عبد الله الحازم
إذا كان الشباب رمز قوة وحضارة أي مجتمع، فإن قلبها النابض طلابها الأحرار، باعتبارهم طليعة المجتمع وأطر المستقبل وبناة المجد والحضارة وحماتها. وبمناسبة اليوم العالمي للطالب يخلد الطلاب هذا اليوم في ظروف يعرفها القاصي والداني عنوانها الأبرز القمع والاعتقال والإجهاز على حقوق ومكتسبات الجماهير الطلابية وحركتها الطلابية ونضالاتها المجيدة. ظروف لم تمنع الحركة الطلابية، خارجيا، من مساندة كل الاحرار في العالم والدفاع عن قضايا الأمة العادلة والمشروعة أبرزها القضية الفلسطينية ومحاربة التطبيع مع الكيان الغاشم، وداخليا من مواجهة سياسيات المخزن باعتباره نظاما مستبدا يكرس حكمه المطلق حتى في الحرم الجامعي عبر مخططاته التصفوية لرموز الفعل الطلابي، بنهج حصاره البوليسي على الجامعة المغربية من جهة واتباع سياسة تعليمية تخريبية تفرغ الجامعة من محتواها ودورها الأساسي في الدفاع عن الطلاب وعن مختلف قضايا المجتمع من جهة ثانية.
تأتي ذكرى اليوم العالمي للطالب، وسط ظروف سفيهة محبطة مثبطة تكرس العقلية الانهزامية الانعزالية لدى الطلاب. وبالرغم من هذه الاكراهات الممنهجة من طرف الانظمة الاستبدادية يجب الوقوف وقفة إجلال وإكبار وافتخار للدور الفعال الذي ساهمت به الحركة الطلابية في بناء مسار الحركة المجتمعية وذلك عبر تاريخها ورصيدها المجيد بما يتيحه لها موقعها إلى جانب الفاعلين الآخرين في منظومة التغيير والانتقال إلى دولة الإنسان. يكفيها شرفا ما قدمته وتقدمه إلى حد الآن من قوة تأطير للطلاب واقتراح وتنظير وبديل ثقافي يخدم ويحافظ على كرامة وآدمية الإنسان، رغم المشاريع الاستبدادية الهدامة المحبطة للكيد لها. ورغم هذا كله ظلت الحركة الطلابية وستظل الأمل المضيء المنير الذي يستنهض الهمم والعزائم فكرا وعلما وممارسة وسط الفضاء الجامعي وخارجه. ولعل هذا الدور الذي حملته الحركة الطلابية على عاتقها واشتغالها في عدة واجهات (دراسية علمية – ثقافية- نضالية حقوقية – تضامنية…) وسط شروط غير سليمة وغير صحية بالفضاء الجامعي مناهضة بذلك السياسات اللاشعبية للأنظمة الاستبدادية، جعلها أقرب مكون معبر عن إرادة الشعب ومدافع عن حاجاته الحقيقية ووفيا لآماله التحررية، وجعلها من جهة أخرى في مواجهة مباشرة مع دوائر القرار ومواقع السلطة نالت منه الحركة الطلابية حصة كبيرة نذكر بعضا منها (اغتيالات وتصفيات لرموز الحركة الطلابية وجماهيرها بمختلف توجهاتها وأطيافها، اعتقالات ومداهمات، طرد ومضايقات، ترهيب للطلاب بعسكرة الجامعة بمختلف ألوان القوات المخزنية…).
ولعل أبرز شاهد على هذه الانتهاكات والأحداث الطلبة الاثنا عشر من فصيل طلبة العدل والإحسان الذين اعتقلوا ظلما وعدوانا وقضوا على إثرها 20 سنة سجنا نافذا، وكذا ملف الطالب “عمر محب” من فصيل طلبة العدل والإحسان، والذي لا يزال يقبع في سجون الظلم والاستبداد وحكم عليه ظلما وعدوانا بعشر سنوات سجنا نافذا قضى منها لحدود اليوم سبع سنوات. وكان آخرها الطلبة المعتقلون بجامعة أبي شعيب الدكالي بالجديدة. وذنبهم الوحيد هو أنهم دافعوا عن قضايا الطلاب العادلة وطالبوا بمطالب مشروعة وعادية جدا ومن بينها “المطعم جامعي”. كل هذه التضحيات التي قدمها الطلاب ستبقى موشومة في التاريخ بمداد من ذهب لكونها فضحت وكذبت زيف ومسرحيات الدولة المخزنية وادعاءاتها باحترام حقوق الإنسان وبأنها دولة الحق والقانون.