شبيبة العدل والإحسان توجه نداء للشباب وعموم الشعب المغربي

Cover Image for شبيبة العدل والإحسان توجه نداء للشباب وعموم الشعب المغربي
نشر بتاريخ

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين

نداء الأمل

الـتـغـيـيـر مـمـكــن.. مــن أجــل مــغــرب أفضل

عاش مغربنا الحبيب والأمة الإسلامية والعربية والإفريقية طيلة أيام “مونديال قطر 2022” على وقع فرح غامر، حيث عاش الضمير الجمعي للأمة أياما جميلة، تابع العالم خلالها نموذج نجاح كروي لم يسبق أن عاشته الشعوب المستضعفة وسط سيل الإخفاقات المتعددة الأوجه، حيث استطاع المنتخب المغربي أن يحقق حلم وأمل الأمة الرياضي، باقتحامه لمربعات ومراتب أُريد لها أن تكون حكرا على أبطال محددين؛ نموذج ميزته مقومات عدة جعلت نجم منتخبنا يسطع في سماء القيم النبيلة والأخلاق الفاضلة الرفيعة في صور غاية في الروعة، لم نعهد مثلها في أجواء كرة القدم؛ تجديد للنية/ “ديرو النية”، دعاء بالتوفيق، سجود بعد تسجيل الأهداف لعظمة الله عز وجل، نكران الذات، رضى الوالدين، صد دعوات هدم الأسرة ومسخ الفطرة، حب فلسطين ونصرة قضايا الأمة، حب الخير للناس، الاحترام والروح الرياضية، التفاؤل واليقين أن الإرادة والعزيمة تفتح طريق النجاح… ولو لم يتحقق من “المونديال” إلا هذه القيم لكانت وحدها عزا وفخرا لهؤلاء الشباب وللمغاربة وللمسلمين ولأحرار العالم جميعا.

إن هذا المنجز الرياضي تحقق بفضل الله عز وجل، وبأداء مغربي ميزته الكفاءة وروح التضحية وحسن النية وسط شروط ومعيقات راكمت الفشل وكبحت إنتاج النجاح، ولو دعمته إرادة سياسية مسؤولة، ورعته دولة عادلة ديمقراطية لكان المغاربة دائما في القمة في مختلف المجالات، كما هو حال بروز قراء القرآن الكريم -الذين لا يلتفت لهم- وبعض الطلبة والتلاميذ والاطر المغاربة المتفوقين عالميا الذين اتيحت لهم فرص ببلدان تحترم الكفاءات، ولتفتّقت طاقاتنا داخل وطننا لا خارجه في هجرة إجبارية فُرضت عليها لما ضاق بها الوطن وغادرته بوجع الفراق، حين لم تجد اعترافا ولا تقديرا ولا فرصة شغل ولا حياة كريمة. لكنه -للأسف الشديد- الظلم والفساد يعرقل طريق البروز والنبوغ الكامل للكفاءات والطاقات بسبب الظلم والفساد وغياب تكافؤ الفرص.

لقد أحسَّ المغاربة جميعهم أكثر من أي وقت مضى أن هذا النجاح ينتمي لهم وصُنع بهمم أبنائهم، وبهويتهم التي حملها أبناؤهم على أكتافهم بأخلاق وروح الإسلام، والوفاء لقضية الأمة المحورية فلسطين، فلم يخل فرح من توشح بعلم فلسطين، ليكون ذلك خدمة لقضايا الأمة، وغصة في حلق الصهاينة، ومسمارا آخر يُدقّ في نعش التطبيع.

أُسدل الستار عن “المونديال” الذي أرادوه محاولة للإلهاء والتخدير عن قضايا الشعوب الأساسية، فانقلب السحر على الساحر، حيث وُفِّقت الجماهير والمنتخب المغربي ليجعلوه “مونديال” الأخلاق والقيم الفاضلة، وعدَّلوا بوصلة الشعوب لتطالب بمستقبل أفضل يقطع مع كل أشكال الظلم والحرمان و”الحكرة” والجشع والغلاء الفاحش والفساد وقلة النية. حيث أصبح المطلب الجماهيري الذي يتردد على ألسن الشعب المغربي حاجتنا لأمثال هؤلاء الأبطال لنداوي أعطاب الوطن، مرفوقا بصرخة سؤال: أليس من حق الشعب المغربي أن يحلم بمغرب أفضل يعيش فيه المغاربة بكرامة وحرية وعدالة؟!!

إن المتتبع لواقع مغربنا العزيز ليتعجب من عدم اكتراث مُدبري شأن البلد بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية لملايين الأسر المغربية والتي أنبأت عنها مختلف التقارير الصادمة وأقرَّها مختلف الفاعلين؛ ألا يخجل من يهمهم الأمر من رتبتنا 123 في ذيل سلم التنمية البشرية التي تعري حقيقة واقع وطن وصل مرحلة مريرة من مراحل مسلسل التردي والانحدار الخطير على جميع المستويات؟!! وضع متأزم اكتوت بنيرانه كل فئات الشعب المغربي، ومَسَّ بشكل كبير مخزون الطاقات والكفاءات الأهم المتمثل في شباب المغرب وشاباته. علاوة على وضعية سياسية عنوانها الأبرز الاستفراد بالسلطة واحتكار الثروة، وإغداق الريع على كل مُطبِّل، وفَتح أبواب المحاكم والمعتقلات لكل حر غيور على مصلحة الوطن، في محاولة لترسيم وتأبيد الاستبداد وحماية الفساد من المساءلة والمحاسبة.

ناهيك عن حجم الفساد الذي ينخر مختلف القطاعات ومنها القطاع الرياضي الذي يعيش سوء التدبير والمحسوبية والزبونية؛ ومنظومة تعليم فاشلة عمقت الهدر المدرسي والأمية بكل أنواعها؛ ومخدرات على أبواب المؤسسات والمعاهد؛ وسوق شغل أُغلقت أبوابه؛ وحياة كريمة فٌقدت شروطها؛ وتغطية صحية شبه منعدمة؛ وهجرة عبر بحار المحيط والمتوسط أضحت ترمي بجثث فلذات أكبدانا في مشهد فظيع أدمى قلوب العائلات وأبكى الشعب المغربي بكل الفئات. والأقبح من ذلك بدل معالجة الأعطاب يتم فتح أبواب الوطن للمحتل الصهيوني الذي لا يجلب إلا الخراب.

إن شبيبة العدل والإحسان وهي تشارك الشعب المغربي وعموم الأمة الفرحة بهذه الإنجازات، تجدد نداء الأمل من أجل مغرب أفضل لا يضيق بشبابه، وتدعو إلى:

1- تجديد الثقة بشباب وشابات المغرب الذين أبدعوا ولا زالوا في ميادين الملاعب، وساحات النضال، ومدرجات الكليات والمعاهد والمدارس، في المدن والضواحي، وأثبتوا أنهم قادرون على تشريف الوطن، والدفاع عن الحقوق والقيم. ودعوتهم إلى مزيد من تفجير طاقاتهم وصقل مواهبهم في كل الميادين العلمية والتكنولوجية ومختلف المجالات الريادية، لأن النجاح منظومة واحدة تتكامل أجزاؤه لتعطي عزة ومنعة للوطن والأمة.

2- ضرورة عمل العلماء والمربين وكل الفضلاء على ترسيخ هذه القيم الإيجابية وهذا النموذج الأخلاقي الإيماني الرائع وحسن استثماره وسط الشباب، تعزيزا وشحذا لهممهم في مقاومة سياسات الإحباط والإفشال، وردا مباشرا على دعاة الترويج لنماذج المسخ والانحلال الخلقي التي يريدون فرضها قسرا على شباب الأمة.

3- التأكيد على أن أعظم الحقائق التي طالما أخفاها الاستبداد عن هذا الشعب العظيم، أن للشعوب كل المقومات الذاتية والموضوعية للنجاح والتحرر لولا غياب إرادة الحاكمين. وأن كل سعي مُنطلقه نية صادقة، وأياد أمينة، وعمل جاد ومسؤول، وإخلاص متفانٍ لا يمكن أن ينتج إلا النجاح والتقدم والازدهار.

4- اليقين بأن انتصار الحق وعد من الله عز وجل ناجز، والإيمان بعدالة قضايا الشعوب وبحتمية التغيير المنشود. فالاستبداد لا مستقبل له وإن استطال فساده، والكلمة الأولى والأخيرة للشعوب.

5- استخلاص الدروس الواقعية التي علَّمناها هذا الانجاز التاريخي ليبلغ مدى أثرها الأنفس والآفاق، وتنتج وعي الشعب وتوجه بوصلته وإرادته نحو تغيير إيجابي يتخلص من قيود ورواسب التبعية للاستكبار العالمي والاستبداد والانهزام النفسي. وأن يوقن الجميع تمام اليقين أن هذه الأمة موعودة بالنصر متى تحققت شروطه؛ شروط قوامها الاعتصام بحبل الله عز وجل، وبذل الوسع، والأخذ بأسباب القوة.

6- اعتبار ما حدث من إنجاز فرصة تاريخية لها عظيم الأثر في النفوس، وواهم من يظن أن الشعب سينساه، لأن مِلْكية هذا الإنجاز تحولت من فريق محدود عَدَده لشعب كامل، ومن قيم أخلاقية ظاهرة لقناعات راسخة، ومن جهد عضلي في ميدان الرياضة لاستعداد قلبي وجوارحي لكل مغربي سيغدو إن شاء الله طاقة جبارة متى تحررنا وانعتقنا.

7- المطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، والدفاع المستمر عن الحق في التعبير وفي التنظيم وفي الاحتجاج، ومناصرة قضايا المعتقلين والمهمشين والمستضعفين. فلا يمكن لهذا الفرح أن يكتمل وجزء من أحرار الوطن يؤدي ثمن الدفاع عن مغرب آخر ممكن.

8- استمرار الشباب المغربي في كل أشكال التدافع والضغط والنضال السلمي من أجل تغيير حقيقي يربط كل مسؤولية بالاختيار الشعبي الحر، وكل سلطة بالمساءلة والمحاسبة.

بقيمنا نبني مغربا أفضل

عن المكتب الوطني لشبيبة العدل والإحسان

الأحد 23 جمادى الأولى 1444هـ الموافق لـ 18 دجنبر 2022م