ذ. حمداوي يُعدّد الأبعاد الاستراتيجية لمعركة طوفان الأقصى

Cover Image for ذ. حمداوي يُعدّد الأبعاد الاستراتيجية لمعركة طوفان الأقصى
نشر بتاريخ

اعتبر الأستاذ محمد حمداوي أن هناك فرقا صارخا بين حجم ما تسند به الأمّةُ المقاومةَ وحجم ما يتلقاه الكيان الصهيوني من حلفائه ورعاته في الغرب، وضرب مثالا لذلك بما دعّمت به الإدارة الأمريكية الكيان الصهيوني منذ بداية عدوانه على  غزة والذي “بلغ لحد الساعة 14 مليار دولار، في حين لم يدخل لغزة وهي تحت القصف والتدمير ما مقداره ربع مليار دولار (250  مليون دولار)، مع العلم أن الإدارة الأمريكية تزود الكيان الصهيوني بمساعدات منتظمة وصلت إلى 318 مليار دولار منذ سنة 1949 بمعدل تقريبا 4,3 مليار دولار كل سنة”، مشددا على أن ذلك بمثابة “عار على الأمة وعلى الإنسانية وعلى أحرار العالم”.

رئيس مكتب العلاقات الخارجية لجماعة العدل والإحسان الذي كان يتحدث، إلى جانب رموز وازنة في الساحة الفكرية العربية يتقدمهم القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس الأستاذ أسامة حمدان، والمفكر والكاتب الفلسطيني الدكتور منير شفيق رئيس المؤتمر القومي الإسلامي سابقا الذي حالت مشاكل تقنية دون سماع صوته، في الندوة الدولية التي نظمتها وبثتها قناة الشاهد الإلكترونية مساء يوم الخميس 2 نونبر 2023 وأدارها عضو مكتب العلاقات الخارجية للجماعة الأستاذ شعيب عاهيدي في موضوع “الأبعاد الاستراتيجية لمعركة طـ ــوفان الأقــصـى وتأثيراتها على مستقبل القضية الفلســطيـنية”، أكد أن هذه المعركة لها أبعاد استراتيجية كبيرة جدا في تاريخ الصراع ضد الكيان الصهيوني إن سواء على مستوى الأرقام التي سجلتها المعركة في بُعدٍ أوّل في عدد القتلى والجرحى والأسرى الصهاينة مقارنة بكل الحروب السابقة، أو على مستوى البعد الثاني الذي تحقق في نظره بعد هذه الهبة المباركة للمقاومة الفلسطينية يوم 7 من أكتوبر 2023 وهو تهاوي عددٍ من أساطير الكيان الصهيوني ومن أبرزها في نظره “أسطورة/نظرية التفوق الأمني” الإسرائيلي التي كان يعتد بها الصهاينة لاعتمادها، بحسبه، على سبعة مبادئ “أولها التأهب المستمر، وثانيها الردع، وثالثها الإنذار التكنولوجي المبكر، رابع تلك المبادئ القدرة على حسم المواجهة المباغِتة، وخامسها ضمان الوصول المستمر للسيولة المعلوماتية الحساسة من “العدو” بالتوفر على أحدث أنظمة التجسس، وسادسها سرعة نقل المعركة إلى أرض العدو، وسابع مبادئ نظرية التفوق الأمني الصهيوني فعالية الجُدُر العازلة”. وكل هذه المبادئ، يقول حمداوي، انهارت في معركة طوفان الأقصى وفي ساعات محدودة.

وأردف الفاعل البارز في قضايا الأمة أن تهاوي هذه النظرية مع أختها العسكرية “زعزع اليقين داخل العقيدة الصهيونية في تحقق مشروع “أرض الميعاد”، وترتب عن ذلك تراجع الهجرة الصهيونية نحو فلسطين، وتزايد حدة الهجرة العكسية من فلسطين نحو البلدان الأصلية للصهاينة”

البعد الاستراتيجي الثالث هو “تعزيز البعد الديني المقدس لمدينة القدس وللمسجد الأقصى لدى الفلسطينيين ولدى العرب والمسلمين، وتعزيز يقينهم في وعد التحرير الأكبر؛ وعد الآخرة”. واعتبر أن المساس بهذه المقدسات يفتح المواجهات بين الأمة وأعدائها على احتمالات لا يمكن للعقل اليهودي الصهيوني ومن والاه تصورها. وقد كانت المقاومة، في نظره، موفقة جدا في توصيف عملية 7 أكتوبر بعملية “طوفان الأقصى”.

أما البعد الاستراتيجي الرابع الذي حققته وتحققه معركة طوفان الأقصى حسب السيد حمداوي، فهو “تصحيح المسار وتعزيز البعد التحرري في هذه الحرب الخامسة بين مقاومة غزة والعدو الصهيوني”. والخلاصة في نظره أن المقاومة هي الخيار الصحيح والأسلم لاسترجاع الحقوق وردع العدو. وبالمقابل رأى المتحدث أن العبثية الحقيقية هو سراب مسلسل التسوية السياسية مع العدو الذي ضاعت معه كل الحقوق منذ التسعينات من القرن الماضي وليس صواريخ المقاومة كما كان ينعتها البعض، على حدّ قوله.

وخامس الأبعاد الاستراتيجية في نظر القيادي في جماعة العدل والإحسان أن “المعركة أحدثت رجة كبيرة في منظور الغرب لموقع الكيان الصهيوني باعتباره قوة درع يعوّل عليها لضمان استمراريته في الهيمنة على العالمين العربي والإسلامي، وضمان تدفق الموارد الطاقية من المعابر البحرية، وتخويف كل القوى الصاعدة في المنطقة”. وبعد الحالة المترهّلة التي ظهرت بها قوة الكيان الصهيوني في السابع من أكتوبر، قال أن لا أحد من الغرب سيطمئن على استمرار أداء الكيان لهذا الدور، مما يؤشر، في تقديره، على تحول كبير في موازين القوى على المدى المتوسط.

في حين تجلى البعد الاستراتيجي السادس لملحمة المقاومة الفلسطينية في “انهيار خيار التطبيع مع الأنظمة العربية كمسار للتمدد السياسي والاقتصادي والمجتمعي للكيان الصهيوني، ولخنق المقاومة ولمحاولة عزلها عن عمقها الجماهيري العربي والإسلامي، ولتصفية القضية الفلسطينية، وفتح المجال لتنزيل المشاريع التلمودية بهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم”.

أما سابع هذه الأبعاد الاستراتيجية التي عرضها مسؤول العلاقات الخارجية للجماعة في ذات الندوة، هو أهمية الوعي بأن المشوار لا يزال طويلا لاسترداد كامل الحقوق المسلوبة. وأن ما تحقق، من زاوية نظره لا تعني هزيمة نهائية للكيان الصهيوني، لكن بالتأكيد، يضيف، أن ما بعد 7 من أكتوبر ليس كما قبله، لأنه على الأقل تحقق اختصار للمستقبل لعشر سنوات في تقديره. إضافة إلى الوعي بأن “معظم الأنظمة العربية والإسلامية تمثل عرقلة حقيقية لمسار تحرير فلسطين. لذا فمواجهة الاستبداد والاستعمار يكاد يكونان ملتحمين في أغلب ساحات الوطن العربي والإسلامي”.

واعتبر في البعد الاستراتيجي الثامن أن الهمجية التي يقتل بها الجيش الصهيوني الأطفال والنساء، ويقصف المستشفيات، ويمنع دخول الغذاء والدواء والوقود والكهرباء، والعالم شاهد يتفرج، والغرب داعم مساند هذه الهمجية، تشير إلى “الانهيار التام لشيء يسمى “أخلاق الحروب”، ولقوانين تسمى “قوانين دولية”، بل ولمعاني تسمى “الإنسانية” جراء دعم مجازر تتم على الهواء لمدنيين عُزل محاصرين منذ أكثر من 17 عاما”. كل هذا يؤكد، في نظره أن الكيان الصهيوني هو في حقيقته هو تكتل عصابات عنصرية توسعية متعطشة لسفك الدماء.

يمكنكم الاستماع للمزيد عبر فيديو الندوة: