يقول سبحانه وتعالى في سورة النحل (125): اَ۟دْعُ إِلَيٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ اِ۬لْحَسَنَةِ وَجَٰدِلْهُم بِالتِے هِيَ أَحْسَنُۖ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۖۦ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَۖ.
القرآن لغة واصطلاحاً
القرآن لغة: مصدر مشتق من فعل قرأ يقرأ قرآنا بمعنى تلا، أما قرأ بمعنى تلا فقد أخذها العرب من أصل آرامي وتداولوها، ومن المعروف أن اللغات الآرامية والحبشية والفارسية تركت في اللغة العربية آثارا لا تنكر، لأنها كانت لغات الأقوام المجاورة للعربي في القرن السابع للهجرة.
القرآن اصطلاحا: هو كلام الله المنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول عنه بالتواتر المتعبد بتلاوته. وللقرآن الكريم أسماء عديدة نذكر منها:
– الكتاب، سمي كتابا لأن الكتاب جمع حروف ورسم للألفاظ. كما أن تسميته تدل على حفظه في الصدور وحفظه في السطور. الكتاب مصدر للقراءة وفي القراءة استذكار. هذا الوحي المبين كتب له من العناية ما كفل صيانته في حرز حريز وما جعله ينجو من خوض العابثين وتلاعب المحرفين، إذ لم ينقل كجميع الكتب بالكتابة وحدها ولا بالحفظ وحده، بل وافقت كتابته تواتر إسناده، ووافق إسناده المتواتر نقله الأمين الدقيق، يقول سبحانه وتعالى: وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (سورة الحجر، 9).
– التنزيل؛ لقوله تعالى: إِنَّهُۥ لَتَنزِيلُ رَبِّ اِ۬لْعَٰلَمِينَۖ (سورة الشعراء، 192).
– الفرقان؛ قال تعالى في مطلع سورة الفرقان: تَبَٰرَكَ اَ۬لذِے نَزَّلَ اَ۬لْفُرْقَانَ عَلَيٰ عَبْدِهِۦ لِيَكُونَ لِلْعَٰلَمِينَ نَذِيراًۖ. وسمي فرقانا لأنه يفرق بين الحق والباطل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كتابُ اللهِ، فيه نبأُ ما قبلكم، وخبرُ ما بعدكم، وحُكمُ ما بينكم، هو الفصلُ ليس بالهزلِ، من تركه من جبَّارٍ قصمه اللهُ، ومن ابتغى الهدَى في غيرِه أضلَّه اللهُ، وهو حبلُ اللهِ المتينُ، وهو الذِّكرُ الحكيمُ، وهو الصراطُ المستقيمُ، وهو الذي لا تزيغُ به الأهواءُ، ولا تختلفُ به الآراءُ، ولا تلتبس به الألسُنُ، ولا يَخلَقُ عن كثرةِ الرَّدِّ، ولا تنقضي عجائبُه، ولا يَشبعُ منه العلماءُ، من قال به صدَق، ومن حكم به عدَل، ومن عمِل به أُجِر، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراط مستقيمٍ” 1.
“إن للبيت ربا يحميه”
لقد تطاول أعداء الله على كتابه، ودنسوه وأحرقوه أمام الملإ تحت ذريعة حرية التعبير لتحقير شأن المسلمين ظنا منهم أنهم قد انتصروا، يريدون أن يطفئوا نور الله والله متم نوره ولو كره المجرمون .
يروي لنا القرآن الكريم قصة أصحاب الفيل، الذين جاؤوا لهدم بيت الله العظيم، علوا واستكبارا، فجورا وطغيانا، فكان جواب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال: “إن للبيت ربا يحميه”، والله سبحانه وتعالى أنزل القرآن وأقسم بحفظه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ، فهو محفوظ في الصدور كما هو محفوظ في السطور، فتقديسنا للقرآن الكريم هو تنزيهه عما لا يليق به باتباع أحكامه واجتناب نواهيه.
حادثة أراد الله بها الخير لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتحيي قلوبنا من الغفلة، فنصر الله آت لا محال، ولكن دورنا كمسلمين هو نصرة كتاب الله، بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، بتبليغ الغرب عظمة هذا القرآن الكريم، والتعريف بالإسلام الصحيح وتصحيح الصورة المزيفة التي رسمها الإعلام الكاذب المزيِّف المتحامل عن الإسلام.
ودور العلماء والأئمة هو توعية ونشر تعاليم الدين الإسلامي، وإحياء جذوة الإيمان في قلوب الأمة، بتجديد الفكر وتجديد الدين على ضوء الكتاب والسنة. وتوعية الشعوب بأن علماء الدولة إنما هم خدم لمصالح الرؤساء والحكام، وليسوا خداما للدين، وأن العلماء الأشراف الأحرار تتم محاربتهم وتهميشهم.
إن أمر هذه الأمة لا يقوم إلا بالرجوع لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تربية وتنظيما وزحفا. والخير فيها قائم، بشرط أن نجعل القرآن الكريم خلقنا وهدينا ودستورنا.. والإسلام دين رحمة وحوار، لذلك كان على الدعاة العاملين، إضافة إلى جهودهم في تعريف المسلمين بدينهم الحق، أن يفتحوا أبواب الحوار مع غيرهم من أهل الكتب السماوية.