صدر للدكتور رشدي بويبري عضو مجلس إرشاد جماعة العدل والإحسان كتاب جديد موسوم بعنوان: “مقومات القيادة الإسلامية وأمراضها” في 177 صفحة من الحجم المتوسط، عن مطبعة دار القلم بالرباط.
الكتاب الذي صدر في طبعته الأولى 2024 م، جاء في فصلين كبيرين فضلا عن مقدمة ومدخل عام ثم خاتمة. وقد عالج فيه الدكتور بويبري موضوع القيادة باعتبارها نمطا من الممارسات الاجتماعية التي رافقت الوجود الإنساني منذ القدم، ونظر إليها على أنها “ظاهرة مهمة ومعقدة”، لذلك نالت اهتمام السياسيين والفلاسفة والمفكرين والدعاة ورواد الحركات التغييرية.
ويرى الباحث في علم الاجتماع في مقدمة الكتاب أن الاهتمام بهذا الموضوع يقع حاليا في صلب الدراسات السياسية والاستراتيجية، وصار علما مستقلا تساهم فيه تخصصات معرفية عديدة مثل علم النفس وعلم الاجتماع وعلوم الإدارة والتدبير وغيرها وتنجز فيه دراسات وأبحاث كثيرة.
وشدد الكاتب على أن القيادة لها أهميتها في دين الإسلام، ويتبين ذلك في عناية المولى جل وعلا باختيار الأنبياء والإشراف على تأهيلهم وإعدادهم لقيادة أممهم وشعوبهم، ليتولوا بعد ذلك بأنفسهم مهمة إعداد قادة من شعوبهم لتحمل أعباء الدعوة معهم وتوليها بعدهم، ومنهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ترك منهاجا فذا في صناعة القادة وتأهيلهم وتوظيفهم.
وبينما أكد صاحب الكتاب أن مفكرين وباحثين عملوا لاستقصاء نظرة القرآن الكريم لمفهوم القيادة ومقتضياته، ومنهم من وقف على المنهاج النبوي في اختيار القيادة وأسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في علاج أمراضها. أكد في المقابل أن هذا الكتاب يركز على إبراز مناهج وتصورات الخلفاء الراشدين للقيادة وتطبيقاتهم في الباب.
تحدث الكاتب في المدخل العام عن مفهوم القيادة وحدد دلالاته في الإسلام، فوقف على معاني الإمامة والخلافة والأسوة، وأشار إلى الفوارق بينها وبين الإدارة والرئاسة، كما لفت إلى أن القوة تبقى أهم مقتضيات القيادة.
وفي الفصل الأول تناول الكاتب تصورات الخلفاء الراشدين الثلاثة رضي الله عنهم، أبي بكر وعمر وعلي، لقضية القيادة والمعايير التي ارتكزوا عليها عمليا في اختيار من يصلح لتولي هذا المنصب المهم.
تناول مقومات القيادة في منهج أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وخلص منها إلى توصيات عديدة ومهمة صنفها في مجموعات ثلاث، ثم تناول معايير القيادة لدى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبعد رصد هذه المعايير، أفرد منهجه في انتقاء من يصلح للقيادة، ثم أردفه حديثا عن مبدأ التعاقد في التكليف بالقيادة.
وبعد الكبيرين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، خص الإمام عليا عليه السلام بالحديث في العنوان الثالث من هذا الفصل، حيث تحدث عن مؤهلات القيادة الرشيدية من خلال عهده إلى مالك بن الأشتر، وتحدث في هذه المؤهلات عما هو نفسي وما هو عقلي وتدبيري وما هو أخلاقي.
أما في الفصل الثاني فقد تناول الكاتب بعض الأمراض النفسية والسلوكية التي تصيب القادة أثناء ممارساتهم وفي تعاملهم مع واقعهم ومع الناس من حولهم.
وقد جرد الدكتور بويبري بالدراسة والتحليل والتفسير عددا من تلك الأمراض وتداعياتها، ثم أتى إلى ذكر توصياته الأساسية في علاج تلك الأمراض، استلهاما من التجربة الراشدة التي اعتبرها الإسلام مرجعا ملهما وصادقا لأجيال المسلمين عبر الزمان والمكان.