في كل رقعة من هذا العالم المضطرب المضطرم حروب وويلات تزهق في أتونها مئات الآلاف من الأرواح البريئة، وحظ الأمة الإسلامية من هذه المحن وافر، بل لا تكاد تشتعل في الكرة الأرضية نار إلا ونال عضو من جسد الأمة من لهيبه الحارق، ولا تنزف بدم إلا كان شريان من شرايين الأمة مصدر ذلك النزيف الحاد المزمن.
وفي ما يلي جرد لخمسة من عناوين محن أمتنا تذكيرا بها حتى لا ننسى أننا ننتمي إلى أمة لها علينا حق التضامن ولو بأضعف الإيمان.
الأقصى.. القدس.. فلسطين… الجرح الغائر
– منع الاحتلال الصهيوني صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
كان من فصول المعركة بين حق الفلسطينيين في أرضهم ومقدساتهم وبين باطل الصهاينة ومن وراءهم قرار سلطات الاحتلال إغلاق المسجد الأقصى المبارك، وحظر صلاة الجمعة فيه يوم الجمعة 14 يوليوز 2017. وكان هذا المنع هو الأول بعد خمسة عقود، حيث منع الاحتلال أداء الجمعة في رحاب المسجد الأقصى للمرة الأولى عام 1969 في اليوم التالي لإقدام الأسترالي مايكل روهان على إحراق المسجد.
وأمام هذا القرار الصهيوني دعا نشطاء ومقدسيون ورجال دين إلى شد الرحال نحو الأقصى وإقامة الصلاة فيه تحديا لقرار الاحتلال، وجعل شوارع القدس والشوارع القريبة من الأقصى ساحات صلاة.
وجاء هذا المنع، ردة فعل انتقامية ضد أهل القدس وحراسه؛ حيث عمد الكيان الغاشم إلى إغلاق المسجد الأقصى المبارك في أهم أيام الأسبوع ومنع الصلاة فيه بالقوة مع إعلانه منطقة عسكرية مغلقة، مباشرة عقب العملية التي أدت لمقتل اثنين من رجال الشرطة الصهيونية واستشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين بعد اشتباك مسلح في باحات المسجد كردة فعل على اقتحامات وتدنيس المسجد الأقصى المبارك. منع جديد يضاف لممارسات سلطات الاحتلال الهمجية في حق الشعب الفلسطيني ومقدسات الأمة، مع استمرار مصادرة الأراضي وتوسيع دائرة الاستيطان، واتساع عمليات التهويد الممنهج للمقدسات الفلسطينية وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، وازدياد معاناة سكان قطاع غزة نتيجة الحصار الجائر على القطاع، في ظل تخاذل عربي وصمت دولي رسميين.
غير أن نبض الأمة الحي انتفض وثار على إرادة المحتل الغاشم، بعد 14 يوماً من حصاره للأقصى، والذي لقي مواجهة باسلة من رجال ونساء القدس الشريف، دفع السلطات الصهيونية إلى التراجع عن قراراتها المتغطرسة، فأزالت الجسور والممرات المعدنية، مباشرة بعد إزالتها البوابات الإلكترونية التي نصبتها على مداخل المسجد الأقصى. وقد قررت المرجعيات الدينية في القدس المحتلة صباح الخميس 27 يوليوز 2017 عودة المصلين للصلاة في المسجد الأقصى المبارك، ودعت المرجعيات الدينية، جماهير الشعب الفلسطيني إلى التجمع قبيل صلاة العصر على بوابات المسجد الأقصى للدخول إليه جماعة بالتهليل والتكبير، ورفضت في بيان لها تحديد أعمار الداخلين للأقصى، مؤكدة أنه حق لكل المسلمين صغيرهم وكبيرهم، مطالبة الأوقاف الإسلامية بإغلاق مساجد القدس كافة، وتوجيه المصلين للصلاة في رحاب المسجد الأقصى المبارك.
وتعليقا منه على هذا النصر التاريخي قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، في تصريح إعلامي له بأن “أهل القدس أجبروا الاحتلال الصهيوني على الخضوع للإرادة الفلسطينية والعربية والإسلامية، ما جعله يجر أذيال الهزيمة”. وحيى في التصريح نفسه صمود أهل القدس وثباتهم في وجه الاحتلال، مؤكدًا أن ما جرى يمثل صفحة مشرقة من صفحات الانتصار، وبداية اندحار الاحتلال عن القدس والأقصى.
لا شك أن انتصار المقدسيين وصمود الفلسطينيين ومن ورائهم شعوب الأمة في العالم، قد أسقطت رهانات استبدادية، واستراتيجيات احتوائية، ومخططات سياسية، ومشورات مختبرية. والرسالة الأساسية لهذا الانتصار الكبير هي أن للشعوب كلمتها ورسالتها، وأن إرادتها من إرادة الله، وأن جولة الباطل والاستبداد الآن، تعقبها صولات للحق وإرادة الشعوب الآن وغدا بإذن الله.
– وعد ترامب بعد 100 عام على وعد بلفور
شكل وعد بلفور المرتكز الذي أقامت عليه الصهيونية كيانها الغاصب على أرض فلسطين، فكان وعدا ممن لا يملك لمن لا يستحق، جسد تحالفا بين النصرانية والصهيونية ضد العرب والمسلمين، أزهقت بمقتضاه أرواح وشردت أسر وهجرت قرى بأكملها.
مائة سنة مرت على الوعد عاشها الفلسطينيون والمسلمون بين التقتيل والتهجير، بين الحروب والمجازر، بين السجون والمنافي، بين المعاناة والمحن.
وفيما كانت الأمة تستذكر وعد بلفور المشؤوم بعد مائة عام من صدوره وتفعيله من قبل بريطانيا عام 1917، أبت رغبة الإدارة الأمريكية إلا أن تحتفي بمظلمة الأمة في قدسها بتنفيذ الإجراء المؤجل منذ سنوات والمتمثل في نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، حيث أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطاب له يوم الأربعاء 6 دجنبر 2017 قراره بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة للدولة العبرية المحتلة، ووقع مباشرة بعد خطابه على قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس المحتلة.
وهو القرار الذي اعتبره مجموعة من المراقبين والفاعلين الدوليين خطوة خطيرة وقرارا باطلا وغير صائب، يصاحبه تخاذل مزمن من طرف الأنظمة العربية الرسمية التي لم تتخذ إلى حدود الساعة قراراً سياسياً عملياً يرد على إجراءات الولايات المتحدة بكل حزم، وهذا بفعل تواطئها التطبيعي الذي أصبح يُمارَسُ علناً، مع تعزيز خيار السلام مع كيان لطالما شرد أصحاب الأرض وأعدم الأطفال والنساء والشيوخ وأهان أسرى الكرامة.
ولم تكن الولايات المتحدة الأمريكية لتجرؤ على هاته الخطوة الظالمة والغاشمة والمنحازة مردها حالة الضعف والشتات الذي تعيشه الأمة بسبب انشغال حكامها بالعمل فقط على ضمان استمرار تسلطهم على شعوبهم وامتصاص دمائهم وابتلاع أقواتهم وتكديس ثرواتهم.
وبين دعوات رسمية لاجتماعات طارئة عربية وإسلامية، و”قلق” الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن “أي عمل أحادي من شأنه أن يؤدي إلى تقويض حل الدولتين”، وانتشاء رئيس وزراء العدو بما اعتبره بـ”التاريخي” وبـ”الشجاع والعادل”، تأتي الخطوة الأمريكية لتفضح الأنظمة العربية المتواطئة والمتخاذلة ولتفتح القضية الفلسطينية على ما اعتبره بعض المراقبين “أفقا مجهولا”.
وسارع إسماعيل هنية في خطاب مباشر ألقاه صباح اليوم الخميس 7 دجنبر 2017 من غزة، عن يوم غضب الجمعة 8 دجنبر 2017، وانطلاق “انتفاضة جديدة”، سماها “انتفاضة حرية القدس والضفة”، والتي تتزامن مع الذكرى الثلاثين لانطلاق الانتفاضة الفلسطينية، مؤكداً أن حركة المقاومة الإسلامية “تطالب وتدعو وتعمل على إطلاق انتفاضة في وجه الاحتلال، لأنه اليوم لا أنصاف حلول”.
وانطلقت منذ صباح يوم الجمعة 8 دجنبر 2017 مسيرات ومظاهرات غاضبة ضد الاحتلال الإسرائيلي في مختلف المدن الفلسطينية، رفضا لقرار الرئيس الأمريكي دونلد ترمب، الذي أعلن أول أمس اعترافه بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، وقرر نقل سفارته إليها. ونتج عن هذه المظاهرات الحاشدة التي خرجت في كل مدينة وبلدة فلسطينية، مواجهات بين المحتجين وقوات الاحتلال التي كانت متأهبة بأسلحتها وعتادها العسكري لمواجهة أبناء الشعب الفلسطيني الغاضب. وقد واجهت أجهزة الاحتلال بالرصاص الحي، والرصاص المطاطي، وقنابل الغاز، المتظاهرين في كل من قطاع غزة، وشمالي رام الله، والخليل جنوبي الضفة الغربية، وجنوب شرق بيت لحم، مخيم جباليا شمال قطاع غزة، نابلس، خانيونس، وبلدات أخرى.. كما أقدم جنود الاحتلال على تحطيم زجاج محال تجارية في أزقة القدس المحتلة، وقمعت مسيرة خرجت من المسجد الأقصى باتجاه باب العامود، وعنفت المشاركين فيها.
وتفاعلا مع الحدث الكبير وتضامنا مع القدس في محنتها خرجت في كل بقاع العالم مسيرات ومظاهرات احتجاجية على القرار الأمريكي وتضامنية مع القدس الشريف من الرباط إلى جاكرتا.
ولعل أضخم مسيرة خرجت للاحتجاج على القرار الأمريكي والتضامن مع القدس المحتلة ودعم الشعب الفلسطيني هي المسيرة المليونية التي خرجت صباح الأحد 10 دجنبر 2017 من ساحة باب الأحد بالرباط استجابة لنداء منظمات وجمعيات مدنية وهيئات سياسية وحقوقية مختلفة.
وقد خرج الشعب المغربي في هذه المسيرة الضخمة بحشوده المعهودة تضامنا مع القدس الشريف المحتلة، ومع فلسطين السليبة، ومع الشعب الفلسطيني الأسير المحاصر الأعزل.
مسلمو الروهينجا وحرب التطهير العرقي
لا حق لهم في المشاركة السياسية، لا حق لهم في البيع والشراء، ولا حق لهم في التجوال، بل لا حق لهم في الحياة، فقد هدمت بيوتهم، وأحرقت مساجدهم، وهجروا من موطنهم ووطنهم، إنهم الأقلية الأكثر اضطهادا عبر العالم بحسب ما وصفتهم الأمم المتحدة. إنهم مسلمو الروهينغا.. الجرح المفتوح النازف في أمتنا المنكوبة. فما يتعرض له مسلمو الروهينجا من قبل الجيش البوذي الذي يقتلهم بدم بارد تطهير عرقي لا غبار عليه. ممارسات لاإنسانية مخزية: أطفال ونساء وشيوخ يقتلون حرقا بالنار أو دفنا وهم أحياء، أو تقطع أطرافهم في زمن حقوق الإنسان والمواثيق الدولية… لكن هذا العالم لا يتكلم لإنقاذ هؤلاء الذين يبادون جماعة في إطار صمت عالمي رهيب… وأمتنا كل شغل عن غيره بمصيبته الخاصة.
وقد أدت الخطط التي وضعتها السلطات في ولاية أراكان في بورما إلى نزوح 589 ألفا من الروهينغا ونحو ثلاثين ألفا من غير المسلمين من شمال الولاية.
وتراوح محنة مسلمي الروهينجا الذين يتعرضون لحرب إبادة وتطهير عرقي من طرف جيش ميانمار العنصري مكانها بين خوفهم من العودة، والريبة في ما أعلنته ميانمار من ضمانات. وبين الإقامة في مخيمات مؤقتة جديدة أو مستوطنات أشبه بالمخيمات تحمل مخاطر كثيرة، منها بحسب مسؤولي الأمم المتحدة، أن العائدين والنازحين داخليا قد تنتهي بهم الحال محصورين في تلك المخيمات لفترة طويلة.
وفي أجواء الصمت العربي والإسلامي الرسمي المطبق تجاه هذه المذابح، وسياسة الكيل المزدوج التي ينهجها المنتظم الدولي، والتي تغض الطرف حين يتعلق الأمر بمظالم المسلمين في العالم، أكدت المنظمة الدولية للهجرة، أن أكثر من 100 ألف من الروهينغا المسلمين هربوا من شمال غرب ميانمار خلال السنوات الخمس الأخيرة ومعظمهم من النساء والأطفال، وذلك بسبب المجازر الوحشية التي يتعرضون لها، على يد جيش النظام البورمي، عبر خطة وحشية لإبادتهم.
وذكرت سانجوكتا ساهاني، مسؤولة بالمنظمة، إلى أن هذه المؤسسة الدولية صارت يائسة للغاية، مفيدة أن أكثر ما يحتاج إليه هؤلاء الفارون من المجازر الوحشية، هو الملاذ الآمن والغذاء والخدمات الصحية.
وتابعت المسؤولة في تصريح إعلامي لها نهاية نونبر الماضي بأن كثيرين من الهاربين، مصابون بطلقات نارية وحروق في أنحاء متفرقة من أجسادهم، وأن رجال الإغاثة ذكروا أن بعض اللاجئين كانوا في حالة ذهول وصدمة .
يشار إلى أن الروهينغا محرومون من الجنسية في ميانمار، وتعتبرهم السلطات مهاجرين غير شرعيين، رغم أنهم يعيشون هناك منذ قرون
نظام الأسد متماد في جرائمه ضد الشعب السوري
الاستسلام أو الموت جوعا هو استراتيجيةُ الترحيل القسري للمواطنين التي يطبقها النظام الأسدي في سوريا… ممارساتٌ ترقى لجرائم ضد الإنسانية هذه التي يرتكبها النظام السوري عبر تنفيذه لخطة تهدف إلى محاصرة وتجويع المناطق المعارضة له حتى الاستسلام أو الترحيل القسري، أو الموت.
في العام المنقضي كما في الأعوام السبعة الماضية أعداد كبيرة ممن عاشوا فترات زمنية تحت القصف والحصار وجدوا أنفسهم أمام خيار الرحيل أو مواجهة الموت في خضم حملات الحصار التي يمارسها النظام وقتله المدنيين واقتلاع آلاف منهم من منازلهم وإجبارهم على العيش في ظروف مزرية، تشكل جرائم ضد الإنسانية.
والمناطق التي تعرضت للحصار لفترات طويلة وهجّر سكانها قسرا، هي داريا وشرقي مدينة حلب وحمص ومضايا، وإدلب. وعمليات الحصار والقتل غير المشروع والترحيل القسري من قبل القوات الحكومية، وجماعات وميليشيات متطرفة موالية لقوى إقليمية ودولية، هي جزء من هجوم ممنهج وواسع النطاق على السكان المدنيين، وبالتالي فإنها تشكل جرائم ضد الإنسانية. وقد فرض النظام حصارا على مناطق مكتظة سكنيا، وحرم المدنيين من الطعام والدواء وحاجات أساسية أخرى في “انتهاك صارخ للقانون الإنساني الدولي”.
ويستمر النزيف السوري على مرأى ومسمع من العالم المتحضر الذي لا تخرق آذانه صرخات المعذبين الذين يدفعون ضريبة الاستبداد من ناحية وضريبة الحسابات الاستراتيجية للدول العظمى. نزيف للصراع الدولي حول المصالح المتضاربة بين الأقطاب المتحكمة في مصائر دول وشعوب المنطقة.
صراعات متضاربة المصالح إلا في نتيجة واحدة وهي حفظ الأمن والاستقرار للدولة الصهيونية باعتبار أن هذه المنطقة مركز تاريخي وبؤرة من النار المشتعلة بأقوى الصراعات التاريخية.
اليمن السعيد.. ثلاثي الحرب والجوع والكوليرا
إن أفظع ما مر به اليمن “السعيد” سنة 2017 ولا يزال تحت وطأته هو ثلاثي الحرب والمرض والجوع.
فقد خلّف هذا النزاع نحو تسعة آلاف قتيل و58 ألف جريح، ومليونا ونصف مليون نازح. كما أدى النزاع إلى انهيار النظام الصحي وإغلاق مئات المدارس، فضلا عن تأثر نحو 13 مليون يمني بالمجاعة وإصابة مليون آخرين بالكوليرا بحلول نهاية العام الحالي 2017.
والحرب الحالية هي الحرب الثالثة باليمن خلال الخمسة والخمسين عاما الماضية، والعامل المشترك بين اثنتين منها اصطراع قوى إقليمية بأدوات يمنية وبتدخل مباشر. وقد ظل الشعب اليمني يدفع فاتورة هذه الحروب، لكن الحرب الحالية تُعتبر الأعلى فاتورة.
وتوج هذا الثلاثي المشؤوم بإغلاق المسارات البرية والبحرية التي تحول دون إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب المهدد بوقوع أضخم مجاعة شهدها العالم منذ عقود. وتأتي
وتفضح الأرقام الرسمية حجم التجاهل المتعمد للكارثة الإنسانية في اليمن بسبب هذه الحرب الضروس، مع غياب أي مؤشرات على انتهاء الصراع.
مصر
أما في مصر، فإنه لم يشهد عام 2017 أي تحسن في حقوق الإنسان، بل على العكس من ذلك تماما، زادت حالتها انهيارا، حيث استمرت السلطات المصرية الانقلابية في مسارها القمعي، بانتهاج ألوان الانتهاكات الحقوقية على مختلف الأصعدة، وهو ما أكدته عدة منظمات حقوقية أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن “حالة الانحدار التي تعاني منها منظومة حقوق الإنسان في مصر مازالت على ذات النسق دون أي تحسن يذكر”.
وأشار التقرير إلى “تعرض 208 أشخاص للقتل خارج إطار القانون في مختلف المحافظات المصرية، بينهم 71 شخصا تعرضوا للتصفية الجسدية أثناء اعتقالهم، و120 شخصا توفوا داخل مقار الاحتجاز، وقتيل أثناء اعتداء الأمن على تجمع احتجاجي، و15 شخصا قتلوا بتنفيذ حكم إعدام مسيس صادر عن محكمة عسكرية، وقتيل تمت تصفيته إثر مشادة مع فرد أمن”.
وأضاف التقرير ذاته أن “107 أشخاص آخرين قتلوا في ظروف ملتبسة، حيث ادعت وزارة الداخلية وفاتهم أثناء إلقاء القبض عليهم، بينما حاولوا الهرب أثناء القاء القبض عليهم أو بادروا القوات الأمنية بإطلاق النار عليها، في حين لم تفتح تحقيقات قضائية جادة في تلك الأحداث، ما يجعل رواية الداخلية محل شك خاصة في ظل تفشي سياسة التصفية الجسدية خارج إطار القانون على يد قوات الأمن المصري”.
أزمات حاضر كارثي وأمل في مستقبل أفضل
صراع سياسي ضد استبداد مزمن هنا، وحرب أهلية هناك، وحرب مدمرة تطحن المستضعفين وترمي بهم وقودا رخيصا في آلتها الحربية هنالك، واستئساد للدولة العميقة وعودة لرموزها بوجوه مكشوفة هنا وهناك وهنالك… هذه هي الخلاصة الظاهرة للحرب التي حورب ويحارب بها الربيع العربي إلى الآن، ولكن الخلاصة التي تتشكل وتنمو في رحم الغيب هي ما نشهده من استعادة الشعوب لأنفاسها ولقواها بعد الضربات التي تلقتها، واستفادتها من صيرورة الأحداث ومن دروس التاريخ، بما يظهر في الأفق من ولادة نسخة جديدة للربيع الموعود، بعد خيبات أمل هذه الشعوب في النظم الاستبدادية التي وعدت فأخلفت، وناورت فانفضحت، واستفردت بمقاليد الحكم فبان للعيان أن الاستبداد هو هو مهما غير من جلده أو من أقنعته.