إلى كل حر..

Cover Image for إلى كل حر..
نشر بتاريخ


ونحن نعيش شهر يناير، شهر كسر الأغلال عن رقاب وسواعد الأمة العربية والإسلامية.
فمنذ هبت النسائم الطيبة على الأمة سنة 2011، نهضت الهمم، وانتعشت الإرادات، وسمقت الآمال إلى استعادة ما سلب منها من كرامة وسيادة وخيرات. وانكفأ الطغاة بين طريد وسجين وهالك. لكن بعد برهة اتضح، كما هي سنن التغيير، أن الطغاة ليسوا فقط أشخاصا يكفي في الأمر إبعادهم، إنما هم أخطبوط من ذوي النفوذ والمصالح والوالغين في خيرات الأمة ببطون مثقوبة لا يملؤها شيء ولو حشي فيها كل تراب الأرض. وأن ذلك الانكفاء لم يكن إلا كمون الأفاعي الغادرة سرعان ما خرجت مرة أخرى من جحورها، وتعالى فحيحها، وانتشر سمها، وعملت وتعمل بكل ما أوتيت من مكر لقتل تلك الآمال وشل الإرادات وتنكيس الهمم.
هذا ظنهم الكسيح، وظننا بالله يقين قاطع أنه سبحانه إنما يؤخرهم إلى أجل تكون فيه مكونات الأمة قد وعت الدرس جيدا ولمت شملها، وتكون فيه جرائم الطغاة قد استوفت كل أركانها، ويكونوا بجرائمهم قد بلغوا بشروط التغيير مبلغها.
وإلى ذلكم الحين فالأمل أن تتركز جهود كل الأحرار على ما يلي:
– تقوية المجتمع ومناعته بالسعي، الذي لا يمل ولا يكل، إلى تكاثف جهود كل أبناء الأوطان ومكوناتها، وإن الأحداث الجارية علمتنا أهم درس وهو أن قوة الاستبداد ليست ذاتية، وإنما يستمد قوته من ضعف المجتمع. ولنعلم أن تثبيت لبنة صلبة في بناء صرح المجتمع يقابلها سحب لأخرى أو أكثر من البناء المنخور للاستبداد.
– طول النفس: فالمستبدون حين يكثفون القمع ويوغلون في الشراسة فمن أجل بث الإحباط، وإهالة السكون وروح الهزيمة، وشرخ الصفوف داخل بنية الممانعة بكل تياراتها ووسط المجتمع. لكن، وكما أن حبل الكذب قصير فإن حبل الظلم أقصر، وإنما النصر صبر ساعة وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : “وإن النصر مع الصبر”.
– عدم السقوط في شرك استعجال نتائج الحراكات المجتمعية، لأنه من أخطر مهددات الحركات التغييرية، بل إنه من أنجع الأسلحة والفخاخ التي تنصبها الأنظمة المستبدة للإيقاع بالحركات التغييرية وتحويل وجهتها وللارتداد على موجات التغيير.