ذ. لعماري: “صناعة الحرية” يستجلي سيرة رجل من أعاظم الرجال

Cover Image for ذ. لعماري: “صناعة الحرية” يستجلي سيرة رجل من أعاظم الرجال
نشر بتاريخ

نوّه الأستاذ عبد الله لعماري بالعمل والجهد الذي أنجزه الدكتور أحمد الفراك من خلال استجلائه لسيرة “رجل من أعاظم الرجال” ومساهمته في تنوير وتسطير مآثر خالدة من حياته للأجيال، وأكد أن “ألف كتاب لن يكفي لاستجلاء عظمة رجل قل مثله في هذا الزمان”، واصفا الإمام عبد السلام ياسين بالشمس الساطعة في السماء، ومضيفا أنه كان رحمه الله رجلا من القادة العظام في الدعوة الإسلامية ومن “العلماء الربانيين”، وأن هذه الخصلة الفريدة قلّ من يتّصف بها في زمن انحطاط المسلمين.

المحامي والناشط السياسي الذي شارك في ندوة تقديم كتاب “صناعة الحرية.. في التجربة السجنية للأستاذ عبد السلام ياسين“ للدكتور أحمد الفراك ضمن فعاليات الذكرى العاشرة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، وضمن أنشطة تخليد الذكرى الأربعين لتأسيس الجماعة، أشار إلى ضرورة تصحيح خطأ منهجي معرفي يرتكبه الأكاديميون والباحثون في الحركة الإسلامية فيجنون على الحقيقة ويتجنون عليها -حسب قوله-، حين يقولون “أن الحركة الإسلامية تأسست وقامت ثم جاءت من بعدها جماعة العدل والإحسان”، موضحا أن النشأة كانت متوازية بينهما إن لم نقل أن “أول تأسيس كان على يد الشيخ سنة 1964 حينما اختار منهج تصفية النفوس كمرحلة أولى لتأسيس الحركة الإسلامية”، لتتوالى بعد ذلك المبادرات.

انتقل بعد ذلك لعماري للحديث عن المنهج الذي جاء به الإمام المجدد رحمه الله وهو منهج الدعوة إلى الله، الذي أسدى به الإمام -حسب المتحدث- خدمة كبيرة للحركة الإسلامية، إذ “جاء ليذكر الدعاة أنهم دعاة لله أولا وأن يعودوا للربانية والصفاء الروحي”، وهو ما اعتبره مجيئا مباركا على الحركة الإسلامية بعدما استطاع الإمام رفع ما تعارف وتواتر عليه الباحثون في الحركة الإسلامية بمنهجه المتميز الذي ينبذ السرية والعنف والعلاقة مع الخارج.

كما وصف المعتقل السياسي السابق الأجواء التي كانت تحكم الحركة السلامية في سابق عهدها، وما كانت تتسم به من صفاء وهدوء روحيين، جعل الإسلاميين آنذاك يستشعرون أنفسهم قريبين من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لولا الحدث الذي أشار إليه الأستاذ في حديثه، وهو “اغتيال الزعيم عمر بن جلون الذي عكر ذلك الصفاء وأفسد القلوب، لتتشعّب سبل وأفكار الحركة الإسلامية قبل أن يأتي الإمام رحمه الله ليعيد الصفاء في نفوس الإخوة”.

وأوضح أن اختيار الإمام عبد السلام ياسين لمنهج الرجوع إلى الله عزوجل، كان بعدما فاجأه الفساد والانهيار الذي يجرف المجتمع والدولة، إذ كان يعلم رحمه الله “ألا صلاح للبلاد مجتمعا ودولة إلا بالرجوع الى الله عز وجل”.

وفي حديثه عن تجربة الإمام السجنية، عزز الأستاذ لعماري مداخلته بشهادات أحد معتقلي الحركة الإسلامية، المهندس العربي ملاحظ والذي كان قد اعتقل وهو في سنته الأخيرة في مدرسة المهندسين، ورافق الإمام رحمه الله في زنزانته شهورا في مدينة الرباط في فترة اجتيازه للامتحانات النهائية، واصفا الإمام في السجن بأنه كان يعيش جنته في صدره ويعيشها لمن يرافقه ويجاوره ويستمع اليه، مضيفا أن لسانه لم يكن ينقطع عن ذكر الله وعن القرآن الكريم صبحا وعشية، وكان يختم القرآن في يوم واحد وليلة، كما كان قليل الأكل بسيط الطعام، والأطعمة التي ترد عليه يفرقها على السجناء، كان خدوما يعتني بزميله في الزنزانة عناية الأب لطفله.

واستمر المحامي في وصفه للإمام رحمه الله وذكر مناقبه، بالإشارة إلى أن أكثر ما كان يشغله رحمه الله هو كلمة الله، التي كان يريد أن يغرسها في أفئدة المنشغلين بالدعوة الإسلامية، ويذكرهم أنهم دعاة إلى الله قبل أن يكونوا مناضلين أو مفكرين، مؤكدا على أن عدم انغراس هذه القيمة العليا يجعل الحركات الإسلامية تتيه في صحراء التجارب، وتبتعد عن تحقيق الغاية التي أسست من أجلها.

وختم لعماري مداخلته بالترحم على الإمام المجدد وأعضاء مجلس الإرشاد الذين رافقو محنته وتوفاهم الله عزوجل: الأستاذ أحمد الملاخ والأستاذ العلوي السليماني والأستاذ علي سقراط، وكذا جميع المعتقلين السياسيين السابقين الذين وافتهم المنية.