نفحات عشر في الليالي العشر (2)

Cover Image for نفحات عشر في الليالي العشر (2)
نشر بتاريخ

تشدني علاقة سيدنا إبراهيم بابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام.. لأتعلم منها الكثير..

البعد والقرب لا يقاس بالأبدان.. ما دامت الهمة تخترق كل ذلك.. والدعاء موصول لا ينقطع..

أتأمل في الزوج سيدتنا “هاجر” التي ربت ابنها ولم تسخط على قدر ربها و”بُعد” زوجها.. وهي التي وجدت نفسها ووليدها وسط صحراء مقفرة.. زادها “إذن لن يضيعنا”..

ظهرت تربيتها المنصاعة لأمر الله ورسوله في طاعة الصبي الذبيح لأمر الله على لسان أبيه الذي بالكاد يراه بين المرحلة والأخرى..

أسرة التلبية قبل النداء.. فلا يقدر على النداء والأذان من لم يلب دعوة الله وأمره.. وهذا متجل في أسرة سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام..

ومكة البيت العتيق ينتظر نضوج الصغير.. حتى يرفع أساساته ويظهر علامته.. بيت الله بني بيدي نبيين.. أب وابن.. لبنة تشد بعضها بعضا.. جيل يسلم جيلا أمانة كلمة الله وأمر الله.. لبنات وضعت.. يرافقها الدعاء..

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبۡ عَلَيۡنَآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ (البقرة، الآيات 127-128-129).

أية همة ونية تلك التي ترى أبعد من غدها إلى أجيال أخرى فتدعو لها.. اللهم اجمعنا بسيدنا إبراهيم وإسماعيل في دار خير من هذه الدار.. آمين.

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله.. الله أكبر الله أكبر ولله الحمد..

الأسرة بناء.. والمؤمن بناء.. وحرمته عند الله أكبر.. فعسى يرحمنا الله بتراحمنا وتلاحمنا..

أسرة مباركة صدقت موعود ربها فرفع الله ذكرها وجعل نسك الحج تخليدا لها.. وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ.. كفى بالتصديق جزاء حسنا.. ونحن في زمن كثر فيه الشك، واحتاج خلق الله لطمأنينة اليقين وسعة الصدق ورحابة الرحمات..