لا صخب فيه ولا نصب

Cover Image for لا صخب فيه ولا نصب
نشر بتاريخ

سيدتان كاملتان من كوامل هذه الأمة؛ سيدتنا أم المومنين خديجة بنت خويلد وسيدتنا آسية بنت مزاحم زوج فرعون، باعدت بينهما الأزمنة والحيثيات التاريخية لقصة كل منهما، فواحدة هي زوج خير البشر والثانية زوج طاغية جبار من أراذل الخلق.

شخصيتان فذتان اشتركتا في الكمال وميل فطري للهداية والاستجابة لنداء الله تعالى، وكلتاهما كانتا سندا لرسول من أولي العزم، اختارهما الله تعالى ليعيشا مع رسولين عظيمين أولى نفحات بعثتهما، فآمنتا طوعا ومحبة وتصديقا.

يطول الحديث في استقراء الدروس والعبر من سيرتيهما العطرتين، فنحن أمامهما نفترش الثرى لنطالع السماء في عليائها، كيف لا وهما كاملتان تجلت فيهما أرقى معاني الإنسانية حين تتمثلها المرأة.

أقف هنا هنيهة في إشارة خاطفة لحيثية تشابهتا فيها وتشاركتا، لنستشف منها طريق الكمال حين تطلبه امرأة مومنة تتشوف للإحسان.

سيدتنا خديجة بشرها المولى ببيت من قصب لا صخب فيه ولا نصب 1 جزاء كل ما قدمته لدعوة الله عز وجل، وكذلك سيدتنا آسية رأت وهي تعذب في الهجيرة بيتها في الجنة فلهجت فرحة مستبشرة رغم العذاب: رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ.

في البشارتين معا هناك الحضور القوي للبيت، لسيدتنا خديجة جزاء من جنس العمل؛ فكما كانت هي السكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكل ما يحمله البيت من معاني الاستقرار والهدوء والطمأنينة، فلا صخب فيه وأيضا لا نصب، يسر وسلاسة في بيئة البيت لا عنت ولا تعسير، ولسيدتنا آسية هو أعز ما يطلب؛ بيت تظلله معية الله وأخلاق أهل الله، هربا من عيشة في قصر رغم كل مظاهر الترف والبذخ وسهولة الحياة، لكنه لم يكن يمتلك من صفات البيت شيئا…

لنخلص إلى أن من أهم مميزات الحياة الطيبة الآمنة المستقرة المفضية إلى الفوز عند المولى؛ بيوت لا صخب فيها ولا نصب.


[1] “عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بَشَّرَ خَدِيجَةَ رضي الله عنها بِبَيتٍ فِي الجنَّة مِنْ قَصَبٍ، لاَ صَخَبَ فِيهِ، ولاَ نَصَبٍ”. متفق عليه.