أدب الصحابيات في الطلب.. أم طليق نموذجا

Cover Image for أدب الصحابيات في الطلب.. أم طليق نموذجا
نشر بتاريخ

لسنا بصدد كتابة ترجمة وافية للصحابية الجليلة أم طليق الأنصارية، بنت من هي ومن أين ينحدر نسبها؟ فذلك مجال آخر، وإنه يكفيها أن يكون لها موقف شهد بصوابه وصدقه المعلم المربي عليه الصلاة والسلام، كي ترتفع إلى مصاف القدوات في ذلك الموقف، وكي تشرئب أعناقنا وتتحفز إراداتنا – نحن المتشوفات إلى بلوغ كمالنا الخلقي والوظيفي – لمتابعة مشهد حي من مشاهد الحافظية التي بها لا بغيرها تبلغ الزوجات كمالهن الوظيفي. فلنأخذ لأنفسنا استراحة لنتعلم ونتربى وننهل من كنوز هذا الحديث/الحوار الذي دار بين هذين الزوجين وما أسفرت عنه المفاوضات بينهما.

الحديث من مصادره

حفظت لنا كتب السنة، بروايات متعددة، مواقف كثير من الصحابيات في حجة الوداع يطلبن فضل صحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام ومرافقته، ويتمسكن بحقهن في ذلك، أورد بعضها الإمام البخاري في “باب الحج مع النساء”، والإمام ابن حجر العسقلاني في “الإصابة في تمييز الصحابة”، كما حدث ببعضها الألباني في “السلسلة الصحيحة” ومنها هذا الحديث بالصيغة التي بين أيدينا عن الصحابي الجليل – راوي الحديث – أبو طليق رضي الله عنه.

روى طليق بن حبيب البصري أن أبا طليق حدثهم أن امرأته أم طليق أتته فقالت له: حضر الحج يا أبا طليق، وكان له جمل وناقة يحج على الناقة ويغزو على الجمل، فسألته أن يعطيها الجمل تحج عليه.

قال: ألن تعلمي أني حبسته في سبيل الله؟

قالت: إن الحج من سبيل الله فأعطنيه يرحمك الله.

قال: ما أريد أن أعطيك.

قالت: فأعطني ناقتك وحج أنت على الجمل.

قال: لا أؤثرك بها على نفسي.

قالت: فأعطني من نفقتك.

قال: ما عندي فضل عني وعن عيالي ما أخرج به وما أنزل لكم.

قالت: إنك لو أعطيتني أخلفكها الله.

قال: فلما أبيت عليها قالت: فإذا أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقرئه مني السلام وأخبره بالذي قلت لك.

قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأقرأته منها السلام وأخبرته بالذي قالت أم طليق.

قال: صدقت أم طليق، لو أعطيتها الجمل كان في سبيل الله، ولو أعطيتها ناقتك كانت وكنت في سبيل الله، ولو أعطيتها من نفقتك أخلفكها الله.

قال: وإنها تسألك يا رسول الله ما يعدل الحج معك؟

قال: عمرة في رمضان.

رواه البزار والدولابي في “الكنى والأسماء”.

فهل كان سجالا عاديا بين زوجين ليؤثل لنا مثل ما أثل حوار أبي طليق وزوجته من خيرٍ طال الأمة بأكملها، لو انطلق الحوار بينهما بنفس النبرة التصاعدية التي بدأ بها الزوج، أو لو أن الزوجة خرجت عن هدوئها واتزانها النفسي بعد اليأس التام من نيل مرادها؟