مركزية القرآن في تفكيك بنية الاستبداد عند ذ. عبد السلام ياسين

Cover Image for مركزية القرآن في تفكيك بنية الاستبداد عند ذ. عبد السلام ياسين
نشر بتاريخ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديهم إلى يوم الدِّين، أما بعد:
فإن الإسلام كمنهج إلهي مستمد تعاليمه من خالق ارتضى لعباده أن لا يتركهم بعد الخلقة في اضطراب من الأمر، وحيرة في المعيشة، وضياع للهدف الذي وجدوا من أجله وهو عمارة الأرض على الطاعة، والقيام بالمصالح الذاتية، فضلاً عن الحفاظ على حاجات المجتمع بصورة تناسب الإطار العام للوجود الإنساني الذي لا يستغني أفراده عن البعض في قالب التآلف، والتعاون على الخير، وما فيه صلاح للجميع، وهذه الحقيقة لا تتحقق بمجرد الاجتماع والتوحد على تلبية ما مضى من المتطلبات، بل هو في أشد احتياج لقيادة حكيمة، وإمامة رشيدة تترأس تلك الجماعة، فتمضي بها قدماً نحو الكمال الذي رسمته الشريعة، وأرادته لبني البشر، وأن الحفاظ على تلك الرئاسة يكون بوجوب السمع والطاعة لها وفق ما أمر به الباري جل وعلا بقوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا

فإذا قام الإمام بمهمته، وأدى ما عليه من حقوق وواجبات تجاه رعيته بما يوافق الشرع، فقد وجب له عليهم حقان: الطاعة، والنصرة ما لم يتغير حاله، فإن تخلف في واجبه، أو قصر في أداء حقوقهم تلبس في الظلم، فإن تمادى في ذلك، بأن صار سبباً لفتنتهم، وإشاعة الفاحشة بينهم، وجرِّهم إلى المعاصي، لم يبق ذلك الحق على الأمة، كما أخبر بذلك النبـي (صلى الله عليه وسلم) بقوله:“السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلاَ سَمْعَ وَلاَ طَاعَة”.

ومن يتتبع أحوال الشعوب ولاسيما المسلمة منها ليلتمس الواقع المؤلم، والحال المرير التي تمرُّ بها، فالبؤس داهمها، والجوع أفتك بها، والفرقة مزقتها، والضعف والهوان خيمّ عليها، وسبب ذلك فساد ولاة الأمور لما أقبلوا على الدنيا الفانية وحرصوا على التمسك بالسلطة، والتربع على العرش، واحتكار مقاليد الحكم للأهل والعشيرة، فحملوا لواء البلاد فوق جثث رعيتهم، وتغنوا بالمجد وهم في أحضان الخنا والموبقات مستندين على أكتاف اليهود والصليبيين يأتمرون بأمرهم، ويستنون بسنتهم، فضلوا وأضلوا.

تابع تتمة المقال على موقع ياسين نت