هلّ هلال رجب

Cover Image for هلّ هلال رجب
نشر بتاريخ

هل علينا هلال رجب، شهر يبشرنا باقتراب شهري شعبان ثم رمضان، أفضل شهور السنة، وكأنه ينادينا قائلا: استعدوا، قريبا سترفع أعمالكم وبعدها ستفتح المدرسة الربانية أبوابها منادية: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر، شمروا واجتهدوا وتوبوا إلى بارئكم واغتنموا هذه النفحات وتعرضوا لها  لتتخرجوا بشهادة التقوى وتحسنوا عبادة ربكم طيلة السنة وباقي العمر. فمن أراد الفلاح بكر بالاستعداد وبادر بالطاعات والقربات، وقد ذكر بعض العلماء: أن رجب هو شهر الزرع، وشعبان هو شهر السقيا، ورمضان هو شهر الحصاد، ولا يحصد الإنسان إلا ما زرع.

فما هو فضل شهر رجب؟

وبم نستقبله؟

فضل رجب

رجب شهر من أشهر الله، ميزه بحرمة القتال فيه وفي باقي الأشهر الحرم وجعل العمل الصالح فيهن أفضل وأحب من غيره والعمل الطالح أبغض وأشد قبحا من سائر الشهور، قل تعالى: إنَّ عِدَّةَ الشُّهورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَواتِ والأرضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ، فَلَا تَظْلِموا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُم (سورة التوبة: 36).

جاء في تفسير السعدي: يقول تعالى “إن عدة الشهور عند الله” أي: في قضائه وقدره، “اثنا عشر شهرا”  وهي هذه الشهور المعروفة في كتاب الله، أي في حكمه القدري، يوم خلق السماوات والأرض وأجرى ليلها ونهارها، وقدر أوقاتها فقسمها على هذه الشهور الاثني عشر، “منها أربعة حرم” وهي: رجب الفرد،  وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وسميت حرما لزيادة حرمتها، وتحريم القتال فيها. “فلا تظلموا فيهن أنفسكم”، يحتمل أن الضمير يعود إلى الأربعة الحرم، وأن هذا نهي لهم عن الظلم فيها، خصوصا مع النهي عن الظلم كل وقت، لزيادة تحريمها، وكون الظلم فيها أشد منه في غيرها (1).

شهر رجب أيضا شهر الانتصارات؛ يذكرنا بعز كان لأمتنا وسيعود بإذن الله، ففيه كانت غزوة تبوك، وفيه أيضا كان تخليص المسجد الأقصى من أيدي الصليبين على يد صلاح الدين الأيوبي.

كيف نستقبل رجب؟

حري بنا أن نعمر أوقاتنا كلها بذكر الله وطاعته، ونعمر الأرض بالخير والنفع وخدمة خلق الله، ونسعى للتخلي عما يبغض الله والتحلي بما يحبه من عبادات وأعمال ونيات وأقوال، لكن في هذا الشهر الحرام وباقي الأشهر الحرم تزداد قيمة العمل الصالح ويزداد قبح المعاصي والذنوب، ومن أهم ما يمكننا القيام به، خصوصا أننا مقبلون على شهر رفع الأعمال شعبان:

1- تجديد النية في تعظيم ما عظم الله، وأننا في شهر حرم فيه القتال وأمرنا ألا نظلم فيه أنفسنا، نبتعد فيه عن الذنوب والمعاصي ونقبل فيه على الله خالقنا التواب الغفور.

2- صلاة الحاجة: ركعتين نسأل الله فيهما أن يوفقنا في هذه الأيام وفي غيرها لما يحب ويرضى، وأن يستعملنا ولا يستبدلنا.

3- التوبة والإكثار من الاستغفار وذكر الله.

4- أداء الصلوات المفروضة في وقتها، والاجتهاد في النوافل.

5- قراءة القرآن وحضور مجالس الذكر.

6- الحرص على صفاء القلوب، والعفو عمن ظلمنا.

7- الصيام، ويعتبر من أحب الأعمال إلى الله تعالى لما فيه من صبر وتحمل.

8- صلة الأرحام، وإصلاح ذات البين.

9- الصدقة والبذل والعطاء.

وكل هذه الأعمال الصالحة وغيرها مطلوبة منا ومرغب فيها في سائر السنة، وفي الأشهر الحرم يزداد فضلها ويعظم أجرها.

خاتمة

خلاصة القول إن رجب يتكرر كل سنة ولكن أغلبنا غافلون عن ذكر ولقاء رب رجب وشعبان ورمضان وباقي أشهر السنة، يقول الأستاذ عبد السلام ياسين: “تتجدد الذكريات ولا تتجدد الإرادة… تتجدد الذكريات ولا يتجدد الدين.. تتجدد الذكريات ولا يتجدد الإيمان”  (2).

فهذه الأيام المباركة تتجدد كل سنة، ولكن السؤال المطروح هو: هل يتجدد الإيمان في قلوبنا؟ وهل نرتقي في مراتب الدين؟ وهل نحظى بالقرب من الله؟ كل يوم يمر علينا هو هدية من الله تعالى لنتوب إليه ونصلح ما أفسدنا ونجتهد أكثر طلبا لوجه الله تعالى، فعلينا ألا ننشغل بالسبب عن المسبب، وأن نتعرض لنفحات الله، ونجدد العهد مع الله في كل وقت وحين. فاللهم ثبتنا على دينك وافتح لنا الباب واجعلنا من ومع الأحباب.


المراجع:

(1) تيسير الكريم الرحمن للإمام السعدي ص: 651.

(2) الأستاذ عبد السلام ياسين في الكتيب الثالث من سلسلة دروس المنهاج النبوي.