أقدمت الحكومة المغربية على إصدار مشروع قانون – إطار رقم 51.17 يتعلق بمنظومة التربوية والتعليم والتكوين والبحث العلمي ينص على إلغاء مجانية التعليم في السلكين العالي والثانوي، تفاعلا مع توصيات الجمعية العامة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهو المشروع الذي سيعرض على المجلس الحكومي والوزاري لإحالته على البرلمان قصد المصادقة.
ويفرض مشروع القانون – في حال المصادقة النهائية عليه – على الأسر أداء رسوم في التعليم العمومي الثانوي والجامعي تحت ذريعة تنويع مصادر التمويل وإلزام الأسر الميسورة بذلك دون الفقيرة.
ويرى باحثون أن الوضعية التي يعرفها الوضع التعليمي لا تسمح بمجرد التطرق لمشروع مماثل، إذ يعتبر التعليم بشكله الحالي مكلفا بالنسبة للتلاميذ والأسر، خصوصا وأن المعروف أن من يلجأ إلى التعليم العمومي هم الأسر التي تعاني الفقر والهشاشة، والذين يصعب عليهم، في كثير من الأحيان، اقتناء الكتب واللوازم المدرسية.
وتطرح هنا أيضا إشكالية تحديد الأسر الفقيرة، حيث تصنف الأسر ذات الدخل الشهري الذي يوازي ثلاثة آلاف درهم (297 دولارا) بشكل رسمي على أنها ليست فقيرة، في حين لا تستطيع حتى تلك التي يصل دخلها إلى أربعة أو خمسة آلاف تلبية متطلباتها المادية، مع الغلاء المستشري في جميع القطاعات الحيوية من سكنى وكهرباء وماء ومعيشة.. فما بالك إن كان اثنان أو ثلاثة من أفرادها يتابعون دراستهم.
ويتحدث مشروع القانون أيضا عن تسهيلات القروض، وهذا أيضا التفاف واضح على الوضع المغربي مقارنة بالدول الأجنبية التي تعتمد على هذا المعطى مع فارق شاسع جدا وهو أن أفق التلميذ في الشغل في هذه الدول مضمون ويستطيع الطالب بعد إكمال دراسته تسديد هذا الدَّين، في حين يفتقد هذا في المغرب، وما صور الدكاترة المعطلين الذين تهشم رؤوسهم في شوارع الرباط عنا ببعيدة، فكيف يمكن لأسر فقيرة أو حتى متوسطة أن تستطيع تسديد دين الأبناك لاثنين أو ثلاثة أو أربعة من أبنائها؟
إضافة إلى أن مجرد المقارنة مع دول أجنبية هي مقاربة خاطئة إذ الوضع الأساسي للعيش مختلف تماما، فالدخل الفردي في هذه الدول مرتفع مقارنة مع نظيره في المغرب، وضمان الخدمات الاجتماعية المجانية من صحة وغيرها كذلك مرتفع، فكيف نلزم الأسر المغربية بمخرجات سياسات دول أجنبية في حين تختلف الركائز المعيشية جوهريا بيننا وبينهم؟