماعياً) 8 وخلية أساسية في تفاعل مستمر ومتبادل مع المجتمع حيث هي جزء منه.

وورد في المادة 16 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن الأسرة هي الوحدة الطبيعية الأساسية للمجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة) 9 .

في حين اعتبرت تعاريف أخرى الأسرة نمطا قابلا للتغيير بحكم التطورات الاجتماعية والثقافية، وهي أفكار تروم تقويض البناء الأصيل للأسرة المسلمة، باعتبارها منبع صياغة الإنسان المؤمن الذي يطلب الإحسان ويتطلع إليه بعد بناء عقيدته وفكره وفق الهدي النبوي..

وبعودتنا إلى كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم، سنلاحظ حرصهما على سلامة وتوازن واستقرار الأسرة، وفي ذلك حفظ للإنسان والمجتمع.

– الأسرة في القرآن الكريم والسنة النبوية

إن التاليَ لكتاب الله، والمتدبر في آياته وأحكامه، ليجد اهتماما خاصا وعناية ربانية فريدة بموضوع الأسرة، قبل الزواج وأثناءه وبعده، قد تفوق مساحة باقي العبادات، لخطورة الموضوع، وذلك بالنص الكامل على نظامها، وأدوارها والمسؤوليات والحقوق والواجبات، لا نجد له نظيرا في القوانين الوضعية.

ولقد ترجمت السنة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله، الزواج ومقدماته وبقاءه واستمراره عمليا، قال الله عز وجل عن نبيه: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا 10 ، أي: هلا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله) 11 .

وللإشارة لا يوجد لفظ الأسرة في القرآن والحديث النبوي، بل يعبر عن ذلك بذِكْر الأزواج والبنين والحفدة إشارة إلى معنى الأسرة، يقول الله عز وجل: وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ 12 .

ومنهم من اعتبر 13 أن “أهل” أوسع دلالة من “أسرة”، لتضمنها معنى الإعمار والألفة والإيمان، كما في قوله تعالى: إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح 14 ، فلم يعد الارتباط الدموي هو الأصل، بل حُدد الانتماء بمعيار العمل الصالح، ونفس الأمر ينطبق على مصطلح الأخوة، قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ 15 ، وقال أيضا: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 16 .

وزيادة في الفائدة، نورد جملة من الألفاظ المعبرة في كتاب الله والسنة عن الأسرة، قبل الزواج وأثناءه وبعده.

– أحاط الله سبحانه مرحلة ما قبل ولوج مؤسسة الأسرة بعناية خاصة، محذرا من الوقوع في الفاحشة أو مقدماتها، يقول سبحانه: وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أو أكننتم في أنفسكم، علم الله أنكم ستذكرونهن وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً 17 .

– وقد حث الإسلام علي تكوين الأسرة، ودعا إلي أن يعيش الناس في ظلالها، لأنها الصورة الطبيعية للحياة المستقيمة والوضع الفطري الذي ارتضاه الله لحياتهم. واتخذ من الأنبياء والرسل مثلا 18 فقال سبحانه: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً 19 .

– ولحكمة يعلمها هو سبحانه جعل الزوجة من أنفسنا، حيث خلق الله حواء من ضلع آدم، وسائر البشر من نطف الرجال والنساء، وبهذا يحدد الإسلام الوظيفة الأولي للأسرة بحفظ النوع البشري، قصد استمرار الحياة الاجتماعية السوية دون اختلاط للأنساب، يقول سبحانه: خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ 20 .

– دعوته إلى نكاح الصالحين والصالحات، حيث يقول وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ 21 .

– تضمن القرآن الكريم والسنة النبوية عدة ألفاظ دالة على إقامة عش الأسرة، والحرص على بقائها واستمرارها، ودعوة الزوجين معا إلى حسن العشرة وحسن التبعل، من إظهار للزينة وخفض للجناح والتلطف و…، ومن ذلك بيان حقوق الزوجين على بعضهما البعض في شؤون الأسرة كلها: ماليا، اجتماعيا، نفسيا، بدنيا، وما يترتب عن ذلك في الدنيا والآخرة، فهو سبحانه لم يترك شأن الأسرة للأهواء 22 . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: “النكاح من سنتي، فمن لم يعمل بسنتي فليس مني” 23 .

– أما ألفاظ القرآن الكريم الدالة على حرصه سبحانه وتعالى على استمرار مؤسسة الزواج ودوام بقائها، فتتمثل في الإيفاء بالحقوق والواجبات والمعاشرة بالحسنى، ومن ذلك قوله سبحانه وتعالى في الآيات المباركات:

وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ 24 .

أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ 25 .

فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ 26 .

لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ 27 .

– دعوته إلى المعاشرة الحسنة بقوله: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ 28 . وذلك ضمانا لاستمرار البناء وبقائه على أساس التقوى والاحترام المتبادل…

– استعمال القرآن الكريم عددا من الألفاظ التي تبين غايات الزواج وبناء الأسرة، فنجد حديثه عن المودة والرحمة والسكينة، كما شدد على مشاركة الرجل والمرأة فى القيام بعبء مؤسسة الزواج، واعتنى كذلك، بل وفصل في الأمور المادية والنفسية التي تربط بين الزوجين، ودعاهما إلى عدم نسيان الفضل بينهما، وأن تفصيل الحقوق الخاصة بكل واحد منهما إنما هو للفصل في النزاع ليس إلا 29 ، أما الأصل فهو التعامل بإحسان.

– مطالب استمرار الأسرة وبقائها

لقد تعددت الغايات والمطالب من دعوة القرآن والسنة إلى إنشاء الأسرة والحرص على استمرارها وبقائها، لذلك سنقتصر على أهمها:

– أولا: مطلب تحصين النفس من الوقوع في الفاحشة، فقد روى أبو داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال: رسول الله صلي الله عليه وسلم، “يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء” 30 .

– ثانيا: مطلب الرحمة والشفقة الذي ينبغي أن يكون سائدا بين الزوجين لبقاء الأسرة، عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له فحدا الحادي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير” 31 ، إنها كلمة لو أردنا تصوير المرأة بما تحمل من رقة الأنوثة وجمال الإنسانية وعذوبة الروح وتألق النفس بكلمة واحدة، لما وجدنا خيرا من هذه الكلمة النبوية الرقيقة المعجزة.

– ثالثا: مطلب المودة والسكينة في بيت الزوجية. يقول الله عز وجل وَمِن آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّن أنفسكم أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتـَفَكَّرُون 32 ، هذه آية… فيها عظة وتذكير بنظام الناس العام وهو نظام الازدواج وكينونة العائلة وأساس التناسل، وهو نظام عجيب جعله الله مرتكزا في الجبلة لا يشذ عنه إلا الشذاذ) 33 .

– رابعا: مطلب رفع الضرر بينهما، بوجوب الإنفاق والتوسعة، وعدم التعدي على مال بعضهما البعض إلا بالرضى.

– خامسا: مطلب منع الإيذاء النفسي والبدني، حفاظا على العرض، بإقامة حدود الله والتعاون فيما يرضيه سبحانه حيث يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ 34 ، وقوله صلى الله عليه وسلم: “ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم” 35 .

– سادسا: مطلب حماية الأسرار الزوجية من الإشاعة والانتشار بين الناس. الأمر الذي قد يهدد كيان الأسرة، ويقوض أركانها وينذر بهدمها، قال تعالى: فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله 36 . وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها” 37 .

– سابعا: مطلب الترقي في سلم العبودية لله سويا، للكينونة معا في الآخرة إن شاء الله. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ وَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ”، وَفِي رِوَايَةٍ: “إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُوقِظْ أَهْلَهُ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَيْقِظْ فَلْيَنْضَحْ عَلَى وَجْهِهَا الْمَاءَ” قَالَ: وَفِي أُخْرَى: “مَنِ اسْتَيْقَظَ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ” 38 .

– ثامنا: مطلب تكثير سواد الأمة، قال النبي صلي الله عليه وسلم: “تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة” 39 . وربما ليست الكثرة أو العدد هو المقصود في ذاته، لكن المقصود كثرة الصالحين والصالحات، مفخرة يوم القيامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمته بين الأمم وأي مفخرة.

وأخيرا يبقى سعي الزوجين الحثيث لدفع الضرر عن بعضهما البعض وبذل الوسع في تحصين علاقتهما وجعلها في حصن مكين، وحمايتها من إحداث تشققات، هو الدرع الواقي لزواجهما وعلاقتهما وأسرتهما ومجتمعهما.

– نماذج قيم مطلوبة في أسرنا

للوالِدَيْنِ في إطارِ الأسرة دور هام في تكوين وبناء القيم والسلوكِ لدى أبنائهم، فالأسرةُ هي التي تُكْسِبُ الطفلَ قِيَمَهُ وتماسكه، وهذه مجموعة منها نذكرها إجمالا لا تفصيلا:

– قيم الحب: حب الله وحب الرسول صلى الله عليه وسلم وحب الوالدين والزوجة والأولاد والمومنين وحب الوطن، وحب الخير للناس عامة.

– قيم الَحقَ والبَاطلَ، والخيرَ والشرَ، والمصلحة العامة والمصلحة الخاصة، والتفاضل بينهما، وكل القيم الرفيعة، والأخلاق الحسنة، كاحترام الكبير وتوقيره، وإفشاء السلام ورحمة الخلق والرفق بهم.

– قيم الجمال.

– قيم خدمة الناس والمجتمع والتطوع في الأتراح والأفراح.

– قيم التكافل والتزاور والتبادل والعفو والصفح والستر.

– قيم الشجاعة والإقدام وقول الحق..

– إكرام الجار والضيف.

– قيم السلام والتسامح والأناة والحلم…

– تعظيم شأن شعائر الله من صلاة وزكاة وحج…


[1] ياسين عبد السلام، تنوير المومنات، ج: 2، ص: 222، نقلا عن سراج.\
[2] الإنسان: 28.\
[3] أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريا، مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، نشر: اتحاد الكتاب العرب، الطبعة: 1423 هـ = 2002م.وانظر، الصحاح لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد عبد الغفور عطار 2/579، دار العلم للملايين، بيروت/ لبنان،الطبعة: 4/1990.\
[4] حليم بركات، المجتمع العربي في القرن العشرين، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2000، ص:361-364.\
[5] أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، ابن منظور، لسان العرب، ج: 10، ص: 339، دار صادر، 2003م.\
[6] محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، صحيح البخاري، ج:2، ص: 899، باب فضل من أدب جاريته وعلمها، الحديث رقم: 2406، دار ابن كثير 1414هـ / 1993م.\
[7] حليم بركات، المجتمع العربي في القرن العشرين، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2000، ص:361-364.\
[8] صلاح بن ردود الحارثي، دور التربية الإسلامية في مواجهة التحديات الثقافية للعولمة، جدة، مكتبة السوادي، 1424، ص: 250.\
[9] http://www.un.org\
[10] الأحزاب: 21.\
[11] ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، ج: 6، ص: 391 دار طيبة / 2002م.\
[12] النحل: 72.\
[13] مصطفى فوضيل، مفهوم الأسرة في ضوء القرآن الكريم والحديث الشريف، المحجة، العدد 407/2013.\
[14] هود: 46.\
[15] الحجرات: 10.\
[16] التوبة: 71.\
[17] البقرة: 235.\
[18] غريب سيد أحمد وآخرون، دراسات في علم الاجتماع العائلي، دار المعرفة الجامعية، 1995، ص: 26.\
[19] الرعد: 38.\
[20] الزمر: 6.\
[21] النور: 32.\
[22] خالد فهمي، مجلة المسلم المعاصر، الميثاق الغليظ، ملاحظات على معجم الأسرة في القرآن الكـريم، ع: 153/2014، لبنان.\
[23] حديث حسن، رواه ابن ماجة، ورد لدى الألباني، جـ 1، ص 310.\
[24] البقرة: 233.\
[25] الطلاق: 6.\
[26] الطلاق: 6.\
[27] الطلاق: 7.\
[28] النساء: 19.\
[29] خالد فهمي، مجلة المسلم المعاصر، الميثاق الغليظ، ملاحظات على معجم الأسرة في القرآن الكـريم، ع: 153/2014، لبنان.\
[30] صحيح البخاري ومسلم.\
[31] صحيح البخاري، رقم الحديث: 5856.\
[32] الروم: 21.\
[33] الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، ص: 71.\
[34] المائدة: 2.\
[35] قال الألباني في “السلسلة الضعيفة و الموضوعة”، 2 / 241: موضوع. رواه الشريف أبو القاسم علي الحسيني في “الفوائد المنتخبة” (18 / 256 / 2).\
[36] النساء: 43.\
[37] رواه مسلم (1437).\
[38] مختصر قيام الليل للمروزي، بَابُ إِيقَاظِ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَمَنْ يَلِيهِ، رقم الحديث: 103 (حديث مرفوع).\
[39] رواه النسائي وأبو داود والإمام أحمد بلفظ: تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم. ومنها: تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة. وهو حديث صحيح رواه الشافعي عن ابن عمر.\