أطفالي ضائعون!

Cover Image for أطفالي ضائعون!
نشر بتاريخ

عددهم كثير وبيتهم كبير وعمرهم صغير. في أقصى الظروف يعيشون، ومن كل المشاكل يعانون. ضائعون فلا قلوب تحتضنهم ولا أيادي سخية تعولهم، ولا من يلتفت إليهم بنظرة حنان واحترام. هم ورود برية تحتاج لمن يسقيها ويرعاها وينزع الأشواك المحيطة بها . باسم الأمومة والأبوة هم أطفالي وأطفالكَ وأطفالكِِ. انفطر قلبي عليهم، فتساءلت: أين آباءهم وأين أمهاتهم ؟

أطفالي في الشوا رع

من منا لم يمر على مشهد لوجوه ذابلة و أجسام متسخة و بطون جائعة، لا تملك إلا نفايات الأزبال تسد بها رمقها، يفترشون الأرض ويلتحفون قطع الورق ليتستروا بها عند النوم، يجوبون الشوارع ليلا ليجمعوا فضلات النهار. شهيقهم وزفيرهم المخدرات ودخان السيارات. هم أولاد لأسر مفككة وفقيرة، إن اقتربوا من الناس لطلب الصدقة التي قال فيها عز وجل :وفي أموالهم حق للسائل والمحروم 1 ، لا يلقون إلا الشتم والصد…

فسؤالي: من هم آباؤهم ومن هن أمهاتهم؟

أطفالي يشتغلون

بيوت كثيرة فيها بنات، يكنسن وينظفن ويجلبن السخرة ولا يرتحن، بل يُشتمن ويُضربن ويُقسى عليهن حتى إن أيديهن وأرجلهن تكاد لا تُميز أهي لأطفال أم لعجائز؟ يعتنين بأطفال وهن أطفال.

دكاكين كثيرة فيها أولاد تجدهم في مهن، أجسام سوداء تحت سيارات أو دراجات يُصلحونها، مع صفعات على الوجه تترك آثارها. أيدي صغيرة تنجر الخشب وقد تفقد أحد أصابعها. إذا مررت سائحا في أزقة الحرف التقليدية افتح عينيك جيدا والتقط صورا عديدة لأطفال يصقلون الفضة ويخرزون الجلد ، أو إلى جانب خياط يلفون الحرير ….

فسؤالي : من هم آباؤهم ومن هن أمهاتهم؟

أطفالي في دور الأيتام

نحن نعرف ما يُسمى بالخيرية، هي دور الأيتام، طعام جاف وفراش بارد،لا يجدون قلبا دافئا رحيما حنونا إلا نادرا، يُستغلون تحت شعارات جوفاء وراءها مصالح مالية تستعطف المنظمات الدولية لجيوب ملأى ليست فارغة. والعار كل العار يلحقهم في كبرهم عند زواجهم وعملهم، في انتمائهم لمجتمعهم الذي أنتجهم، فهم أولاد الخيرية. فسؤالي: من هم آباؤهم ومن هن أمهاتهم؟

أطفالي مرضى

كلنا يعلم وبعضنا يستغرب، عند سماعه الإحصائيات والأعداد المهولة للأطفال المرضى بالسرطان والسكري والقلب وأمراض المخ والسل…..

والدة ذبلت قرب سرير ولدها أرهقها السهر والبكاء على فلذة كبدها، ووالد يتألم لجيب فارغ لن يسعفه في علاج وإطعام ولده .

هذا الوالد وهذه الوالدة، فأين الآباء وأين الأمهات؟

أطفالي معاقون

فقد بصره من أثر الحمى، أو فقد رجله في حادث سير، أو أصاب جسمه مرض فالتوت عظامه، أو وُلد معاقا، وقد تجده سليما جسديا معاقا ذهنيا، يحتاج كرسيا متحركا، أو عصا تتحسس ملامح الطريق، أين المدرسة المتخصصة ليدرسوا فيها والمجتمع المؤهل لاحتضانهم و احترامهم والحنو عليهم ؟

من هم آباؤهم ومن هن أمهاتهم؟

نتأمل فنرى أنهم أ بناء والدين أهلكهم الفقر والجوع والمرض وقسوة المجتمع.

لكن هم أطفالي وأطفالك أيضا، أودع الله في قلوبنا أبوة و أمومة تسعهم كلهم إن تعاونا.

فلماذا نبخل عليهم؟ ألا نبذل من عطفنا ووقتنا وحناننا ومالنا لأبنائنا وبناتنا؟ ولماذا نتهرب من المسئولية ونحملها الآخرين ؟

فهلا تعاون كل من موقعه في المجتمع، ليكفل اليتيم ويأوي المتشرد في مساكن لا في سجون،

و يعيل ضرورات المحتاج من مسكن وطعام وملبس ودواء.

ما نجود به لأولادنا من الأصلاب و الأرحام، نجود به لأطفالنا في المجتمع.

فهل وعت العقول ورقت القلوب، ففهمت وأجابت ثم استجابت؟


[1] سورة الذاريات، الآية : 19،