لنتعلم فريق العمل من الكائنات الحية.
1- النحل
2- النمل
3- الإوز
لا يمكن لأحد يريد التحدث عن عمل الفريق كأحد وظائف الإدارة الناجحة، بشكل واضح وجلي، إلا ووجد في مجموعة من الكائنات الحية ضالته وبغيته، هذه الكائنات التي تعيش من حولنا ولكننا لا نستفيد من طريقة تنظيمها وتدبيرها وتخطيطها، وما تمتلكه من نسبـة رائعـة من ثقافـة فريق العمل… وهذا ما يدفعنا دفعا للوقوف على تلك الدروس العظيمة التي ستقدمها لها ثلاثة من أروع النماذج لفريق العمل الفعال.
1– النحل
مثال واضح لقمة الإدارة الناجحة التي تمتاز بتقسيم الأدوار والمهام والتخصصات والتنظيم المحكم من خلال فرق العمل يقوم بهذا العمل منذ نحو (150) مليون سنة دون كلل ولا ملل على أفضل وأحدث ما يمكن أن تبدعه العقلية الإدارية، مستعينا بفريق متكامل ومتفاهم ومتناسق ومنسجم لكل واحد تخصصه ودوره، يؤديه بأعلى درجات الكفاءة والفعالية. منهم المهندسات والبناءات اللواتي يتفنن في تشييد قرص النحل في شكل هندسي عجيب، ومنهم المرشدات يقمن بدور الكشافة الذين يبحثون عن مكان الرحيق ومنهم صاحب لقاح الملكة والعاملات اللائي يحافظن على نظافة الخلية ويقمن بتنظيف جسد الملكة وجمع الرحيق من الأزهار لصنع العسل ومنهم الكيميائيات اللائي يتأكدن من نضوج العسل وحفظه. كل ذلك في نظام وانضباط وتناغم واتساق ونكران للذات بدون خلاف ولا صراع.
يقول الكاتب الفرنسي جان لوي داريفول: إن للنحلة الواحدة حياة محتمة ومقدرة مسبقة، تخضع لقواعد محددة تحول دون شيوع الفوضى، ولها سلوك محكوم كليا منذ أيام حياتها الأولى تبعا للقوانين النافذة والمعمول بها في الخلية). هذه الروح الجماعية هي التي تجعلها تحقق الإنتاجية العالية دون كلل ولا ملل ولا خلل، لأنها فريق واحد.
2- النمل
مثال آخر لفريق العمل الفعال. هذه الحشرة التي يبلغ طولها من 2 ميليمتر وحتى 25 ميليمتر والتي تشكل 20% من الأحياء التي تسكن الكرة الأرضية، فهنالك مقابل كل إنسان مليون نملة، تمتاز بوجود مخ صغير يقل عن المليمتر ويتكون من فصين رئيسين مثل مخ الإنسان، وتستطيع حمل أشياء تزن عشرين ضعفاً من وزن جسمها. هذه الحشرة الصغيرة مثال صارخ لفريق العمل المثالي الذي لا يوجد له مثيل؛ فقد درس العلماء هذا المجتمع المحير لقرون ليتوصلوا إلى نتائج مذهلة تبين أن النمل مجتمع كامل يتخاطب بلغة خاصة ويقوم بكل الأعمال والمهارات بشكل جماعي. ويتعلم تقنيات جديدة حسب الزمان والمكان.
من الأمور العجيبة التي توصل إليها الباحث في التاريخ الطبيعي رويال وكنسون وضمنها في كتابه “شخصية الحشرات” أن النمل يتفوق على البشر في تنظيم حركة المرور لديه، وهو يعمل بكفاءة عالية حتى أثناء الزحام. بل إن النمل يستطيع التحرك في مجموعات كبيرة والتوجه إلى مساكنه خلال لحظات دون حدوث أي حادث أو اصطدام أو خلل…). إنه صنع الله الذي قال: حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُون.
3- الإوز
من الأمثلة الرائعة التي يمكن أن نضربها في فريق العمل الإوز، هذا الطائر العجيب الذي اكتشف العلماء حقائق مذهلة عن طيرانه من المناطق الباردة إلى المناطق الدافئة. فالإوز عند طيرانه يكون مجموعات على شكل حرف (v) لأنه بهذه الدقة والتنظيم والمشاركة كفريق يزيد من فعالية طيرانه بنسبة 71% مقارنة بطائر يطير منفردا، ويتناوبون على قيادة السرب من فرد لآخر وبشكل دوري، ويقوم باقي السرب بإصدار أصوات لتشجيع وتحفيز الطيور التي في المقدمة من أجل ضمان نفس درجة السرعة، وعندما تصاب إحداهن بإعياء وتضطر إلى مغادرة السرب… تغادر معها إوزات أخرى لمساعدتها وحمايتها وتبقى معها إلى أن تموت أو تتمكن من الطيران مرة أخرى في جو من التكافل والتعاون.
هذه الأمثلة من الكائنات وغيرها كثير، تؤكد أن “الجماعية” سنة كونية جعلها الله في خلقه، وأن العمل في فريق أقدر على تحقيق الأهداف، فأصعب ما تعاني منه الأمة هو أسلوب الإدارة الفردية التي تغرق في مستنقع البيروقراطية والتخبط والعشوائية وهدر الموارد…