“قرآنا عجبا” (16) | “إنا أنزلناه في ليلة القدر”

Cover Image for “قرآنا عجبا” (16) | “إنا أنزلناه في ليلة القدر”
نشر بتاريخ

إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ

ارتبطت هذه الآية بأجواء ومشاعر وأحداث خاصة عشناها في صغرنا.. ارتبطت في وعي أغلبنا باحتفالات ليلة القدر.. وبأساطير ليلة القدر.. كنا نسمع من الكبار أن أبواب السماء تنفتح هذه الليلة فنظل نراقبها حتى يغلبنا النوم. ونسمع أن الملائكة تتنزل فنبحث بين أضواء النجوم عن وجوه الملائكة وأجنحتها.

نسهر في المسجد؛ نلعب، ونأكل، ونتمازح، ونمثل الجدية والوقار أمام النظرات الغاضبة للكبار..

وعندما كبرنا صار لهذه الآية ذوق خاص.

أول ما تخبرك به أن النهاية اقتربت.

فتجتهد في سويعاتها لتكون شخصا آخر.. لتكون أفضل، لتبدأ من جديد..

تتمنى أن يولد في هذه الليلة قدر جديد بين أحضان ليلة القدر..

تريد أن تختار قدرا يرضاه الله لك، قدرا يحملك ويحمل عنك..

تجعلك هذه العشر الأخيرة في مواجهة نفسك بنفسك، كل الشياطين في رمضان تصفد وتقيد.. وأنت في الحلبة أمام نفسك..

منفرداً أمام نفسك، لشهر كامل.. تكتشف نقاط ضعفك.. وتعيد اكتشاف مصادر قوتك..

تنقب في دواخلك، في مغاراتك وكهوفك..

في أدراجك السرية ومخابئك..

في كل ما لم تخبر به أحدا، عن ذلك الشخص الضعيف الذي هو أنت..

حتى إذا اقتربت الأيام المعدودات من نهايتها، منحك الله فرصة لتفر من قدر الله إلى قدر الله..

فرصة تقدر بألف شهر تحت أنظار الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر..

هل تشعر الآن بكمية النور المتدفق من هذه السورة.. نور الله المشرق في قرآنه الذي (أنزلناه) ونور ملائكته (والروح فيها) وهم يتنزلون بين الأرض والملأ الاعلى ونور الفجر ونور السلام المرفرف على الوجود..

إنها آية للفرح والغبطة والابتهال..

وما أدراك ما ليلة القدر..