ليس عيبا أن يحتفل العالم بالمرأة ويجعل لها يوما قارا يعرف بحقوقها وواجباتها، لكن من العيب أن لا نتذكرها إلا في أيام معدودة بل في يوم من شهر مارس الربيعي.
جميل أن نقيم محاضرات وندوات وحفلات لهاته المرأة المكدودة في هذا العالم الموار، لكن من العيب ألا تحرص على تطوير نفسها وتنوير عقلها حتى لا يبقى خاملا حبيس الهموم المعاشية اليومية. لابد من غذاء روحي علمي وتربوي يسمو بالمرأة الى سماء العلا، تنتعش فيه وتحس بحلاوة ليس بعدها حلاوة.
خير للمرأة التعلم ومزاحمة المتعلمين في مجالس النقاء والصفاء، إذ أن مشاركة المؤمنين والمؤمنات في الحياة العامة وبناء المجتمع لا يتحقق إلا بالعلم.
كرم الإسلام المرأة وشرفها أحسن تشريف، بل رفع من مكانتها بعدما كانت توأد وتعد نجاسة وخطيئة، قال عمر رضي الله عنه: لم نكن نعد النساء شيئا إلى أن جاء القرآن فذكرهن)، وباطلاعنا على سيرة الصحابيات رضوان الله عليهن، نبهر بشخصياتهن العجيبة والمتميزة، فبعدما كن مكدودات محقرات تحولن وانتقلن من الحضيض إلى نور الإسلام وإشعاعه، درسن وجالسن الرسول صلى الله عليه وسلم، تربين وتلقين الخير من مجالسه، فكن كالأزهار اليافعة، الواحدة منهن تجدها صادقة تقية حافظة لبيتها ونفسها، قائمة بواجباتها تجاه ربها وأمتها، قوية تعبر عن آرائها لا تخشى في الله لومة لائم، تعبر عما يخالج قلبها في حياء ووقار، تختار من تريد الزواج منه، تسأل في دينها عما لا تفهمه، تطالب الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يجعل لها مجلسا كما للرجال، رغبة في تحقيق المعالي والسير وفق سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أعدها الاسلام أحسن إعداد، فلم يجعلها قبيعة بيت معتقلة فيه، رفع همتها لتطلب ما عند الله والدار الآخرة، وتسهم في بناء أمتها.
ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أنها شقيقة الرجل في الأحكام والمسؤولية والجزاء والمسارعة إلى الخير، والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
حقوق منحها إياها الإسلام وحرمها مسلمون نتيجة فهم قاصر وعادات محكّمة، ولا تزال وضعيتها الراهنة تدعو لدعم الغيورين والغيورات من أبناء الأمة.