قال الأستاذ عبد الصمد فتحي أن اعتراف الكيان الصهيوني بمغربية الصحراء “لا يعني شيئا بالنسبة للشعب المغربي”، وأردف موضحا كلامه أن “الشعب المغربي ليس في حاجة لمن يثبت حقه أو يحل قضاياه الوطنية، خاصة إن كان الذي يراد أن يُعتمد عليه هو كيان غاصب محتل مجرم له تاريخ أسود”.
وعدَّ رئيس الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة الرسالة التي بعثها رئيس وزراء الكيان الصهيوني المتضمنة لهذا الاعتراف “وصمة عار؛ سبة وإذلالاً للمغاربة”، حين يُقرن، يقول، الاعتراف بالصحراء المغربية باعتراف المغرب بهذا الكيان الجاثم على أرض فلسطين، وما تقترفه أياديه من تقتيل وتشريد واغتصاب لحقوق الشعب الفلسطيني.
الأستاذ فتحي الذي حلَّ ضيفا على برنامج “الرأي الحر” على قناة الحوار اللندنية للتعليق على الاعتراف الصهيوني بمغربية الصحراء، أكد أن الكيان أراد أن يجعل من المغاربة تجارا يبيعون قضايا الشعب الفلسطيني العادلة مقابل قضاياهم ومكتسباتهم الوطنية، فهذا الأمر، يضيف، إنما يسيء للمغرب وللمغاربة ولا يقدم شيئا، لأنه استجداءُ اعترافٍ من كيان لا يزال هو نفسه يتسول الاعتراف من الدول الأخرى لشرعنة احتلاله لأرض فلسطين واضطهاد الشعب الفلسطيني.
وقد أبرز عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان في ذات المداخلة أن هذا الخيار التطبيعي المعزول “لا يشرِّف المغاربة وتاريخ المغاربة مع القدس وفلسطين، ولا يُمثل قواه الحية”، وزاد تأكيدا أن “قضية الصحراء يمكن حسمها دون اللجوء إلى أعداء الأمة، بل بالحرية والديمقراطية، وبالحوار الداخلي الذي يمكن أن نتجاوز بواسطته كثير من الإشكالات، عوض الارتهان إلى من لم يكن يوما من الأيام عامل وحدة وعامل استقرار، بل التاريخ يشهد أن الكيان الصهيوني كان دائما عامل تمزيق وتفرقة وفتنة في مختلف مناطق العالم”.
ونبَّه فتحي أن الكيان الصهيوني “كيان خبيث وغادر وماكر، بتوظيفه لاعترافه بمغربية الصحراء حصانَ طروادة في بداية التطبيع باعتراف أمريكا بسيادة المغرب على صحرائه، لتهيئة النفوس والأجواء لتقبُّل هذا التطبيع المرفوض شعبيا ونخبا حية”، بل زاد أن الغرض كان هو “إضفاء قداسة على هذا التطبيع من خلال قضية الصحراء المغربية”. ونفس المساق يتكرر، بحسبه اليوم من أجل جرِّ المغاربة إلى الدين الإبراهيمي واتفاقيات أبراهام، ومن أجل الضغط على المغرب من أجل استضافة المؤتمر الثاني في هذا الغرض على أرضه بنفس “حصان طروادة”.
كما دُسَّ في هذا الاعتراف الصهيوني “ سمُّ آخر في نفس الدسم” وهو “تعيين الملحق العسكري الذي حتما سيكون له دور عسكري واستخباراتي يتجاوز مكتب الاتصال والعمل الديبلوماسي” ، وهذا ما يُعدُّ في نظره مسا خطيرا بأمن المغرب واستقراره، لأن “تسونامي التطبيع” الذي أدخل فيه المطبِّعون البلاد يتجاوز مدلول التطبيع إلى ولاء للصهيونية، وإدخال المغرب تحت حماية جديدة صهيونية هذه المرة، مقابل حماية الصهاينة لمصالح الحاكمين الذين يضحون باستقرار المغرب، وبتاريخه ومستقبله رهنا في يد الصهاينة الذين لا يمكن أن يأتمنوا في أي مسلك.
وبخصوص “مكاسب” المغرب من هذا الاعتراف المتعلقة بموقف الولايات المتحدة الأمريكية من قضية الصحراء، علّق رئيس هيئة قضايا الأمة أن هذا الأخير لم يجن منه المغرب أي ثمرة لحد اليوم ونحن على بعد سنتين ونصف من هذا الاعتراف، بل على العكس رأى فتحي أن الأمور ازدادت تعقيدا، لأن تغول الصهيونية في المغرب والمنطقة سيزيد الإشكالات تأزيما، بمعنى أن دخول الصهيوني في القضية، في نظره، “لا يسهل عملية حل الملف بل يزيده تعقيدا”.
وبالمقابل دعا فتحي أصحاب القرار في المغرب والمنطقة إلى الرجوع للشعوب صحبة لقضاياها وصحبة لقواها الحية من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية الكفيلتين بحل كل إشكالات المنطقة، لأن الرهان، بحسبه، على الفساد والاستبداد والتطبيع لا يمكن أن يحل أي قضية ولو جيء بكل كيانات العالم الشرعية وغير الشرعية. والأدهى حسب فتحي أن الكيان والمطبعون معه يدركون هذه الحقيقة، ما جعلهم يلجؤون إلى مثل هذه “المسرحيات والبروباغاندا” التي ليس يرجى منها شيء. والمستقبل في نظره سيكون لما تريده الشعوب وليس ما يخبطه الحكام.