في إطار التضييق الممنهج الذي تمارسه السلطات المخزنية المغربية على جماعة العدل والإحسان منذ نشأتها قبل أكثر من ثلاثة عقود، دشّن المخزن يوم 24 ماي 2006 مرحلة جديدة من الحصار والتضييق غداة ما حققته الأيام المفتوحة التي اعتمدتها الجماعة آنذاك للتواصل دون وسيط مع مكونات الشعب المغربي، في سائر حواضر المغرب وقراه ومداشره، حيث صرح وزير الداخلية وقتها، شكيب بنموسى لوكالة الأنباء الفرنسية تصريحا غريبا عجيبا قال فيه: بتكثيفها للأنشطة تكون جماعة العدل والإحسان قد وضعت نفسها خارج دائرة القانون)، ليعطي الضوء الأخضر لأجهزة وزارته لتعقب أنشطة الجماعة، فحاصرت المقرات وشمعت البيوت وسَاقت الأعضاء رجالا ونساءً وحواملَ ورُضعا إلى مخافر الشرطة وعرضتهم على المحاكم التي أثبتت ابتدائيا واستئنافيا قانونية الجماعة وانضباط أنشطتها لمقتضيات القانون.
وفي كل مناسبة تعتقد فيها الجهات التي تستهدف الجماعة أنها نالت منها وحجمت من حركتها، يظهر ميدانيا أن الحصار يكسبها منعة وقوة تترجمهما الوقفات والمسيرات، ويجليهما تنامي إشعاعها وتزايد أعداد الوافدين عليها، مثلما يبرهن عليهما الحضور القوي والمتميز للجماعة فكرا ورموزا وفاعلية في مختلف المحافل.
وفي الذكرى الثامنة للحملة المخزنية على الجماعة في العهد الجديد، عهد “الدستور الجديد” و”الاستثناء المغربي” و”الإصلاح في ظل الاستقرار”، يأبى المخزن إلا أن يكذّب بنفسه هذه الشعارات الجوفاء بتوجهه وتماديه في استهداف الجماعة حصارا وتضييقا (ثلاث بيوت مشمعة بينها بيت الأمين العام، عشرات المحاكمات والمتابعات القضائية والأمنية، عشرات الجمعيات المحرومة من النشاط المدني، الحرمان من المنابر الإعلامية، التضييق على النشاط الفكري والسياسي، ناهيك عن صنوف مختلفة من التضييق تصل حد التضييق في السكن وإقامة الجنازة وتفتيش الأمتعة في المطارات…).
توجه استئصالي يعتبر تكثيف الأنشطة تهمة تجعل صاحبها خارج القانون، لأن الأصل في عرف المخزن أن تتحرك في الإطار المحدد لك سلفا، وأن تنشط بالوتيرة التي لا تزاحم النظام ولا تنافسه، إبقاءً على السبق والفاعلية المخزنية وترسيخا لمحوريته في المشهد السياسي.
وتتعاقب السنوات وتتغير الوجوه ويبقى الثابت هو النهج المخزني؛ إصرار على السير الحثيث بالبلاد نحو النفق المسدود، وتسخير مقدرات البلد لقمع شعب تاق للحرية والكرامة وطمح لعهد جديد -حقا وصدقا- يمارس فيه حقه في الاختيار والقرار، وينخرط فيه الجميع في البناء وتحمل الأعباء وقسمة التضحيات استشرافا لغد العزة والكرامة.
وعلى أمل أن تهب نسمة تعقل توقظ الغافلين، نتمنى أن يستفيق القوم وأن يدركوا أن الاستبداد إلى زوال، والعاقل من استحضر العواقب، وتجنب الوقوع واتعظ بغيره قبل الفوت.