طوفان الأقصى بين الأسرى والمسرى

Cover Image for طوفان الأقصى بين الأسرى والمسرى
نشر بتاريخ

قبل أن ينطلق أبطال المقاومة الفلسطينية البواسل في تنفيذ الخطة المرسومة لهم ضمن عملية طوفان الأقصى المجيدة وينجزوا وعد الله الصادق بإساءة وجوه الصهاينة المعتدين والجوس خلال ديارهم، كانت القيادتان السياسية والعسكرية للمقاومة تحذر العدو الصهيوني وتنذر كل حلفائه الظاهرين والمستترين من وراء الحجب، أن الاعتداء المتكرر على الحرم القدسي الشريف وتدنيس أبوابه وباحاته وكل مرافقه، سيجر على العدو المتغطرس نقمة الغضب الفلسطيني الذي لا ينكسر. وقد كان للصهاينة سابق خبرة وتجربة في ذلك مع انتفاضة الأقصى سنة 2000م، حينما تجرأ شارون واقتحم المسجد الأقصى فاشتعلت شرارة الانتفاضة الثانية التي لم ينفع الصهاينة في رد لهيبها عنهم لا اقتحام الضفة الغربية، ولا تدمير مخيم جنين عن اخره سنة 2002م، ولا بناء الجدار العازل، ولا اغتيال الشهيد أبي عمار، ولا غيرها من وسائل العربدة الهمجية الصهيونية.

إلى جانب موضوع المسجد الأقصى الذي يعتبره الشعب الفلسطيني ومقاومته المظفرة خطا أحمر، هناك ملف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال والذين تقدر أعدادهم بالآلاف، والكثير منهم من أصحاب المدد والمحكوميات الطويلة التي تقدر بعشرات السنين والمؤبدات. بل إن عدد الأسرى في المعتقلات الصهيونية السيئة السمعة والذكر في تزايد وارتفاع نظرا لعمليات الاعتقال الإداري والاختطافات العشوائية التي تنفذها أجهزة الأمن والمخابرات الصهيونية دون انقطاع.

وقد حظي ملف الأسرى، نظرا لأبعاده الاجتماعية والإنسانية بوافر اهتمام الشعب الفلسطيني، سلطة ومقاومة وأفرادا، لدرجة أن الكثير من المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال لا يرون سبيلا لمحنتهم سوى صفقات التبادل، أو محاولاتهم الجريئة للفرار من هذه المعتقلات على ما فيها من مغامرة ومخاطر.

وإذا كان من واجب سلطة رام الله رعاية بعض جوانب الحياة الاجتماعية لعوائل الأسرى من خلال جهازها الرسمي وزارة شؤون الأسرى والمحررين سابقا، هيئة شؤون الأسرى والمحررين حاليا. فإن حركات المقاومة الفلسطينية آلت على نفسها العمل على تحريرهم من الأسر وتبييض السجون الإسرائيلية من كل فلسطيني معتقل قديما كان أو حديث الاعتقال. ولذلك أخذت العهد على نفسها على افتكاكهم وتخليصهم من القيد، والذي لا وسيلة إلى بلوغه سوى أسر بعض جنود الاحتلال ومبادلتهم بالأسرى الفلسطينين، من خلال صفقة تبادل كما جرى من قبل في عدة مناسبات.

يأتي إذن طوفان الأقصى في سياق واضح عنوانه الأكبر حماية المسجد الأقصى الشريف من عبث العابثين، وتحرير الأسرى من السجون، والذين اعتقلوا في غالبيتهم ضمن مسيرة الشعب الفلسطيني نحو تحرير أرضه ونيل حقوقه المشروعة، أو بشكل عشوائي من طرف الأجهزة الأمنية الصهيونية فقط إرضاء لنزوات الجنود والضباط الصهاينة التي لا حد ولا مبرر لها. لكن ذلك لا يخفي باقي جوانب الصراع مع الصهاينة أو يقلل من أهميتها أو حضورها في وعي وتخطيط الشعب الفلسطيني وقيادته المقاومة، مثل مسألة الأرض والعودة والتهويد وغيرها من أبعاد الصراع الوجودي مع الاحتلال الصهيوني.

من الأهمية بمكان التأكيد على أن عملية طوفان الأقصى، وإن كانت محكومة تكتيكيا بقضيتي الأقصى والأسرى، فإن من خطط لها وسهر على تنفيذها كان يعمل بكل ما أوتي على إلحاق أكبر ضربة للقوات الصهيونية وبشكل أخص فرقه العسكرية المحيطة بقطاع غزة والمتورطة في الحروب السابقة على القطاع. وهو ما تم بالفعل، بحيث إن الفرقة 634 أو فرقة غزة كما تدعى لدى الكيان الغاصب قد أعلنت كتائب القسام عن سقوطها، وذلك بعدما نجح المقاومون في الوصول إلى عقر دار قيادتها المركزية في مستوطنة رعيم بغلاف غزة والإجهاز على عناصرها ومعداتها. هذا فضلا عن تهاوي الكثير من الاستراتيجيات الصهيونية بالمنطقة والعالم.

إن يوم السابع من أكتوبر 2023 سيظل محطة فارقة في الصراع القائم على الأرض المباركة من أجل تطهير المقدسات الإسلامية في الحرم القدسي ورد دنس الصهاينة المعتدين وتحرير الأسرى من سجون الاحتلال، وذلك كله ضمن مسار مقاوم متصاعد ومناقض لمساق تطبيعي زاحف ذهب أدراج الرياح تحت ضربات الأيادي المتوضئة لأبطال طوفان الأقصى.