عن قرار الإعفاء الجائر تقول سمية اقديمن نجلة محمد اقديمن (مدير ثانوية إعدادية الذي طاله الإعفاء التعسفي) : ” حين علمنا بمسألة الإعفاءات التي طالت مجموعة مدراء من أطر جماعة العدل و الإحسان، خاطبنا أبي قائلا :” إنني أتوقع أكثر من ذلك منذ أمد بعيد”، محاولة منه لتهييئنا لأي قرار مرتقب، عشنا أياما مختلفة عن سائر الأيام كنا في حالة من الترقب و التوجس مما سيحدث، خصوصا أن قرار الإعفاء كان مبهما ، لم يعفى والدي مع المعفيين ضمن الدفعة الأولى… لكن كان لديه شبه يقين بأنه سينال حظا من هذا القرار الجائر، مما يعني أنه سيغادر مؤسسة كرس كل جهده، وعقله، وعلمه للنهوض بها خصوصا أنها حديثة عهد بالتأسيس…
أصبحت أمي المسكينة تنتظره كل مساء على أحر من الجمر لتعرف هل أعفي ام لا…
وجاء اليوم المنتظر بعد أن تلقى أبي اتصالا هاتفيا من المديرية الإقليمية يوم الأربعاء 21/02/2017 يخبره أنه أعفي من مهمته.
جاء أبي قبل موعده على غير عادته، تعلوه ابتسامة تخفي وراءها الكثير … أهي ابتسامة منتصر -أعزوه من حيث أرادوا أن يذلوه- أم هي ابتسامة مظلوم سلم أمره الى الله و توكل عليه ، وقال لنا و الحزن باد على محياه :” لقد أعفيت ثم سكت” .
انتابني حزن عميق، أحسست بجبن المخزن وخبثه وأن وجهه الذي يخفى عن كثير من الناس ظهر وكشر عن أنيابه، رغم أن والدي الحبيب هيأنا لهذا الموقف ،إلا أنني شعرت لأول مرة بمرارة الظلم وبإحساس المقهور في وطنه ، تلفت من حولي فوجدت جميع أسرتي يعتريها نفس
الإحساس …فأختي الصغرى بدأت تطرح على أمي أسئلة كثيرة لغرابة القرار وجوره وتنافيه مع المنطق، فكانت والدتي تجيب عن أسئلتها تارة وتسكت تارة أخرى، أما جدتي فنالت النصيب الأوفر من الحسرة والغم ،لأنها تعتز بابنها البكر، فهو ثمرة جهدها وكدها بعد وفاة أبيه منذ نعومة أظافره.
ومنذ ذلك اليوم تغيرت حياتنا من حيث لا ندري فأمي تتلقى التعازي من الأهل والجيران ففعلا مصابنا جلل و ليس بالأمر الهين.
كل من سمع خبر الإعفاء يقر أن هذا ظلم بين، لما كان يتمتع به أبي من جدية في العمل، وسمعة حسنة في تدبير المؤسسات التي كان يعمل بها.
رغم الخسارة المادية والأحاسيس الحزينة التي خيمت علينا إلا أنني على يقين تام من أن أبي على حق ،وأن طريق الحق لا تهمه مناصب الدنيا، فشعرت حينها براحة وسلام ، فنحن لم نعاقب بسبب جريمة أو فعل ذميم ،بل من أجل أننا نريد العدل والإحسان في الأرض.