نعيش هذه الأيام أحلى ذكرى، ذكرى الحبيب المصطفى، ذكرى مولد خير البرية، من أتى رحمة للعالمين مصداقا لقوله تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”. رسول الرحمة والعفة، رسول الصفاء والشفوق على هذه الأمة.
يا حبيبي يا رسول الله، يا من علمتنا دين الله، يامن أنت أحن علينا من أقاربنا وعشيرتنا، فأنت المناجي ربك من أجلنا فقد جاء في الحديث القدسي:
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلا قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ : رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ 1 ، وَقَالَ عِيسَى: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 2 ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي، وَبَكَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِمَا قَالَ، قَالَ: وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: اذْهَبْ يَا جِبْرِيلُ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلا نَسُوءُكَ” صلى الله عليك عدد ما في السماء والأرض، صلاة كاملة تامة.
سبحان الذي بعثك وسواك وخلقك واصطفاك من بين خلقه لتزكيهم وتدلهم وتعلمهم.
علمك فعلمتنا أن نطلب الخلاص الجماعي بدل الفردي، ووصيت بكتاب الله حفظا وتدبرا حتى يكون منارا في طريق التائهين ونورا للمهتدين.
علمتنا أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه و يده قال عبد الله بن عمرو: رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه”
يا من صلى عليه إله البرية، يامن قرن اسمه باسم الجنان في الشهادتين وفي التكبير وفي الإجلال علمتنا أن الرحيم اللين تحرم عليه النار فكنت خير زوج لزوجه، ووصيت بالنساء خيرا، عن أم المؤمنين عائشة لما سئلت رضي الله عنها عن خلق النبي عليه الصلاة والسلم، قالت: “كان خلقه القرآن” صحيح مسلم.
كنت خير أب لأبنائه تحن وترحم وتحسن وتكرم.
كنت خير من عامل الناس باختلاف أعمارهم ومستوياتهم، فهذا أنس كان شديد الإعجاب بشخصيتك “كان رسول الله من أحسن الناس خلقا، ولا مسست خزا قط ولا حريرا ولا شيئا كان ألين من كف رسول الله، ولا شممت مسكا قط ولا عطرا كان أطيب من عرق النبي” رواه الشيخان.
كنت خير هاد لضال، جمعت الخيرية كلها، ولم تزدك إلا تواضعا و طلبا في رضى المولى.
كنت خير داع لقومه، قال له بعض أصحابه رضي الله عنهم: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال عليه السلام: “إني لم أُبعث لعَّاناً، وإنما بعثت رحمة” رواه الإمام مسلم رحمه الله.
فصلى الله عليك صلاة تامة، كيف لا أسحر بك وبحبك وكيف لا أحتفل بذكراك وأنت عطر الندى، كيف لا أرفع قلمي للكتابة عن ذكراك وأنت من تذكرني في السماء، فأنت القائل : إنّ الله أعطى ملكاً من الملائكة أسماء الخلائق كلهم، وأسماء آبائهم، فهو قائمٌ على قبري إذا مت إلى يوم القيامة، فليس أحدٌ يصلّي عليّ صلاةً إلا قال: يا محمد !.. صلّى عليك فلان بن فلان بكذا وكذا، وإنّ ربي كفل لي أن يصلّي على ذلك العبد بكل واحدةٍ عشراً”
فاللهم صل وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وذي النورين عثمان وأبي السبطين علي وعن آل بيت نبيك الطيبين الطاهرين وعن أزواجه أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعيين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك وكرمك وعفوك وإحسانك يا أرحم الراحمين آمين آمين.