د. عاشور: حاجة الأمة اليوم إلى جماعة العدل والإحسان أضعاف حاجتها إليها بالأمس

Cover Image for د. عاشور: حاجة الأمة اليوم إلى جماعة العدل والإحسان أضعاف حاجتها إليها بالأمس
نشر بتاريخ

توجّه الدكتور وصفي عاشور أبو زيد، رئيس مركز الشهود الحضاري للدراسات الشرعية والمستقبلية، بالحمد والشكر لله سبحانه وتعالى أن “منّ على الأمة المغاربية والإسلامية بوجود جماعة العدل والإحسان التي تأسّست قبل أربعين سنة”، مهنّئا الجماعة على هذه المسيرة الطويلة والإنجازات المهمة والتغيير الحقيقي الذي كان له أثر على المغرب وعلى ما حوله وعلى كل من تواصل مع الجماعة وتعرّف إليها.

وكشف بأنه تعرف على هذه الجماعة من خلال كتب مؤسسها الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى الذي توفي قبل 10 سنوات، “هذا الرجل أحسبه، والله حسيبه، من أولياء الله سبحانه وتعالى. رجل له تجربة صوفية في التزكية والأخلاق وجهاد النفس، وكان مقتفيا أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وشمائله وتعامله وتواضعه وحلمه ونظرته البعيدة وتجرّده وصدقه وإخلاصه وقوله كلمة الحق لا يخشى في الله لومة لائم”، وواصل متحدّثا عن الإمام “مسيرته ورسائله شاهدة على ذلك ومؤلفاته بفضل الله تبارك وتعالى فيها الروح المشرقة وفيها الأدب العالي اللغوي، وفيها الجدة وفيها الصفاء والنقاء وفيها أيضا الإشراق الروحي، والجدة والحدة الفكرية المستقاة من نصوص القرآن والسنة والنبوية دون أن يتأثر هذا التفكير بالوافد الغربي والراكد البيئي الموروث”.

ونوّه إلى أن الإمام عبد السلام رحمه الله تعالى توجه للقرآن الكريم والسنة النبوية وتجربة الراشدين في استقاء التصورات والأخلاق والمبادئ الكبرى الحاكمة دون أن يتأثر هذا التصور بما هو وافد ولا هو راكد، فكتبَ كتبه، يقول الدكتور عاشور، في العدل والإحسان والمنهاج النبوي وشعب الإيمان وكتبه الفكرية والسياسية والتربوية التي تمثل زادا حقيقيا لأي عامل أو داعية يدعو إلى الإسلام، وينشد فلاح ونجاح هذه الأمة.

وعن جماعة العدل والإحسان التي أسسها الإمام، أشار المتحدث إلى أنها مهتمة بالإنسان “واهتمامها به منصب على التربية والتعليم، التربية بكل ألوانها؛ الفكرية، البدنية، الروحي.. وترتكز في هذا على فكرة الشمولية وعلى استبعاد العنف وسيلة للتغيير والإصلاح”، ملمحا إلى أن الجماعة من هذه الناحية “قطعت أشواطا كبيرة وأبلت بلاء حسنا، وأعطت عطاءات مُقدّرة غيّرت وعبرت وأثرت في المجتمع المغاربي وفي عقول كل من كان له صلة بهذه الحركة والاهتمام بمنتجاتها ومنجزها الفكري والإصلاحي والتربوي والتعليمي”.

واعتقد الأكاديمي الإسلامي أن الأمة في هذا الوقت في حاجة إلى جماعة العدل والإحسان، ليس بوصفها جماعة أو كيانا أو تنظيما موجودا، وإنما “لما تحمله من قيم وما تتمتع به من أفكار وما تختص به من خصائص واهتمامات سواء على مستوى الفكر أو التربية بمعناها الشامل الكامل”.

الأمة الآن في حاجة إلى التربية، يقول ثم يضيف: الشباب الصاعد في حاجة ماسة إلى التربية وإلى الفكر الصافي النقي المستمد من القرآن الكريم والسنة النبوية والسيرة النبوية وتجربة الخلفاء الراشدين في السياسة والحكم. وقد أسهمت الجماعة بنصيب وافر في هذه الجوانب كلها بفضل الله سبحانه وتعالى.

وأكد على فكرته وأوضحها حين أضاف “الأجيال الصاعدة عندها حالة من الجوع التربوي والاحتياج الفكري الكبير، أجيالنا الآن تفرغ من مضمونها بسبب وسائل التواصل المعاصرة، بسبب ثقافة التسطيح، بسبب عدم الرغبة في القرآن، وبسبب العزوف عن كل ما يتعلق بالفكر والتربية. أنا أقرر بكل قوة وتأكيد ويقين أن حاجة الأمة الآن إلى جماعة العدل والإحسان بما تمثله من أفكار وتحمله من قيم وما تنتهجه من منهج يقوم على بناء الإنسان من خلال التربية وفكرة الشمولية الإسلامية، أضعافا مضاعفة من حاجتها إليها بالأمس”، مشددا في ذات الوقت على أن هذا يرتّب “مسؤوليات كبيرة على قادة هذه الجماعة وعلى المشتغلين فيها بالفكر والتربية والدعوة، عليهم مسؤوليات كبيرة سيسألون عنها أمام الله تبارك وتعالى. ومن هنا فإني أدعوهم إلى بذل الجهد المضاعف الذي يراكم على الماضي وينظر إلى تحديات الواقع ويستجيب لها كما استجاب لها الإمام المؤسس في وقته وزمانه”.

جماعة العدل والإحسان هي جماعة من المسلمين تؤدي دورها وتقوم بوظيفتها التي هي وظيفة مقدسة مستقاة من وظائف الأنبياء والمرسلين من قبل، يقول وصفي عاشور، فالله تبارك وتعالى ذكر في القرآن الكريم أن من وظائف النبوة: التعليم والتزكية يُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ. ثم عاد وشدّد على حاجة الأمة الآن إلى التزكية “ما أحوج الأجيال الصاعدة من الشباب؛ فتيانا وفتيات، إلى هذه التربية، أن يأخذوا منها بقسط وافر ونصيب كبير يواجهون بها التجريف الفكري والتربوي الذي يستهدف به أبناؤنا وشبابنا”.