بقلم: سعيد ساشة
إن التحدي وعدم الامتثال عند الطفل هي مشاكل سلوك عادية في معظم الحالات، وقد يعاني منها جميع الآباء في مرحلة ما (معاناة في صورة الغضب والإحباط، خاصة عندما يواصل الطفل التصرف بسلوك غير مهذب، رغم التنبيه بعدم القيام به)، وأغلب هاته الحالات ناتج عن “ضعف/عدم” إشباع بعض الحاجات النفسية، مع التركيز على ضرورة منح اليافعين أكبر قدر من الثقة والحرية، واختيار نظام العقوبات الذي من شأنه تغيير السلوك السلبي، وتعليمهم مهارات التفاوض المقبولة.
بل من المتخصصين من يعتقد بأن “عدم الامتثال وسلوك التحدي” الذي يسلكه الطفل يمكن أن يكون جزءا من نموه السليم، بل ظاهرة صحية خصوصا عند اليافعين، بحيث في غيابها ينبغي على الآباء توخي الحيطة والحذر. فعندما يختبر الأطفال الحدود الموضوعة لهم ويحاولون تجاوزها، فإنهم يحاولون أن يكونوا أكثر استقلالية.
وفيما يلي بعض التوجيهات لتقليص أثر هاته المشكلة:
كافئ إيجابيا
التركيز على الأفعال الجيدة التي يقوم بها الطفل بدلا من التركيز على السلوك السلبي، وبالتالي الاهتمام به، والبحث عن فرص للثناء على الطفل لسلوكه الجيد. سواء كان جالسا بهدوء يشاهد التلفاز أو يؤدي واجباته المدرسية أو يضع ملابسه المتسخة في السلة أو أي شيء آخر تود رؤيته يفعله كثيرا، توقف لحظة وقل له “عمل جيد”، فكلما امتدحت سلوكا معينا، زاد احتمال تكرار الطفل لهذا النوع من “السلوك الجيد” في المستقبل.
(لذا من الواجب تشجيع الطفل على السلوك الطيب، ومكافأته على ذلك، حتى تتعزز الثقة في نفسه، لأن ذلك حتما سيكون له دور كبير في تغيير سلوكه السيئ. وعندما تبدو عليه مهارة من المهارات، وإيجابية من الإيجابيات يجب تنمية تلك المهارة، وتشجعيها لتحقيق أداء أفضل في المستقبل) الاحتضان ومشروع المخيم-32.
لا تكافئ السلوك السلبي ولا تعره أكثر من حجمه
في الوقت نفسه، تجنب قدر الإمكان الاهتمام بالسلوك السلبي من خلال الحفاظ على تعابير الوجه ونبرة الصوت المحايدة أثناء قيام الطفل بعمل سلبي، مع العلم أن هذا من أصعب المهارات التي يمكن أن يتقنها المرء.
تجنب استخدام كلمات سلبية مثل “لا”، “توقف”، ولكن قم بتوجيهه لما يمكنه فعله، إذا كان الطفل يرسم على الحائط، قل له “يمكنك الرسم على الورق أو على السبورة البيضاء”. تذكر أن ما توجه انتباه الطفل إليه هو ما ستحصل عليه أكثر.
(وعوض توبيخه قم بتوجيهه إيجابيا كقول عبارات مثل: من خلال معرفتي بك، أنا على يقين من أنك ستقدم أداء رائعا) الاحتضان ومشروع المخيم-ص28.
ما نوع معركتك
ماذا لو طلب الابن جهازه اللوحي أثناء العشاء وقال الأب: لا، ثم بدأ بالصراخ أو أي سلوك غير لائق آخر؟ من الواضح أنه لا يمكن مجاراته في ذلك وإلا سيصبح هذا سلوكه الدائم.
يمكن أن تتحول “معركة الإرادات” بينهما بسهولة إلى تيار مستمر من اللاءات والتوقفات والنواهي، حيث ينخرط الطفل في سلوك غير لائق واحدا تلو الآخر من أجل جذب الانتباه أو الوصول إلى ما يريده. لذلك، يجب عليك اختيار معاركك بحرص مع الطفل، فإذا كان اللعب على الجهاز اللوحي أثناء العشاء يعيق الطفل عن تناول وجبته، أو أن العشاء هو وقت عائلي مميز، فبكل الوسائل يجب استخدام كلمة “لا” (التشجيع على السلوك الإيجابي أفضل من كثرة اللاءات).
ومع ذلك، إذا كان الآباء والأمهات أنفسهم يتفحصون هواتفهم أثناء تناول الوجبات، فقد لا تكون هذه مسألة تستحق الحرب من أجلها، من أجل توفير سياق عام متناسق لأطفالنا وحتى تكون “لا” التي نقولها لهم ذات مغزى، (وإننا لن نستطيع ممارسة دورنا التربوي بكفاءة ما لم نعمل على تربية أنفسنا ونحن نربي صغارنا) أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي-ص29.
ضع حدودا
التدخلات المسبقة هي استراتيجية مختلفة قائمة على تقليل احتمالية حدوث السلوك السلبي، وتتضمن على سبيل المثال معرفة الوقت الذي يحتاج فيه الابن إلى النوم أو أخذ استراحة حتى لا يتحول الإجهاد إلى طلبات غير مناسبة في الوقت الحالي. تتضمن أيضا تزويد الطفل بالخيارات المتعلقة بما سيفعله ومتى سيفعله، واستخدام أسلوب التذكير لتسهيل الانتقال من الأنشطة المفضلة إلى الأنشطة الأقل تفضيلا.
(لا تعاقب قبل وضع القواعد، ولا تلمه على شيء سمحت له بفعله) الاحتضان ومشروع المخيم-30.
تجاهل إيجابيا
يمكن أن يكون عدم الامتثال عند الأطفال، طريقة لجذب الكثير من الاهتمام، رغم أنه اهتمام سلبي، فإن بعضهم يتوقون إليه، على أي حال. فتجاهل السلوك السلبي وسيلة فعالة لجعل الأطفال مهذبين في نهاية المطاف. في حين توجد طريقة أخرى لمنع “سلوك البحث عن الاهتمام بالقيام بالسلوك السلبي”، وهي إعطاء الطفل جرعات يومية من الاهتمام الإيجابي. كاللعب وقضاء الوقت معا، دقائق فقط من الاهتمام الإيجابي يمكن أن تقطع شوطا طويلا في تقليل التحدي. (ويجب أن تكون الطلبات بسيطة وشرحها أبسط ما يكون ومخاطبته بالتوقعات الإيجابية) الاحتضان ومشروع المخيم-28.
لتكن تعليماتك فعالة
(قد يسمع الطفل حديثك دون اهتمام وتركيز، وبالتالي فإنه لن يستجيب، لذا تكون أول خطوة هي الحرص على جذب انتباهه، وجذب الاهتمام يبدأ أولا بالتواصل البصري في مستوى الطفل) الاحتضان ومشروع المخيم-28. فربما لم يسمع بسبب تشتت تفكيره أثناء اللعب بألعاب الفيديو الخاصة به أو أثناء استخدام هاتفه، وفي هذه الحالة، فالآباء بحاجة إلى إعطاء التوجيهات بشكل مختلف إلى أبنائهم. وقد يساعد التواصل بالعين أو وضع يد على الكتف لجذب الانتباه قبل التحدث. يجب التأكد من أن الأطفال منتبهون حتى يتمكنوا من استيعاب ما نطلب منهم القيام به.
قدم اقتراحات محددة
من أفضل الطرق لمحاربة السلوك السلبي تقديم خيارات، فعندما تقدم خيارات، يشعر الأطفال بأن لديهم بعض السيطرة على الموقف. تجنب أسئلة مثل “هل تريد ارتداء الملابس الآن؟” لأن الطفل المتمرد سيقول “لا” تلقائيا، بدلا من ذلك اطرح أسئلة مغلقة مثل “هل تريد ارتداء قميصك الأحمر أم القميص الأصفر؟”
قاعدة مشهورة
يمكن اعتبار السلوك الذي يؤطر الأشياء باعتبارها حوافز عوض التركيز على النتائج السلبية، واحدة من أفضل الطرق لتشجيع الامتثال لما نطلبه من الأطفال. لأن هذا السلوك يشعرهم بأن لديهم بعض السيطرة. لذا بدلا من قولك “لا يمكنك لعب لعبة الفيديو لأنك لم تنظف غرفتك”، حاول أن تقول “يمكنك تشغيل لعبة الفيديو بمجرد الانتهاء من تنظيف غرفتك”.
المصادر:
· كتاب: أولادنا ووسائل التواصل الاجتماعي – د. عبد الكريم بكار.
· كتاب: الاحتضان ومشروع المخيم-سعيد ساشة.
· مواقع إلكترونية.