في بثّ حصري على قناة الشاهد، استكمالا لمتابعتها مبادرة أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة لكسر الحصار، قدّم الحقوقي المغربي البارز الدكتور أحمد ويحمان، رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع، رواية شاملة عن مستجدّات الأسطول، من واقعة الاستهداف الأخيرة إلى قرار الإبحار، ودلالات المشاركة المغربية فيه. وأكّد أن قرار الإبحار ثابت في موعده “رفعا للتحدّي“، رغم الاستهداف الذي طال سفينة القيادة في ميناء سيدي بوسعيد بتونس.
افتتح ويحمان حديثه في الحوار الذي بثّ يوم 9 شتنبر الجاري، بالترحّم على الشهداء في غزّة وعموم فلسطين، ثمّ وضع الجمهور في صلب ما وقع ليلة الهجوم عند الساعة 12:29 ليلا، موضحًا أن الوقائع “موثّقة” لدى اللجنة التوجيهية للأسطول وقد سُلّمت “بالصوت والصورة” إلى الجهات التونسية المعنية لتحمّل مسؤولياتها. وبينما نفى الجيش التونسي والإدارة العامة للحرس الوطني حصول اختراقٍ للأجواء بطائرةٍ مُسيّرة، شدّد على أنّ “الاعتداءَ والاستهدافَ بطائرةِ درون قد حصل“، وأسفر عن حريق، وقد عُرضت المعطيات نفسها في ندوة صحفية حضرتها المقرِّرة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز. ورغم نقاش داخلي حول تأجيل تقني محدود لمراجعة بعض السفن، حُسم القرار، كما يقول ويحمان، بالإبحار يوم الخميس 10 شتنبر إلى غزة، على أن يلتحق البقية لاحقا في المياه الدولية. وكشف عن سفن أخرى ستنطلق من صقلية واليونان دعما للأسطول، مجددا الشعار الجامع للمشاركين: “الإرهاب لا يُرهبنا“.
وعن خلفيات الانخراط، يرى ويحمان أن العالم يشهد منعطفا تاريخيا واصطفافا حاسما “بين الخير والشر، بين السّلم والحروب”، وأن دماء الشهداء في غزة حرّكت الضمير الإنساني عبر مسيرات عارمة في عواصم العالم. وطرح ويحمان ما سماه بـ”الأمميّة الجديدة للعدالة” في مواجهة عولمة الحروب، مذكرا بأهداف الأسطول الثلاثة: إيقاف العدوان على أهل غزة، رفع الحصار عن المحاصرين “المجوَّعين المقتّلين المروّعين”، وتأمين ممرّ إنساني دائم. وأكد أن دور من لم يركب البحر مكمّل لدور المتطوعين، قائلا بأن “الكل مطالب بمواكبة هذا الأسطول ونشر أخباره والتظاهر تضامنًا معه”، مع التأكيد بأن “العنوان” هو معاناة الغزّيين المحاصَرين.
وفي قراءته لرمزية المشاركة المغربية، شدد رئيس المرصد أن مشاركة المغاربة في الأسطول امتداد للمسيرات المليونية في الرباط والدار البيضاء وباقي المدن منذ 7 أكتوبر، وأوضح بأن التطبيع “سقط شعبيا” وأنه فقط “مفروض استبداديا“، لذلك دعا إلى إسقاطه رسميا ببيان مسؤول، محذرا في الوقت نفسه من اختراقٍ صهيوني يستهدف وحدة المغرب وهويته عبر سرديّاتٍ ملفّقة حول قدسية مزعومة وخرائط تهدف لتفتيت البلاد إلى ستة كيانات، مؤكدا بأن لديه بشأنه ذلك كتبا ومعطيات ووثائق وأدلّة قاطعة.
وتوسّع ويحمان في تشخيص المشهد الإقليمي؛ فكيان الإجرام الصهيوني -على حد تعبيره- أداة ضمن مشروعٍ استعماري عالمي تغذيه الشركات الاحتكارية لنهب الثروات وإشعال الحروب. وذكّر بانهيار كل الوعود الزائفة، متسائلا عن “أين حلّ الدولتين؟ وأين اتفاق أوسلو؟ لقد قالوها اليوم بوضوح: لا حماسستان ولا فتحستان“، مشيرا إلى خطاب نتنياهو الأخير المتشبث بـ”إسرائيل الكبرى” وما يصاحبه من تهديدات تطول دولا عربية عدّة. وبالعودة إلى الاستهداف الذي طال وفد حركة حماس في قطر، قلب ويحمان السؤال إلى الحكام العرب: “انظروا إلى من تريدون السلام معه، إنه لا يعرف معنى السلام“، قبل أن يوجه تعبيرا قاسيا عن فظاعة الواقع في غزة، ويُعيد التأكيد على طبيعة المشروع الصهيوني القائمة على القتل والاحتلال والإذلال.
في الخاتمة، وجّه ويحمان نداءه المباشر للشعب المغربي قاطبة قائلا “بدعمِنا لفلسطين نحن لا ندعم فلسطين وحدها، إنما نواجه عدوا واحدا، وبدفاعِنا عن فلسطين فإنّما ندافع عن بلادِنا ونحميها“.