قريبا على موقع الجماعة وفي حلقات.. الأستاذ أبوبكر بن الصديق يُحدِّثكم عن الذكرى الثلاثين لحدث عظيم

Cover Image for قريبا على موقع الجماعة وفي حلقات.. الأستاذ أبوبكر بن الصديق يُحدِّثكم عن الذكرى الثلاثين لحدث عظيم
نشر بتاريخ

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد النبي وأزواجه أمهات المومنين وذريته وآل بيته كما صليت على آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد

ارتقبوا

قريبا على صفحات موقعنا

أبوبكر بن الحسن بن الصديق

عضو مجلس الإرشاد

يعدكم بزيارة قريبة على موقع الجماعة نت

ليحدثكم لأيام متوالية عن الذكرى الثلاثين لحدث عظيم

 

اتصل بنا مُبديا رغبته في الكتابة حول تخليد الذكرى الثلاثين لحدث عظيم.

–       استفهمناه: الذكرى الثلاثون لحدث عظيم؟

–       أجل، بحلول شهر يناير 2020، كانت ثلاثة عقود بتمامها قد اكتملت على الحدث العظيم الذي شهدناه في مثل هذا الشهر من سنة 1990.

–       استوضحناه: وما هو؟

–       فأجاب: “نعم، هكذا أزعم! إذ أليست الأحداث إنما تعظم ويكبر شأنها أو تصغر ويحقر أمرها ارتباطا بمن صنعوها من رجال أو نساء؟” قبل أن يضيف: “وفي ميدان إقامة الشهادة لله بالقسط وصناعة التاريخ يكون الرجل كالمرأة وتكون الأنثى كالذكر”.

–       قلنا له: شهر يناير 1990 يرتبط في ذاكرة متتبعي الشأن العام ببلادنا بالحرب الضروس المعلنة لإسكات صوت العدل والإحسان واستئصال شأفتها، وذلك بمنع كافة أنشطتها وخنق أنفاسها، وفصل قيادتها عن قواعدها. ففيه ضرب الحصار على مرشدها، وشددت الحراسة على بيته آناء الليل وأطراف النهار، بما هو أشد من السجن، إذ السجناء على الأقل يحظون بزيارة ذويهم ويُعلمون بمُدَدِ عقوبتهم وحرمانهم من حريتهم، أما الأستاذ ياسين رحمه الله، فحوصر خارج دائرة القانون، فلا صك اتهام ولا دفاع، ولا حجة ولا دليل ولا برهان؛ قبع البوليس أمام باب بيته فمنعت حتى حماته الثمانينية -وقد تحملت عناء السفر الطويل- من زيارة ابنتها السيدة خديجة المالكي زوج الإمام رحمهم الله جميعا، فما بالك بغيرها! وتزامنا مع ذلك استُهدِفت قيادة الجماعة المركزية، فأودع مجلس الإرشاد السجن، وكذا القيادات المحلية بمدن كثيرة، كما حوكم نشطاء الطلبة وتوبعوا، فوَصَلت أعداد المعتقلين من أبناء الجماعة العشرات. فهل عن هذا تُكَلِّمُنا؟

–       أجابنا: ما تقولون صحيح، وهذا حدث جلل حَلَّت ذكراه الثلاثون وحُقّ أن يُحتفى به هذه السنة وأن تخلد ذكراه ويكتب عنها ويحاضر. لكنني لم أقصد هذا الحدث، وليس عنه سيكون حديثي في لقائي مع قرّائكم الأعزاء، وإنما سيكون حديثي -وقد يطول- عن رجل عظيم القدر عند الله –ولا أزكي على الله أحدا- وعندَ مَن خبره عن قرب وعاشره، مات في هذه الفترة وبالضبط يوم 3 يناير 1990، فغطت الأحداث التي ألمحتَ إليها في سؤالك، على موته ورَحَل في صمت. فلو سألت الغالبية العظمى من شباب الجماعة أو من المنتمين إليها في العقود الثلاثة الأخيرة، عن رجل اسمه إبراهيم عدي حميد، الملقب ببلال، لما وجدت عندهم عنه خبرا. ولقد أكرمني الله وشرفني، أني التقيت بالرجل وعايشته في كل محطات الجماعة منذ أن أنعم الله علي بالانتماء إليها وإلى أن لبى لقاء ربه راضيا مرضيا.

ثم يضيف، بعد أن استجمع أنفاسه: “جمعتنا الرباطات الفصلية المركزية وقد كانت مما لا يتغيب عنها من أعضاء الجماعة، إلا أسيفٌ ذو عذر قاهر، وجمعنا ببيت الإمام رحمه الله نهاية كل شهر، اللقاء الشهري، ورافقني في كل الزيارات التي قمت بها لمدينة الدار البيضاء ومدن الوسط، مرات متكررة، وأخص بالذكر منها زيارتي لرباطات المدينة الفصلية الأربعة عشر ربيع سنة 1982، وهي تنتشر في أعماق أحيائها، فكان –رحمه الله- يقودني إليها بكل دقة، في زمان ما قبل المحمول وGPS، وكأنه يقودني إلى منزله الذي يسكنه وإليه يَنْزَعُ، أو منزل أبيه الذي ولد فيه، وفيه نشأ وترعرع، لا يخطئ محضنا إلا ويطرق بابه، لا الباب الذي عن يمينه أو يساره.

مات رحمه الله والحرب ضد الجماعة مستعرة. ولم يكن لنا آنذاك منبر إعلامي، ولا وسائل اتصال، فمات دون أن نتمكن من أن نقيم له تأبينا يليق بجهاده وبذله وعطائه وتضحياته. رحل عنا ولم نوفه حقه والجماعة تعيش بطش المخزن وجبروته، مقهورين مكرهين لا راغبين عن ذلك، ولا نحن فيه من الزاهدين.

فقلت، لا بأس وقد حلت ذكراه الثلاثون، حتى ولو مر على حلولها شهور، أن أستأذن هيئة التحرير في أن أخصه بسلسلة تعريفية، وأنا أعلم سلفا أني لن أوفيه حقه.

–       مرحبا سيد أبوبكر، إذن فلنا معك إن شاء الله موعد شبه يومي تتكلم عن الرجل؟

–       نعم إن شاء الله، وبعد إذنكم وجميل دعائكم، إلى أن أنتهي من عرض ما جمعت من شهادات أهله وأقربائه وإخوانه الذين صحبوه وعاشروه وأحبائِه. فانتظروا وترقبوا، فلعل بذكر السي إبراهيم طيلة أيام تتنزل علينا الرحمات، فكثيرا ما سمعنا من أهل الله قولهم “بذكر الصالحين تتنزل الرحمات”، وأنا أعتبر -ولا أزكي على الله أحدا- أن السي إبراهيم عدي حميد كان واحدا منهم، رحمه الله. وعند حلول الموعد سيكون للحديث عنه بقية.