انتشرت بشكل واسع صورة الطفل عمران الذي نجا من غارة على حي القاطرجي في حلب، بعد ساعات عالميا، والتي ترمز لعذابات ومآسي أطفال سوريا، التي هي جزء من مآسي الشعب السوري.
عمران، بجسده الصغير المغطى بالغبار من جراء دمار المبنى الذي كان يسكنه، جلس صامتا ثابتا في مكانه، لم يبك أو يصرخ، لكنه ألقى نظرة هادئة في وجه عدسة الكاميرا حيرت العالم وأحرجته.
صورة عمران ليست مجرد صورة تعكس يوميات شعب يرزح تحت ويلات حرب غير متكافئة، ويعيش الموت خلال 24 ساعة، واعتاد مشاهد الدمار والأشلاء والدماء.. هي صورة صامتة نطقت بحكمة طفل صغير بريء، قال كل شيء، في نظرة فضحت كل شيء، نظرة قال فيها ما الفائدة من الصراخ والبكاء والنواح أمام صمت الضمير العربي، والضمير الغربي المتبجح بشعارات الديمقراطية والإنسانية؟
عمران نظر كما ينظر العالم له، وهو يقول في قرارة نفسه، ها أنذا أنظر لكم كما تنظرون إلي.. لواقعي.. لطفولتي.. ها أنذا أصمت كما أنتم صامتون..
صورة عمران، تعيد إلى أذهاننا صورة الطفل السوري إيلان، الذي وُجد مرميا على شاطئ تركي بعد غرقه وأسرته بالبحر بعد محاولة العبور إلى أوروبا، صورة تناقلها العالم، وعبرت هي الأخرى بصمت عن واقع الشعب السوري..
صورتا عمران وإيلان، تذكرانا أيضا بصورة استشهاد الطفل محمد الدرة في قطاع غزة في شتنبر عام 2000، في اليوم الثاني من انتفاضة الأقصى، حين احتمى الدرة بوالده، خلف برميل إسمنتي، بعد وقوعهما وسط إطلاق نار الجنود الإسرائيليين، وبعد ذلك ركد الصبي على ساقي أبيه.
ماذا بعد الدرة وايلان وعمران.. غدا سننسى صورة عمران، كما نسينا صورة ايلان والدرة، لكنها ستظل راسخة في ضمائرنا، وتسائل واقعنا، ومستقبلنا، هي صور أطفال تعكس واقع هذه الأمة التي ابتليت بحكام طواغيت، نالوا من الكبير والصغير، ليعيثوا في الأرض فسادا، هي صور ستسائل الضمير العالمي، وخاصة الغربي الذي يشارك في الجريمة، بقرارات تنديدية كاذبة، تفضح عقليته البراغماتية..