وقفت أمام هاتين الكلمتين وقوف الناظر المتمعن، للفظتين قد تبدوان في الوهلة الأولى تشكلان التناقض، نتيجة ما أصبح يشاع أن الزواج هم وغم ومشاكل لا تنتهي. فإذا بمفاتيح اللغة تفتح بشائر التأمل في خاطري وتأتي المعاني تباعا.
فالأولى كلمة الأسرة بما تحمله في طياتها اللغوية من معاني الأسر والقيد التي يلجأ إليها الإنسان بدافع اختياري، في أن يحقق ورفيق الأسر الصالح المشترك الذي لا يتم ولا يتحقق إلا بقيد وأسر. أسر داخل حصن مشترك يقيد شهواته ويحصنها داخل سياج محكم غليظ، وياسر خاطره وقلبه أسر محب لاطاقة له عن العذول. وبما هي مضاف إضافة تميز وغناء لياء المتكلم،وماترمز إليه ياء المتكلم من غريزة الامتلاك. امتلاك لهذا الحصن المسيح يبعث في النفس رغبة الدفاع والمقاومة والمحافظة عليه بكل غال ونفيس،واستعمال جميع الوسائل المتاحة، حتى لاينفلت القيد ولا يفك الأسر.
وتأتي الكلمة الثانية؛جنتي كوصف دقيق لما سيؤول إليه الأسر، ولتضفي طابع الجمال والجلال على هذا القيد المحصن،جمال الستر الموافق للجنة، وجمال الخضرة الدائمة داخل البستان العظيم المسيج. وجلال ماتنشئه من خلفاء يعمرون البستان و بذور تنتشر في الربوع لتزهر وتنمو،وجلال ماترنو إليه وهو الفوز جميعا بجنة الخلد يوم ينادي مناد ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون.
جنة هي الأسرة إذا نحن اعتنينا بالغرس سقيا وللاغضان تهذيبا وجعلناها ضفائر زيزفون مائسة،تغري بظلها في الحر وتلحف بدفئها في القر.
أنت أيها الإنسان رجلا أو إمرأة انت الزارع الماهر للبذور والمعتني بها تفقدا وحبا ورعاية، وأنت الذي يجني ثمارها إذا أينعت وطال ساقها. فالأزهار تنمو بالحب والود والحنان. وكأني برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينادي الزهراء مدللا “ريحانتي أشمها”، ريحانة تفتحت في الأكمام بحبه وعنايته وتهذيبه، ففاح عطرها وانتشر عبقها.
هذا هو نهج سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، هذه هي طريق الصلاح والفلاح والخيرية. خيرية لن ينالها اي منا إلا بالاتباع لما سنه الرحمة المهداة، وهو القائل خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي.
أسرتي جنتي: دلالة المبنى ورمزية المعنى
نشر بتاريخ
نشر بتاريخ