أصحاب الراحل اللياوي رحمه الله في السجن يذكرون خلاله الجميلة

Cover Image for أصحاب الراحل اللياوي رحمه الله في السجن يذكرون خلاله الجميلة
نشر بتاريخ

استقى موقع الجماعة.نت تصريحات لبعض رفاق الدكتور الراحل محمد اللياوي في السجن، الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الثلاثاء 12 يوليوز 2022.

في شهادته قال الدكتور محمد الزاوي، الباحث في الفكر الإسلامي وقضايا التجديد، أن الراحل رحمه الله تعالى كان أول من حاز شهادة الدكتوراه في مجموعة المعتقلين الإثني عشر في السجن سابقا، بل وفي تاريخ الاعتقال السياسي رغم صغر سنه بين المعتقلين. وذكر أنه كان متفوقا في مساره العلمي منذ عرفته مدرجات كلية العلوم بجامعة محمد الأول بوجدة في العلوم الفيزيائية. وأنه استطاع أن يجمع إلى ذلك العمل النضالي، فكان معروفا بـ“إقدامه المتزن الصادح بالحق المدافع عن حقوق الطلبة في زمن خفوت صوت الطلبة الإسلاميين المحاصرين ظلما وعدوانا”.

وعرف الزاوي رفيقه في السجن لسنوات طويلة (18 سنوات)، أدوا خلالها ضريبة الصدح بالحق ظلما وعدوانا، بأنه “شاب نشأ في عبادة الله طالبا لمعالي الأمور، مشمرا على ساعد الجد والاجتهاد والجهاد.. عرفته طالبا شابا وسيما رقيقا أنيقا، يتودد إليك بلين معشره، ويطرق باب قلبك من غير استئذان، ذا طموح عال وإرادة صلبة لا تلين، تذكرك مواقفه طالبا ومعتقلا بشموخ وشهامة قبيلة “بني زناسن”” التي ينحدر منها.

وكان مما تلمسه معاينة ومعاشرة في صحبته طوال سنين السراء والضراء “سمت العبد الخاضع لجلال الملك المتصرف في كونه ابتلاء وخفضا دون سخط أو اعتراض، المتقرب إلى المولى الكريم الوهاب بأصناف الطاعات والقربات دون ترخص جاف ولا تشدد غالٍ”.

وأنهى الزاوي تصريحه بالترحم على رفيق دربه قائلا: “رحمك الله سيدي محمد عشت شامخا في وجه الظالمين المفسدين، ودودا ذليلا للمؤمنين، وترجلت إلى سماء القرب في أيام التكبير والتحميد والتهليل كبيرا حامدا شاكرا، تقبل الله منك سيدي محمد صالح الأعمال وأخلص النيات، وجمعنا الكريم الوهاب في حضرة القرب والوداد إخوة في الله على سرر متقابلين لا مبدلين ولا مدبرين”.

الدكتور بلقاسم زقاقي أحد رفاق السجن تحدث عن مسار الراحل، موضحا أنه انتقل بعد مرحلتي الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية بمدينة بركان، إلى كلية العلوم بوجدة حيث التحق بفصيل طلبة العدل والإحسان ليصبح أحد مناضليه ودعاته، فساهم في إشعاع الفصيل والتمكين له في رحاب الجامعة في زمن كان فيه الإسلاميون عموما يعانون من الإقصاء والتهميش النقابي والسياسي.

ولأنه كان فاعلا نقابيا نشيطا اعتقل مع ثلة من نشطاء طلبة الجماعة الذين حكم عليهم بـ20 سنة سجنا ظلما وعسفا، ورغم الاعتقال، يضيف زقاقي، واصل محمد اللياوي عطاءه العلمي والتربويَ برغم الظروف العصيبة فاستطاع أن يحصل على الإجازة في القانون والدكتوراة في الدراسات الإسلامية.

وكشف الزقاقي أنه في فترات المساومات المخزنية لم يلتفت الراحل اللياوي إليها، كباقي رفقائه في الاعتقال الذين طالبوا باسترجاع الحق غير منقوص، وأن العفو يطلبه الجناة وليس المجني عليهم.

ومن الأحداث الجسام التي عاشها اللياوي رحمه الله تعالى أثناء اعتقاله فقده لأمه رحمها الله تعالى “ولم يكتب له أن يكحل عينيه بنظرة وداع، أو يبرد شفتيه بقبلة جميل وعرفان، ولكنه في كل ذلك لم يشك بثه وحزنه إلا لله، بصبر يوسفي وهمة سامية”.

وأشار زقاقي إلى أنه بعد الإفراج عاد اللياوي ليواصل مسيره الجهادي وسط الجماعة من خلال مركز البيضاء العلمي، وكان حضوره الدعوي والتربوي داخل الجماعة بارزا، مخلصا في صحبته للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى، وقد ألهمه الله الصبر والرضى بقضائه فكان ذاكرا للآخرة مذكرا زواره خلال فترة مرضه إلى أن توفاه الله تعالى.

الدكتور محمد بهادي، أحد المعتقلين الإثني عشر، أكد كل خصال الخير التي ذكرها أصحابه قائلا: “عرفته قبل الاعتقال رجلا صادقا مقداما سباقا للخير محبا محبوبا وعرفته داخل الاعتقال بتلك الصفات وزيادة.. فقد كان صابرا محتسبا كثير التبسم والبشر لا يعرف معنى الحقد أو الكدر أو الكراهية أو اليأس والقنوط، يألف ويؤلف.. وعرفته بعد الاعتقال بصفات أخرى: بالوفاء والاستسلام لأمر الله، والرضى بقدره، والمحبة الصادقة لإخوانه”.

وعبر عن إحساسه بفقد صاحبه بقوله: “ترك في قلوبنا ألما ووحشة لا يمكن حجبها إلا بتفويض الأمر إلى الله تعالى”، وتوجه بالدعاء إلى المولى الكريم “أن يجمعنا وإياه في مقعد صدق مع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، مع الحبيب المرشد ومع كل الأحبة الذين سبقونا إلى الدار الآخرة رحمهم الله جميعا، فرحين مستبشرين برضى ربنا عز وجل وكرمه”.