خصت الأستاذة أمان جرعود عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية منبر أخوات الآخرة بوقفة مميزة رصدت من خلالها أجواء الدورة الثامنة عشرة للمجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان وتحدثت عن المشاركة النسائية فيها وعن أهم القضايا التي طرحت أثناءه للتدارس والتشاور:
(تحت شعار: “جميعا من أجل مغرب الحرية والعدل والكرامة” ، انعقد بتوفيق من الله تعالى المجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في دورته الثامنة عشْر، وذلك يومي السبت والأحد 21/22 محرم 1436 الموافق لـ 15/16 نونبر 2014.
تنوعت فقرات الدورة لتشمل مجالات متعددة، منها القضايا الحساسة والكبرى المرتبطة بالواقع المغربي، في استحضار كامل للمعطيات الإقليمية والدولية،ودونما إغفالللقضايا الداخلية التي تهم تقييم الأداء والبحث عن وسائل التطوير والتجويد وبناء المؤسسات وتقويتها ووضع الخطط والبرامج على ضوء خصوصيات المرحلة ومقتضياتها…
وقد مرت الدورة ولله الحمد في أجواء طيبة، تطبعها معاني المحبة والاحترام والتقدير التي لا تتعارض مع معاني الشورى وما تستلزمه من مسؤولية وصدق ووضوح، بل تضفي على شورانا طابعا آخر يخرجها من دائرة تناطح الأفكار والانتصار للرأي إلى دائرة البحث عن الأفضل والأصوب.
كما تميزت هذه الدورة كسابقاتها بحضور نسائي متميز أعطى للدورة قيمة مضافة بما مثلنه من قوة اقتراحية ومسؤولية وفاعلية سواء في المراحل الإعدادية لهته الدورة أو في أشغالها. وهنا لابد من التذكير بحضور العنصر النسائي في مختلف مؤسسات الجماعة سواء منها ذات الطابع التقريري أو ذات الطابع التدبيري التنفيذي؛ حضور لا يندرج في سياق التقليد لموضة أصبحت دارجة، وليس تأسيسا لصورة حداثية ديمقراطية نريد أن نوصم بها، ولا هو يدخل في إطار أي مزايدات من أي نوع كان، بل هو نابع من صميم تصورنا الذي أرسى دعائمه الإمام المرشد رحمه الله تعالى رحمة واسعة، واعتبر أن حضور المرأة ومشاركتها في كل المستويات وفي كل المجالات هو استجابة لأمر ربنا تبارك وتعالى، وإحياء لسنة نبينا عليه الصلاة والسلام.
ثم هو نابع من إيماننا العميق بأن تهميش النساء هو إهدار لجزء مهم من طاقات هته الجماعة، لذا تجد حرصا لدى الجميع من أجل إفساح المجال وإعطاء الفرصة، خاصة مع وجود كفاءات نسائية مهمة لديها من الخبرة والتجربة ما يؤهلها للعضوية في جميع المستويات التنظيمية وجميع المؤسسات التخصصية بما فيها المؤسسات المتخصصة بالشأن السياسي.
لكن هذا لا يعني أن ما وصلنا إليه هو طموحنا بل نعتقد أن أمامنا مسارا مهما لابد أن نمضي فيه بخطى ثابتة من أجل ضمان حضور أقوى ومشاركة أرقى، كل ذلك في ظل معاني التكامل والتعاون وبعيدا عن منطق الصراع والتصادم.
الدورة كانت فرصة أيضا ل” تجديد الدعوة لفضلاء البلد والغيورين على مصالحه وأمنه واستقراره لبناء فضاء للثقة المتبادلة والعمل المشترك والتأسيس المسؤول والواعي للميثاق الوطني تعبئة للجهود واقتساما لأعباء تغيير يحقق مغرب الحرية والعدل والكرامة لجميع المغاربة.
هذا النداءالذي لم ولن نمل من تكراره إيمانا منا بأن فتح حوار وطني بلا إقصاء ولا خطوط حمراء يفضي إلى ميثاق جامع يضع الأولويات ويوحد الجهود ويجمع الكلمة ويؤسس لدستور يعكس إرادة الشعب وهويته، هو الكفيل وحده بانتشال البلد من الوضع الكارثي الذي يغرق فيه على جميع المستويات، وأي محاولة للانفراد أو الإقصاء هي انتحار سياسي بامتياز.
ويدخل في هذا السياق إقصاء نصف المجتمع بل قطبه وركيزته، وأقصد هنا المرأة، ففي غيابها تغيب إمكانية تعبئة قوى الأمة بالصورة المطلوبة، فلابد إذا من الإيمان بأن المرأة شريكة ومساهمة أساسية في عملية إعادة البناء.لابد من إعادة الاعتبار لدورها الريادي في بناء المجتمع بل في بناء الإنسان.لابد من مجهود تربوي توعوي ثقافي لصياغة نظرة جديدة للمرأة وأدوارها، بعيدا عن النظرة التقليدية التي تحصرها في قوالب نمطية، وبعيدا عن النظرة التغريبية التي تخرجها من هويتها.
وحديثنا عن المرأة ودورها في صياغة غد الحرية والعدل والكرامة حديث طويل لا يتسع المجال للتفصيل فيه، لكني أختم بالقول أن من يتصور تغييرا في غياب النساء فهو يهدم أكثر مما يبني).