شهر رمضان شهر خصه الله بفضائل كثيرة وخيرات عظيمة، فهو شهر نزول القرآن، أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق أبواب النار، فيه ليلة خير من ألف شهر.. إلى غير ذلك من الفضائل. لذلك كان النبي صلى الله عليه و سلم يبشر أصحابه عند حلوله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه تفتح فيه أبواب السماء وتغلق أبواب الجحيم وتغل فيه مرة الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم” [أخرجه أحمد والنسائي].
إنها بشرى عظيمة، كيف لا نبشر بشهر يفتح الله أبواب الجنان فيه؟ كيف لا يبشر المذنب المقصر بشهر تغلق فيه أبواب النار؟ كيف لا يفرح بليلة خير من ألف شهر؟ كيف لا نفرح بشهر لا تحصى فضائله ولا تعد فوائده؟ كيف لا نفرح بشهر له قدسية ومكانة في الأرض والسماء؟ كيف لا نفرح بشهر أنزل فيه القرآن هدى للأمة ليزيل الغمة وينير القلوب ويهدي الخلق لعبادة الله؟
إن صيام شهر رمضان واجب في الكتاب والسنة، قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة، 185]. عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر” [رواه مسلم].
شروط صحته
الصوم في الإسلام هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، كما أن صوم رمضان من كل عام فرض بإجماع علماء المسلمين، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفضائله متعددة.
فما هي هذه الفضائل؟
فضائل الصيام
1- البعد عن النار: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا” [رواه البخاري].
2- الصوم جنة: عن عثمان بن أبي العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصوم جنة من عذاب الله” وفي رواية: “الصوم جنة من النار كجنة أحدكم من القتال” [أخرجه النسائي وأحمد بن ماجة].
3- الصوم يشفع لصاحبه: عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: اي رَبِّ، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفعني فيه، قال: فيشفعان” [أخرجه أحمد].
4- الصوم مضاف إلى الله تعالى، إضافة تشريف وتعريف بقدر الصيام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”.
5- الصيام كفارة من الذنوب: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” [متفق عليه].
6- دعوة الصائم لا ترد: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم” [أخرجه الترمذي].
الأعمال الصالحة في رمضان
جبر الخواطر: وهي عبادة خفية لا يعرف لذتها إلا من جربها لما فيها من تفريج الكرب وتيسير الأمور مع الأجور ما لا يعلمه إلا الله. وحري بنا أن نجبر خواطر الناس في هذا الشهر العظيم بصدقة خفية وبكلمة طيبة، أو لمسة حانية، أو نظرة راضية، أو تفريج كربة مكروب، أو أخذ بيدي ضعيف، أو إطعام مسكين، أو مسح على رأس يتيم، أو قضاء حاجة. “عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم تكشف عنه كربة أو تقضي له دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة له أحب إلي من أن اعتكف في مسجدي هذا شهرا، يعني مسجد المدينة” [رواه الأصبهاني].
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجبرنا، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: “اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني” [سنن الترمذي].