في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء.. القطاع النسائي يؤكد: تعنيف النساء جريمة إنسانية!

Cover Image for في اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء.. القطاع النسائي يؤكد:  تعنيف النساء جريمة إنسانية!
نشر بتاريخ

القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان

المكتب الوطني

بيان

تعنيف النساء: جريمة إنسانية!

في الخامس والعشرين من نونبرِ كل سنة، يخلد المجتمع الدولي اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء. مناسبة تترقبها نساء العالم لإسماع صيحاتهن والتنديد بهذا الوباء الذي ما فتئ ينخر جسم الإنسانية ويأبى إلا أن يصيبها في مقتل.

لقد أضحى العنف ضد النساء ظاهرة عابرة للقارات، تَبْصُم – وإن على تفاوت – كل المجتمعات، فتضع كل قيم الإنسانية وشعارات حقوق النساء موضع المساءلة. ظاهرة تُجْمع كل التقارير على سرعة تناميها وتزايد أخطارها، على الرغم من كل التنديدات والنداءات، والقوانين والإجراءات الرَّامية إلى إيقاف نزيفها.

وتحل هذه السنة ذكرى مناهضة العنف ضد النساء، وجهود العالم مستمرة في محاولة لملمة ما خلفته جائحة كورونا من أعطاب وتداعيات. مجهودات عاق مسيرتها اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي يكتوي بلظاها كل يوم ضحايا مصاصي الدماء، الذين يقدمون أمام يدي جشعهم قرابين العنف والتقتيل، لتكبُر مع أطماعهم معاناة المستضعفين، وتتسع مع سطوتهم دوائر الفقر والتشريد، ليس فقط في بلدان النزاع، وإنما في مجمل بلدان العالم.

أما في مغربنا الحبيب، فالعنف مسلسل لا تنتهي حلقاته، وسيف مُصْلَت على رقاب المستضعفين، وأعناقِ كل من تُسَوِّلُ لهم أنفسهم زعزعة أركان الاستبداد، أو مناهضة الفساد، أو الدفاع عن حق، أو نصرة مظلوم، يستوي في ذلك الرجال والنساء، وإن كان للنساء من حصة العنف فضل زيادة.

ويأبى العنف المسلط على النساء في المغرب إلا أن يَتَزَيَّا بلبوس الاستبداد، فتتلَوَّنَ أشكاله وأنواعه، بين عنف نفسي، جسدي، جنسي، اقتصادي، سياسي. وتتعدد أماكنه ليحضر في البيت والشارع، في المدرسة والجامعة، وفي الإدارات والمعامل. تشهد على ذلك التقارير الرسمية وغير الرسمية، بإحصائيات وأرقام صادمة – على نسبيتها – والتي يغطي فيها المكشوف على المستور.

فقد أفادت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها الإخبارية الصادرة في مارس 2021 أن أكثر من 7،6 مليون امرأة، أي 57،1% من النساء على الأقل عانين من شكل عنف واحد بغض النظر عن الشكل والسياق سنة 2019. شكل منها العنف النفسي نسبة 49،1%، والعنف الجسدي13،3%، والعنف الجنسي 14%، والعنف الاقتصادي15،1%. وشكل منها العنف المنزلي نسبة 52،1%، وفي فضاء العمل 15،4%. أما عدد شكاوى العنف التي تقدمت بها النساء أمام المصالح المختصة منذ بداية 2021، فبلغت 61 ألف و388 قضية، شكل منها العنف الجسدي 44%، والعنف الاقتصادي 27%، والعنف النفسي 26%، والعنف الجنسي 9%..

وضع قاتم بأرقامه الفاضحة، يزيد من قتامته تناسل القضايا والأحداث التي تصور حقيقة العنف المسلط على النساء: قضايا “الجنس مقابل النقط”، حوادث شغل في معامل ووحدات إنتاج تستغل عوز النساء، تسابق وتزاحم للتسجيل في لوائح “الدعم” وأيّ دعم! مشادات وتقاتل من أجل استجداء فرصة عمل في حقول الفراولة الإسبانية، بينما خيراتنا يستأثر بها المتنفذون، وثرواتنا يستنزفها المفسدون…

وفي الوقت الذي تنتظر فيه النساء في المغرب الحماية والإنصاف، والضرب على يد كل من تسول له نفسه العبث بأمن وسلامة المرأة، تزيد أجهزة الدولة، التي يفترض فيها حماية هذه الفئة الهشة في المجتمع، أوضاع النساء تعقيدا، فتستهدفهن بتلاوين أخرى للعنف؛ قمع في الشارع، تضييق واعتقال، تكميم للأفواه، تشويه للسمعة والعرض… وآخر ما تفتق عنه “ذكاء” المخزن استغلال هشاشة النساء النفسية والاقتصادية في إخراس الأصوات الحرة، والضغط على الخصوم وتصفية المعارضين السياسيين، وتوظيفهن في التلاعب بالقوانين (قضية الدكتور محمد أعراب باعسو آخر نموذج).

ولا شك أن العنف المستشري ضد النساء في وطننا الحبيب لا تعوزه الأسباب والمسببات، فهو آمِنٌ في سِرب الاستبداد السياسي، والفساد الإداري، والظلم الاجتماعي، وفشل منظومة التربية والتعليم، ومخزنية الإعلام، وفساد الأعراف، والفهم المغلوط للدين… تتعدد الأسباب، والنتيجة واحدة: امرأة تتجرع العنف، فلا تملك إلا أن تعيد إنتاجه وسط المجتمع في سلسلة لا تنتهي!…

وإننا في القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، إذ نقف على هذا الواقع المتردي والمهين للنساء المغربيات، نعلن للرأي الوطني والدولي ما يلي:

– شجبنا لكل أشكال العنف الممارس على النساء المغربيات خاصة وعلى كل نساء العالم.

– تضامننا مع كل النساء ضحايا عنف الأفراد أو المؤسسات أو الدولة ومع كل معتقلات الرأي.

– تأكيدنا أن مناهضة آفة العنف ضد النساء لا تتم إلا ضمن مقاربة شاملة، تجمع بين الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي والتشريعي…

– قناعتنا أن القطع مع العنف ضد النساء لا يمكن أن يتم إلا في بيئة تقطع مع ممارسات الاستبداد والفساد.

– دعوتنا إلى تمثل قيم ديننا الحنيف التي تنبذ العنف وتوصي بتكريم الإنسان وعدم إهانة النساء بأي شكل من الأشكال.

– دعمنا ومساندتنا للعائلة الكريمة للدكتور محمد أعراب باعسو في محنتها، وتنويهنا بصمودها في وجه الظلم والاستبداد، كما نشد على أيدي جميع عائلات معتقلي الرأي بالمغرب.

– استنكارنا للحملة المحمومة والممنهجة التي تستهدف قيم المجتمع المغربي وتضرب هويته.

– رفضنا لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب.

– تجديد دعوتنا لكل الفضليات والأفاضل من أجل التكتل جميعا ضد كل الممارسات المستبدة والمهينة لرجال ونساء وطننا الحبيب.

“والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل”.