اعتبر الأستاذ محمد حمداوي منسق المؤتمر القومي الإسلامي في الساحة المغربية، أن الوضع المغربي بعد مرور أربع سنوات من توقيع اتفاقية التطبيع مع الكيان الصهيوني يبين تورط عدد من الجامعات والمؤسسات الجامعية المغربية مع جامعات حربية تقدم العامل البشري والخدمة “العلمية” للجيش الصهيوني من أجل قتل إخواننا في غزة.
الجامعات المغربية المطبعة متورطة في الدم الفلسطيني
ولفت في كلمته ضمن ندوة “مخاطر الاختراق الصهيوني للمغرب” التي نظمها المؤتمر القومي الإسلامي في الساحة المغربية الأسبوع الماضي، إلى أن الجامعات الصهيونية التي دخلت في هذا التطبيع هي كلها جامعات حربية بدون استثناء، موضحا أنها عبارة عن ثكنات علمية مع وضع “علمية” بين قوسين لأنها في خدمة الجيش الصهيوني بشريا بالمشاركة المباشرة في القتل للأساتذة والطلبة معا، ومعنى ذلك أن هناك أفواجا من الطلبة والأساتذة يشاركون في الحرب وقتل الأبرياء في غزة ثم يعودون إلى جامعاتهم، فضلا عن العمل في تطوير العتاد وتطوير كل أنواع المكر بالمدنيين وبعائلاتهم وأرزاقهم.
وفي وقت أكد حمداوي أن مراكز الدراسات في الجامعات الصهيونية هي التي تعطي للجيش الإسرائيلي كيف يستخدم أسلوب التهجير وتفخيخ البيوت، ذكر أيضا أن عددا من الجامعات المغربية متورطة في هذه الاتفاقيات المخزية، ومنها جامعة عبد المالك السعدي بتطوان والجامعة الأورو متوسطية بفاس، ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، والمدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالدار البيضاء، وجامعة محمد السادس ببن جرير، والجامعة الدولية بالرباط… كما أشار إلى تبادل الزيارات وإطلاق بعض الأندية في التعليم المدرسي وبداية العبث ببعض المقررات الدراسية.
وبينما أكد أن وضعية التطبيع محصورة في جامعات معدودة، أكد في المقابل أنها “كارثية، لأننا لا نقبل أن يطبع مغربي واحد مع مغتصب للأرض والمقدسات ومع رواد السادية في القتل والإبادة الجماعية. فكيف للجامعات أن تفعل ذلك”.
وأعزى المتحدث انحصار هذا المد التطبيعي بين الجامعات المغربية إلى طوفان الأقصى، الذي قلب الطاولة على المطبعين، وإلى رد فعل الطلبة والرأي العام المغربي، وهو الفعل الذي عبرت عنه الوقفات والمظاهرات المستمرة، ووسائل التواصل وتبين في التأطير العلمي والثقافي بالندوات والحوارات وغيرها. مشددا على فعالية المؤسسات المغربية المناهضة للتطبيع ولجانها المختصة في محاربة التطبيع التربوي.
الاختراق الصهيوني يبتغي توجيه البحث العلمي لفرض أجندات صهيونية
وفي المحور الثاني من مداخلته، لفت الأستاذ حمداوي إلى أن أول أهداف الكيان الصهيوني من الاختراق التربوي، هو استهداف المناهج الدراسية بالتغيير التدريجي الماكر، خدمة للغايات الصهيونية بالسيطرة على خيرات البلد، مع إمكانية تضمين السرديات الصهيونية في الكتب المدرسية والجامعية، وهو ما قد يطمس القضية الفلسطينية ويعيد تشكيل وعي الأجيال الجديدة.
ولن يسلم الأساتذة والطواقم الإدارية والتلاميذ والطلبة، من هذا الاستهداف بالقدر الذي توظف به الأندية المدرسية في التطبيع تحت شعارات براقة مثل التسامح والتعايش، بهدف غرس أفكار تقبل الاحتلال الإسرائيلي باعتبار أمرا طبيعيا وتقدم الكيان الصهيوني نموذجا علميا متقدما يجب التعاون معه، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى شرعنة وجودها في الوعي العام.
ويهدف الاختراق الصهيوني، يقول المتحدث، إلى “التحكم في البحث العلمي بتمويل وتوجيه أبحاث ومشاريع أكاديمية بشراكات إسرائيلية، لفرض أجندات بحثية معينة تخدم المصالح الصهيونية”. كما يهدف إلى “التجسس الأكاديمي” باستغلال العلاقات الأكاديمية والبحثية لجمع معلومات حساسة عن المغرب وقطاعاته الاستراتيجية خاصة في العلوم والتكنولوجيا والموارد والكفاءات، فضلا عن “محاولة محو الذاكرة التاريخية بتحريف الحقائق التاريخية حول القضية الفلسطينية والتقليل من أهمية النضال المغربي ضد الاحتلال الصهيوني”.
التأثير على تكوين النخب المستقبلية وغسل أدمغة
وذكر حمداوي ضمن تلك الأهداف “إضعاف الهوية الوطنية والقومية”، وذلك بنشر أفكار تروج السلام والتعايش مع الكيان الصهيوني على حساب مشاعر التضامن مع القضية الفلسطينية. مع “إفساد قيم التضامن العربي والإسلامي” بمحاولة عزل الشباب المغربي عن قضايا الأمة العربية والإسلامية وزرع فكر فردي بعيد عن الهوية الجماعية.
التأثير على تكوين النخب المستقبلية، وذلك باستقطاب الطلبة والأساتذة المميزين إلى برامج أكاديمية إسرائيلية، يجعلهم -يؤكد الفاعل في قضايا الأمة- عرضة لغسيل دماغي معرفي وإيديولوجي. شأنهم في ذلك شأن “ترويج الدعاية بالسماح لمؤسسة التعليم العالي بأن تصبح منصات لنشر الرواية الصهيونية عبر الندوات والمؤتمرات الأكاديمية”.
وتبتغي الصهيونية أيضا، يشرح المتحدث، في اختراقها للمجال التربوي للمغرب “إضعاف الحركات الطلابية المناهضة للتطبيع” من خلال قمع أو تقويض أو حصار أنشطة الحركة الطلابية المناهضة للاختراق الصهيوني للتقليل من دورها في التوعية والنضال، ومع ذلك أيضا “فرض تعاون تعليمي غير متكافئ باستغلال المغرب كقاعدة تجريبية للأبحاث الإسرائيلية في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتعليم الرقمي مما يجعل المغرب تابعا وليس شريكا في شيء”.
مواجهة الاختراق يتطلب استراتيجيات ذكية عملية فعالة دائمة منسقة
وفي المحور الأخير من مداخلته أكد الأستاذ حمداوي أن مواجهة هذا الاختراق يتطلب استراتيجيات وصفها بـ”الذكية والعملية والفعالة والدائمة والمنسقة فردية وجماعية”، وذكر منها 14 إجراء منها ما يتطلب المتابعة الدقيقة واليقظة للتغييرات التي تطال المناهج الدراسية من أجل التأكد من تضمين السرديات التي تخدم الاحتلال الاسرائيلي والحرص على تعزيز محتوى القضية الفلسطينية في المناهج الدراسية وربطها بتاريخ المغرب المناضل ضد الاستعمار.
وأكد أهمية فضح كل تجاوز في هذا الاتجاه مع تكثيف التواصل مع المؤلفين والمفتشين والمستشارين التربويين والأساتذة قصد تعزيز الوعي بمخاطر الصهيونية عبر بوابة المناهج الدراسية.
ولفت منسق المؤتمر القومي الإسلامي في المغرب في سياق هذه الاستراتيجية، إلى ضرورة تعزيز الوعي التلاميذي والطلابي بتنظيم ورشات ودورات توعوية حول مخاطر التطبيع التعليمي والأكاديمي واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر المحتوى التوعوي والتصدي للدعاية الصهيونية. كما أشار إلى أن التعاون مع جامعات ومراكز وأبحاث بديلة في الدول العربية والإسلامية والإفريقية ومع الدول الصديقة في أوروبا وأمريكا اللاتينية وآسيا ينبغي تشجيعه بدلا من الكيان الصهيوني.
المسؤولية مسؤولية مجتمع بكل مكوناته
وشدد عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان على جدوى “تقوية دور الحركات الطلابية والنقابية” ودعم الإطارات الطلابية من أجل القيام بدورها في مواجهة التطبيع، موضحا أن النقابات التعليمية عليها مسؤولية كبيرة في التصدي لهذا الاختراق في التعليم وكذلك جمعيات أولياء التلاميذ.
وكذا “كشف مخاطر التعاون الأكاديمي مع الكيان الصهيوني” عبر برامج إشعاعية مجتمعية منها تنظيم ندوات ومحاضرات توضح منطق الصهاينة في الهيمنة على التعليم والتأثير على العقول، وفضح محاولة غسل الصورة الصهيونية عبر التعليم من خلال مقالات وتقارير بحثية. كما أشار إلى “تشجيع الإنتاج الفكري والفني حول القضية الفلسطينية” بتحفيز التلاميذ والطلبة على إعداد مشاريع بحثية حول تاريخ فلسطين وخطر الصهيونية على التعليم ودعم إنتاج أفلام وثائقية ومسرحية تعزز وعي الأجيال الجديدة بالقضية.
ولم يغفل الأستاذ حمداوي أهمية الضغط الشعبي المؤسساتي، موضحا أنه لا بد من تنظيم حملات شعبية مستمرة تطالب الحكومة بإلغاء أي اتفاقيات أكاديمية مع الكيان الغاصب والاحتجاج الميداني داخل المؤسسات وخارجها على جميع الأشكال التطبيعية مع الكيان، ومواصلة الضغط من أجل سن قوانين تجرم التطبيع.
وفي آخر الإجراءات التي ذكرها المتحدث في التصدي للاختراق الصهيوني، اعتبر أن عمل الجمعيات والحركات الدعوية والأحزاب والنقابات ملزمة بتضمين برامجها التعليمية والتدريبية والتأهيلية والتأطيرية حصصا أساسية حول التحصين من مخاطر الاختراق الصهيوني لبلدنا وترسيخ حضور القضية الفلسطينية بمقاومتها وبمقدساتها وبعدالتها في القلوب وفي العقول وفي الوجدان.
في هذا الشريط مداخلة الأستاذ حمداوي كاملة: