أعد طفلك لاستقبال شهر رمضان

Cover Image for أعد طفلك لاستقبال شهر رمضان
نشر بتاريخ

قال تعالى شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [سورة البقرة، الآية 184].

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصيام جنة من النار كجنة أحدكم من القتال” [رواه أحمد وغيره].

أخي الكريم أختي الكريمة؛ شهر رمضان على الأبواب وهو شهر القرآن والصيام والبر والإحسان، فأعد نفسك لتهيئ طفلك وتوجهه للتعرض لنفحات هذا الشهر العظيم، وذلك بتعويده على الصيام والقيام وتلاوة القرآن وفعل الخيرات.

ولدك عملك الصالح

روى الطبراني عن أبي أمامه رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَا مِنْ ناشئ يَنْشَأُ فِي الْعِبَادَةِ حَتَّى يُدْرِكَهُ الْمَوْتُ ، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ أَجْرَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ صِدِّيقًا”. فتعليم الطفل أمور الدين وتدريبه على العبادات واجب شرعي وضرورة تربوية وهو من عمل ابن آدم، وهي كسائر الواجبات الشرعية من أداها يثاب عليها ومن تركها عوقب عليها. فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المولود حتى يبلغ الحنث ما عمل من حسنة كتبت لوالديه وما عمل من سيئة لم تكتب عليه ولا على والديه فإذا بلغ الحنث جرى عليه القلم” [رواه أحمد وأبو يعلى]، والحنث هو الإثم: أي حتى يبلغ سن البلوغ الشرعي.

والسيئة التي لا تكتب على والديه هي التي لم يرشده إليها وحذره منها وفعلها من تلقاء نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله عز وجل ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته وان كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه، ثم قرأ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَٰنٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَآ أَلَتْنَٰهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَىْءٍۢ ۚ كُلُّ ٱمْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ قال: “وما نقصنا الآباء بما أعطينا البنين” [رواه البزار والطبراني].

فهنيئا لمثل هذا الوالد والوالدة بهذا الابن الذي ربياه على الدين والخلق، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يتبع الرجل يوم القيامة من الحسنات أمثال الجبال فيقول أنى هذا؟ فيقال باستغفار ولدك لك”.

الولد الصالح في البيئة الصالحة

لقد كانت بيوت المسلمين تعلم الأولاد الصغار مسائل الإيمان فيدركونها ويشبون عليها، نلاحظ ذلك من خلال ما رواه مصعب الأسلمي رضي الله عنه قال: انطلق غلام منا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “إني سائلك سؤالا قال: وما هو؟ قال: أسألك أن تجعلني ممن تشفع له يوم القيامة، قال: من دلك على هذا؟ قال: فإنك ممن أشفع له يوم القيامة” [رواه الطبراني].

فالإيمان بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وبالحساب والجنة والنار كانت أمرا مشاع العلم بين الصغار حتى اهتم بها هذا الغلام فسألها النبي صلى الله عليه مسلم.

وقد تعوض الصحبة الصالحة هذه البيئة الصالحة، فالصاحب ساحب، والمرء على دين خليله. قال الإمام الغزالي “الصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة فإن عود الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة”.

وصدق الشاعر حيث قال:

وينشأ ناشئ الفتيان فــينا

على ما كان عوده أبــوه

ومادان الفتى بحجا ولــكن

يعوده التدين أقربــــــــوه

الهدية والابتسامة والتصابي للطفل أسهل الطرق إلى قلبه

المطلوب من الوالدين تعويد طفلهما على الصيام وتحبيبه إليه بالحديث عن فضله، وإفهامه أن من ترك الطعام والشراب وصام فإن الله سبحانه وتعالى يطعمه ويسقيه من طعام وشراب الجنة، وأن الله تعالى يحب الأولاد الذين يصومون وهم صغار، ويمكن التغافل مع الطفل الصغير الذي يصوم إذا شرب أو أكل، وليكن الاتفاق معه على أن يصوم حتى الظهر ثم بعد ذلك حتى العصر وفي بعض الأيام حتى المغرب، حتى يألف الصيام ويتدرب عليه، كما يمكن إشغاله وتلهيته باللعب عن الطعام والشراب أو وعده بجائزة أو شيء يحبه إذا صام بعض الأيام كاملة. فعن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: “أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان مفطرا فليتم بقية يومه، فكنا بعد ذلك نصومه ونصومه صبياننا الصغار ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم أعطيناه إياه حتى يكون الإفطار. وفي رواية: “نصنع لهم اللعبة من العهن، فنذهب به معنا فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة نلهيهم بها حتى يتموا صومهم” [رواه البخاري ومسلم]. والعهن: الصوف المصبوغ.

ويحسن تهيئة ذهن الطفل قبل إقبال شهر رمضان، وما اعتاده الناس من تزيين البيوت والشوارع وإضاءة الأنوار والفوانيس لكل ذلك أثر طيب في نفس الطفل الصغير تجعله يفرح بقدوم شهر الصيام.

توجيهات تربوية

– عـود طفلك على تحية الإسلام مثل الكبار، فعن أنس رضي الله عنه: قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم، ليكن سلامك بركة عليك وعلى أهل بيتك” [رواه الترمذي].

– أن يجتمع أهل البيت في وقت لسماع القرآن يقرؤه الطفل إن كان حافظا لبعض السور أو من المصحف، وكذلك سماع أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم مع شرح مبسط لمعانيها، أو مدارسة بعض المناسبات الإسلامية كغزوة بدر الكبرى.

– اصطحاب الطفل إلى المسجد ومجالس العلم والإيمان وعند زيارة الأهل والأحباب، مع الإرشاد والتوجيه برفق ومودة حتى يحب هذه الصحبة ويرغب فيها.

– أن نطلب من الطفل أن يؤذن للصلاة ويقيمها ويصلي مع الوالدين أو مع إخوته الكبار أو مع والدته.

– الحديث عن الجنة يجب أن يكثر في كل مناسبة أمام الطفل، حتى يشب وقد تعلق فؤاده بهذا الوعد الكريم من رب العالمين. وهذا يكون له بالغ الأثر في سلوك الطفل في كل مراحل عمره إذ يهون عليه مصاعب الدنيا ويحفزه على الاجتهاد في الخير والطاعة.

– إبراز قيمة العيد وسننه وكيفية الاحتفال والفرح فيه، مع لبس أفضل الثياب والاغتسال والتطيب بعد صلاة الفجر، والإفطار على تمر، والذهاب من طريق والعودة من آخر. على أن نعطي الطفل مبلغا من المال ولو قليلا ليتصدق به قبل صلاة العيد لإشراكه في فضل وثواب زكاة الفطر.

– تحفيظه بعض الشعر يكون له زادا وعونا، مثل هذه الأبيات:

في قلبي الخاشع آيـــــات

وسلاحي صوم وصـــلاة

والله تعالى يحفظنـــــــــي

فالصوم يزيد الحسنــــات