أدب الأطفال بالمغرب

Cover Image for أدب الأطفال بالمغرب
نشر بتاريخ

ظهرت أولى ملامح الاهتمام بأدب الأطفال بالمفهوم الحديث في المغرب في صفحات جريدة “العلم” المغربية التي أفردت للأطفال صفحة سمتها “صحيفة الأطفال” وذلك انطلاقا من تاريخ 20 يوليوز 1947 1 . وفي نفس السنة ظهرت جريدة “صوت الشباب” التي اهتمت بالكتابة للشباب، وكانت تنشر كتابات موجهة للأطفال أيضـا.

ثم ظهرت “مجلة الأنوار” التطوانية سنة 1948 التي كانت تنشر في بعض أعدادها زاوية بعنوان: قصص للأطفال. ومجلة “هنا كل شيء” التي كانت تصدر في الدار البيضاء سنة 1952 والتي جعلت الأطفال ضمن اهتمامها 2 .

وقبل هذا التاريخ لا يمكن الحديث إلا عن متابعة بعض الصحف المغربية للإصدارات المصرية للأطفال. ففي سنة 1935 أشارت مجلة “المغرب الجديد” إلى صدور سلسلة “القصص المدرسية” لسعيد العريان وأمين دويدار ومحمود زهران.. 3 .

ومنذ الحماية الأجنبية على المغرب عرف أدب الطفل بالمغرب تطورا كبيرا وازدهر بعد الاستقلال إلى غاية نهاية القرن العشرين 4 . وتأثر تأثرا كبيرا بنظيره في المشرق وخصوصا المصري. وكان أبرز المصادر التي اعتمدها النقل هي قصص كامل كيلاني. فعلى طول سنوات 1947 و1948 و1946 نقلت “صحيفة الأطفال” بجريدة العلم اختصارا أو تصرفا أو نقلا تاما مجموعة لا بأس بها من قصص هذا الرائد مفردة أو مسلسلة) 5 . وفي المرتبة الثانية كان الاعتماد على قصص محمد عطية الأبراشي، ونقلت قصص أخرى بكمية أقل عن محمد سعيد العريان ومصطفى دردير ومحمد أحمد شيت وفاروق عابدين ومحمد عبيد ومحمد سيد أحمد وغيرهم.. 6 . ومنذ صدور مجلة “سندباد” كان قسم من الصحافة المغربية لا يكف عن تتبع أخبارها والاقتباس أو السرقة منها.. 7

أدت هذه المجهودات إلى الالتفات إلى أدب الأطفال بالمغرب، خصوصا بعد تعزيز هذا العمل بدخول مجموعة من المجلات المشرقية إلى المكتبات المغربية. وكان ذلك سببا في تحريك هذا الأدب. ومن تلك المجلات نذكر: مجلة العربي الصغير ومجلة ماجد، ومجلة سمير، ومجلة علاء الدين، ومجلة براعم الإيمان، ومجلة علي بابا، ومجلة تووت، ومجلة سبايس تون space toon، ومجلة باسم، ومجلة العرفان، ومجلة أحمد، ومجلة ميكي ذات الطبيعة الخليجية، ومجلة سنابل، ومجلة فراس، ومجلة الرواد، ومجلة الفردوس، ومجلة زمزم، ومجلة الأذكياء، ومجلة المزمار 8 .

وكان لهذه المجلات أثر ظاهر لفت انتباه المربين والأطفال معا، مما جعل الأقلام المغربية تحدوا حدوها، وتنتج مجلات الأطفال. وفي السبعينيات ظهرت عدة منابر ثقافية تهتم بقصص الأطفال مثل: “السندباد الصغير”، و”مغامرات سندباد للتلميذ”، ومجلة “أزهار”، و”مجلة الإرشاد”، ومجلة “العندليب” التي ظهرت في سنة 1975م عن جمعية التعاون المدرسي، ومجلة ” المغامر” التي صدرت بإشراف أوبريم محمد، و”مناهل الأطفال” التي كانت تسهر عليها الوزارة المكلفة بالشؤون الثقافية إلى جانب “أزهار” و”هدية الندى” و”المغربي الصغير” و”التلميذ” و”براعم” و”أنباء الطفولة”، وهو ملحق تابع لجريدة الأنباء، ومجلة “مستعد” التي تكلفت بها الكشفية الحسنية، وجريدة “الرائدة” التي صدرت في سنة 2007م على يد أمال محمد مسوحلي) 9 .

ويحدد الدكتور حمداوي ثلاث مراحل كبرى لهذا الأدب بالمغرب وهي: 10

– المرحلة الأولى تمتد من 1936 إلى 1970 وسماها مرحلة الظهور.

– المرحلة الثانية وتمتد من 1970 إلى 2000 وسماها مرحلة التطور والازدهار.

– المرحلة الثالثة وتمتد من 2000 إلى اليوم ووصفها على أنها مرحلة الانكماش. عرف فيها أدب الطفل تعثرا ملحوظا وتراجعا كبيرا سواء على المستوى الكم أو على مستوى الكيف.

من الصعب تحديد ما إذا كان السبق في الظهور بالمغرب لمسرح الأطفال أم لقصصهم، ولكن بالنظر للنصوص المتوفرة بين أيدينا حاليا يتبين أن مسرح الطفل ظهر قبل قصص الأطفال. يقول الدكتور جميل حمداوي: أما إذا انتقلنا إلى مسرح الطفل، فتعود بداياته إلى فترة مبكرة من القرن العشرين وبالضبط إلى سنة 1923م، عندما قدمت فرقة قدماء تلاميذ مولاي إدريس الإسلامية مجموعة من المسرحيات الطفلية ذات الأبعاد التربوية والاجتماعية والأخلاقية والتاريخية) 11 .

وتحدث الدكتور جميل حمداوي عن مسرح الطفل والمسرح المدرسي وذكر ما بينهم من علاقة عموم وخصوص وأشار إلى الكتاب الذين كتبوا النصوص المسرحية للطفل فذكر: العربي بن جلون ومحمد سعيد سوسان وأحمد أومال ومحمد بوفتاس والمحجوب البديري وعبد اللطيف ندير والمسكيني الصغير وعبد الجليل بنحيدة ومحمد أجديرة ومجدول العربي وحجبي فوزية وفرقة البدوي. وذكر من الذين لا يزالون يشتغلون به على مستوى النقد أو التنظير: سالم أكويندي، وعبد القادر أعبابو، ومحمد مسكين، وعبد الكريم برشيد، ومصطفى رمضاني، ويونس لوليدي، ومصطفى عبد السلام المهماه، وأحمد زكي العلوي، ومحمد تيمد، ومحمد الكغاط، وعبد الكريم بوتكيوت، ومهداد الزبير، والعربي بن جلون، ومؤخرا جميل حمداوي الذي يركز كثيرا على مسرح الطفل الأمازيغي 12 .

أما قصص الأطفال بالمغرب فقد ظهرت سنة 1936، حين كتب الأستاذ عبد الغني التازي قصتين بعنوان “القاضي والشجرة” و”سيدنا إسماعيل”. وقد صدرتا معا عن مطبعة أندري بفاس 13 . وربط الأستاذ محمد أنقاربدايتها بالحركة الوطنية وبجريدة “العلم” التي خصصت للصغار “صفحة الأطفال” انطلاقا من 20 يوليوز 1947. واعتمد كتاب قصص الأطفال على النقل والترجمة والاقتباس والتجديد، وتأثروا في ذلك بالأدب السردي العربي القديم (كليلة ودمنة، وألف ليلة وليلة)، كما تأثروا بالآداب الأجنبية والكتابات القصصية العربية المشرقية والمغاربية (تونس) كما كان يكتبها كل من محمد سعيد العريان، ومحمد عطية الأبراشي، ومصطفى دردير، ومحمود أحمد شريت، وفاروق عابدين، ومحمد عبيد، ومحمد سيد أحمد، وكامل الكيلاني، وعثمان جلال، وزكريا تامر 14 .

ومن أهم الكتاب الذين كتبوا قصص الأطفال في المغرب يذكر الدكتور جميل حمداوي: مصطفى غزال ومصطفى رسام، ومحمد شفيق، وعبد الكريم حليم، وعبد السلام ياسين، وعبد الحق الكتاني، وعبد الرحيم الكتاني، وجاكوب وانونو، ومحمد الصباغ، ومحمد الهيتمي، ومحمد علي الرحماني، وأحمد عبد السلام البقالي، وعبد الفتاح الأزرق، ومحمد إبراهيم بوعلو، وعبد الرحمن السايح، ومبارك ربيع، ومصطفى العلوي وأبا بكر المريني وعبد العزيز المنصوري ودكداك جلول وعبد الملك لحلو والعربي بن جلون ومحمد سعيد سوسان، وأحمد بوزفور 15 .

أول بيبليوغرافية أدب الأطفال ظهرت بالمغرب كانت على يد محمد أنقار سنة 1998. يقول الدكتور جيمل حمداوي: ويعد محمد أنقار من الدارسين السباقين إلى وضع دليل ببليوغرافي في مجال سرديات الأطفال، وذلك في ملحق كتابه “قصص الأطفال بالمغرب”، وتبعه فيما بعد العربي بنجلون بمجموعة من الببليوغرافيات المنقحة مثل: أدب الأطفال في المغرب، وأدبيات الطفل المغربي: ببليوغرافيا عامة، وكتاب الطفل بالمغرب) 16 .

أما الشعر الموجه للأطفال فقد ارتبط بالأناشيد والقصائد الوطنية والأغاني الخفيفة التي كان يرددها الأطفال داخل المدارس أو خارجها إبان الاحتلال الأجنبي أو بعد مرحلة الاستقلال إلى يومنا هذا 17 .

ومن الشعراء الذين كتبوا شعر الطفل يذكر الدكتور جميل حمداوي: محمد الطاهر الزيتوني، وعلي الصقلي، وأحمد عبد السلام البقالي وبعض الشعراء المغاربة الرواد الذين كانوا يكتبون للكبار والصغار على حد سواء كعلال الفاسي وعبد المالك البلغيثي والمختار السوسي ومحمد القري وعبد الله كنون ومحمد الحلوي 18 . ويذكر من الشعراء المعاصرين محمد علي الرباوي ومحمد لقاح، وجميل حمداوي 19 .

ويشير الأستاذ علي الصقلي إلى أن ما نظم من شعر للأطفال في مرحلة ما قبل الثمانينات كان إبداعا دون المستوى، لأنه كان محدود الآفاق وضيق المجال، ومتعثر لا يفي بالغرض الذي أريد له 20 .

وكان للإذاعة السمعية المركزية وفروعها الجهوية مساهمة في بلورة أدب الأطفال بالمغرب من خلال مجموعة من البرامج الموجهة إلى الطفل المغربي في الخمسينات والستينات 21 .

ويمكن الإشارة إلى أهم الكتب المغربية التي تناولت بالدراسة أدب الأطفال بالمغرب باللغة العربية، وهي: 22

1- أدب الطفولة المغربي – محمد الجعفري – طبع سنة 1981.

2- أدب الأطفال بالمغرب – العربي بن جلون (دراسات نقدية) – طبع سنة 1985.

3- لغة الطفولة والحلم – محمد برادة – طبع سنة 1986.

4- تاريخ مسرح الطفل في المغرب – مصطفى عبد السلام المهماه – طبع سنة 1986.

5- الطفل والفضاء المسرحي – سلسلة التكوين التربوي – محمد صابر – طبع سنة 1986.

6- ثقافة الطفل بالمغرب – مجلة الدراسات النفسية والتربوية (عدد خاص) – مجموعة من المربين- طبع سنة 1988.

7- المسرح المدرسي – سالم كويندي – طبع سنة 1989.

8- المسرح والتربية – عزيزة بناني – طبع سنة 1990.

9- العربي بنجلون: أدبيات الطفل المغربي: ببليوغرافيا عامة – طبع سنة 1991

10- المسرح المدرسي بين الوعي والممارسة – أحمد هيبة – طبع سنة 1994

11- الطفولة والخطاب – أحمد فرشوخ طبع – سنة 1995.

12- النبش الأول في مسرح الدمى بالمغرب – رشيد أمحجوز – طبع سنة 1996.

13- قصص الأطفال بالمغرب – للدكتور محمد أنقار – طبع سنة 1998.

14- ثقافة الأطفال بالمغرب (معجم أدب ونقد) – عبد الهادي الزوهري – طبع سنة 1999.

15- كتاب الطفل بالمغرب (ببليوغرافية عامة)- العربي بنجلون – طبع سنة 2000

16- تحليل الخطاب في حكايات الأطفال – ذ. عبد الهادي الزوهري – طبع سنة 2003.

17- أدب الطفولة والشباب – لطيفة الهدراتي وعبد الله مدغري علوي – 2004.

18- ببليوغرافيا أدب الأطفال في المغرب – للدكتور جميل حمداوي – طبع سنة 2009

19- د. جميل حمداوي: أدب الطفل بالمغرب – للدكتور جميل حمداوي – طبع سنة 2009

ومع كل المجهود الذي قدم في هذا الميدان يلاحظ الدكتور جميل حمداوي أن درس أدب الأطفال مازال مهمشا بالمغرب بدرجة كبيرة بالمقارنة مع أدب الكبار 23 . وأن الدراسات المنجزة حول أدب الأطفال بالمغرب ما زالت قليلة وتعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة) 24 . ويعزز هذا الكلام نُدرة مراجع أدب الأطفال بالمكتبات المغربية. ولعل ذلك مرتبط بمدى اهتمام الدولة بالبحث الأدبي والعلمي عموما وبهذا الأدب خصوصا من جهة، ومن جهة أخرى مرتبط بتدني المستوى التعليمي بالمغرب.


[1] قصص الأطفال بالمغرب – محمد أنقار – ص: 107.\
[2] قصص الأطفال بالمغرب – محمد أنقار – ص: 113.\
[3] قصص الأطفال بالمغرب – محمد أنقار – ص: 109.\
[4] بيبليوغرافيا أدب الأطفال بالمغرب – د. جميل حمداوي – سلسلة المعارف الأدبية – مطبعة المعارف الجديدة، الرباط الطبعة الأولى سنة 2010 – ص: 5.\
[5] قصص الأطفال بالمغرب – محمد أنقار – ص: 115.\
[6] قصص الأطفال بالمغرب – محمد أنقار – ص: 116.\
[7] قصص الأطفال بالمغرب – محمد أنقار – ص: 117.\
[8] د. جميل حمداوي – بيبليوغرافيا أدب الأطفال بالمغرب – د. جميل حمداوي – سلسلة المعارف الأدبية – مطبعة المعارف الجديدة، الرباط الطبعة الأولى سنة 2010 – ص: 6.\
[9] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ:01 سبتمبر2007 – ص: 3.\
[10] د. جميل حمداوي – بيبليوغرافيا أدب الأطفال بالمغرب – د. جميل حمداوي – سلسلة المعارف الأدبية – مطبعة المعارف الجديدة، الرباط الطبعة الأولى سنة 2010 – ص: 6.\
[11] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر2007 – ص: 2.\
[12] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر 2007 – ص: 3.\
[13] قصص الأطفال بالمغــرب – الدكتور جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: المظلة – ص: 2.\
[14] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر 2007 – ص: 4.\
[15] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الإلكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر2007 – ص: 4.\
[16] مقاربات نقد أدب الأطفال بالمغرب في مجال السرديات- د. جميل حمداوي ـــ الموقع الالكتروني: صحيفة المثقف – ص: 2.\
[17] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر2007 – ص: 4.\
[18] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر 2007 – ص: 4.\
[19] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر 2007 – ص: 4.\
[20] مجلة الدراسات النفسية والتربوية – ص: 71.\
[21] أدب الأطفال بالمغرب بين الكائن والممكن – د. جميل حمداوي – الموقع الإلكتروني: طنجة الأدبي بتاريخ: 01 سبتمبر 2007 – ص: 3.\
[22] ببليويغرافيا أدب الأطفال بالمغرب – د. جميل حمداوي – سلسلة المعارف الأدبية – مطبعة المعارف الجديدة، بالرباط – الطبعة الأولى سنة 2010 ص: 174/177.\
[23] مقاربات نقد أدب الأطفال بالمغرب في مجال السرديات – د. جميل حمداوي ـ-ـ الموقع الالكتروني: صحيفة المثقف – ص: 5.\
[24] مقاربات نقد أدب الأطفال بالمغرب في مجال السرديات – د. جميل حمداوي – الموقع الالكتروني: صحيفة المثقف – ص: 1.\