ذ النويني عضو هيئة دفاع معتقلي الريف يصرح: ينبغي أن ينأى قضاؤنا بنفسه عن كافة الاعتبارات ويبقى موضوعيا وساعيا إلى إنصاف المظلوم

Cover Image for ذ النويني عضو هيئة دفاع معتقلي الريف يصرح: ينبغي أن ينأى قضاؤنا بنفسه عن  كافة الاعتبارات ويبقى موضوعيا وساعيا إلى إنصاف المظلوم
نشر بتاريخ

شهد الحراك الشعبي بمنطقة الريف المغربي الذي دام لأكثر من ثمانية أشهر تطورات خطيرة، إذ تجدر الإشارة إلى أن الحراك انطلقت شرارته الأولى على خلفية مقتل الشهيد محسن فكري بمدينة الحسيمة في مأساة “طحن مو”، انضاف إليها الغليان الذي تشهده المنطقة خصوصا في غياب العديد من البنيات الضرورية (جامعة تعليمية، مستشفيات، المرافق الضرورية….) مما أثار حفيظة ساكنة الريف التي خرجت في مسيرات سلمية إلى الشوارع لإعلاء الصوت ضدا على الحكرة و التهميش ، و طلبا للكرامة و العدالة الإجتماعية. لتدخل المنطقة بعدها في احتقانات متصاعدة مع النظام المخزني الذي لم يتورع في الإفراط في استخدام العنف ، ليتوج هذا التذخل بجملة من الإعتقالات تلتها محاكمات لعشرات نشطاء الحراك الشعبي بمنطقة الريف . و على إثر هذه التطورات الخطيرة بالمنطقة، أجرى موقع نساء العدل والإحسان حوارا مع المحامي محمد النويني وهو ضمن المئات من المحامين الذين تطوعوا للدفاع عن معتقلي الحراك.

أستاذ. محمد النويني مرحبا بك ما الدافع وراء اقتناعك للدفاع عن نشطاء الحراك الريفي؟

بسم الله الرحمان الرحيم، و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين و على آله وصحبه، و بعد: نشكر موقعكم على استضافته لنا و على حسن مواكبته و تتبعه لمجريات هذا الملف الذي يؤرق جميع المغاربة و كذا الرأي العام الوطني والدولي، حاكمين ومحكومين، مع متمنياتنا لكم و لمن يريد لهذا البلد الحبيب التوفيق و السداد. من جهة أولى، أود الإشارة إلى أن الباعث الذي كان وراء اقتناعي بالدفاع عن نشطاء حراك الريف، هو باعث مبدئي، على اعتبار أن المهنة التي أنتمي إليها وجدت أساسا لمساعدة العدالة ولحماية أغلى ما لدى الإنسان، حياته وكرامته وماله و وحريته و عرضه، و على اعتبار أن الحق في الدفاع حق مقدس لكل إنسان، كيف ما كانت إيديولوجيته و الأفكار التي يؤمن بها. هذا المبدأ الأصيل تؤكد عليه المادة 1 من القانون رقم 08.28 المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب و التي تنص على أن ” المحاماة مهنة حرة، مستقلة، و تساهم في تحقيق العدالة، و المحامون بهذا الاعتبار جزء من أسرة القضاء”. و من جهة ثانية، إيماني بعدالة قضيتهم و مشروعية مطالبهم و هذا ما عبرت عنه جل الهيئات الرسمية و المدنية ، أخذا بعين الاعتبار قاعدة ” أن المتهم بريء حتى تتثبت إدانته” و قاعدة ” البراءة هي الأصل”.

كم وصل عدد المتابعين و الموقوفين إلى حد الآن في ملفات نشطاء الريف؟

بداية يجب أن نميز بين الملفات التي أحيلت على المحكمة الابتدائية بالحسيمة ، و بين الملفات التي أحيلت إلى محكمة الاستئناف بالبيضاء. حيث وصل عدد المتابعين أمام المحكمة الابتدائية بالحسيمة إلى غاية يوم 13 يوليوز 2017 إلى 132 متابعا مدرجين ب 39 ملفا ، صدرت أحكام ابتدائية إلى حد الآن في 22 ملفا في حين ما زال منها 17 ملفا رائجا. أما بخصوص الموقوفين المرحلين إلى استئنافية البيضاء فقد وصل عددهم إلى 51 موقوفا على ذمة التحقيق منهم 4 أفراد يحقق معهم في حالة سراح و الباقي في حالة اعتقال .

ما هي طبيعة التهم المتابع بها معتقلي الريف أمام ابتدائية الحسيمة؟

جميع الجنح المتابع بها المعتقلون أمام ابتدائية الحسيمة ينكرونها و يعتبرونها تهم ملفقة كان الغرض منها هو الانتقام منهم، لكونهم كشفوا وضعية الإقليم البئيسة على جميع الأصعدة اقتصاديا و اجتماعيا، و أيضا لكونهم طالبوا بعدم إفلات المتسبب الحقيقي في طحن محسن فكري ليلة 28 أكتوبر 2016 بمدينة الحسيمة في حاوية لنقل النفايات من العقاب و المساءلة. و للإشارة أن التهم المتابعين بها أمام ابتدائية الحسيمة، تتعلق بالتظاهر بدون تصريح سابق في الطرق العمومية، و التجمهر في الطرق العمومية، و إهانة رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بمهامهم، و التحريض على الوحدة الترابية للمملكة، و تحريض أشخاص على ارتكاب جنايات أو جنح، و المساعدة عن علم بتهريب شخص موضوع بحث و العصيان، بواسطة أشخاص متعددين.

ما هي أهم الخروقات القانونية التي طالت ملف المتابعين قضائيا بالحسيمة؟

جل المتابعين أمام ابتدائية الحسيمة صرحوا بأنهم تعرضوا من قبل الأجهزة الأمنية أثناء إلقاء القبض عليهم لوابل من السب و الشتم و الإهانة و التعنيف وصل إلى حد التعذيب المادي والنفسي ، كما أنه لم يتم إشعار عائلاتهم بكونهم رهن الحراسة النظرية، و تجاوز مدتها القانونية،ولم يسمح لهم بالاطلاع على المحاضر قبل التوقيع عليها و منهم من أرغم على التوقيع تحت التهديد، ناهيك عن الاطلاع على الهواتف والحسابات الفيسبوكية بطرق غير قانونية، وخارقة للمادة 108 من قانون المسطرة المدنية، التي تمنع تسجيل أو استنساخ الاتصالات السمعية البصرية ، و عدم إشعار المعتقلين بحقهم في التزام الصمت و حقهم في الاتصال بمحام لمؤزرتهم ،ناهيك عن رفض جل الملتمسات الرامية إلى عرضهم على الخبرة الطبية لإثبات أثار التعنيف و التعذيب الذي لحق بهم من قبل الأجهزة الأمنية. الأمر الذي جعل هيئة الدفاع تقرر الانسحاب من الملفات المذكورة أعلاه معللة قرارها بما يلي: “بعد ما أرجأت هيئة الحكم النظر في الدفوع الشكلية التي قدمتها هيئة الدفاع وضمتها للجوهر من دون أن تعلل ذلك، خلافا لما تنص عليه المادة 323 من قانون المسطرة الجنائية التي تلزم المحكمة بخصوص هذه الدفوع الشكلية أن تبث فيها فورا حسب القاعدة، أما الاستثناء هو وأن ترجئ البث فيها بتعليل”. هذه الخروقات المذكورة أعلاه أكدها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان المسرب الذي جاء في إحدى حيتياثه: “…ضمن الخلاصات التي توصل لها الطبيب عبد الله دامي، حسب التقرير، بعد مقابلته للمعتقلين المعنيين، في السجن المحلي للحسيمة، أن ادعاءات تعرضهم للتعذيب “صحيحة ومعقولة”.

ما تعليقكم على الأحكام القضائية التي صدرت إلى حد الآن ؟

مجموع الأحكام الصادرة إلى حد الآن، في 22 ملف من أصل 39 ملف، الرائجين أمام ابتدائية الحسيمة، هو 962 شهرا نافذة، منها فقط 3 أشهر موقوفة التنفيذ، أي ما يناهز 80 سنة. هاته الأحكام مجانبة للصواب و غير معللة تعليلا قانونيا سليما، و نعتبرها كرجال دفاع تعسفا جديدا على حرية و حقوق مؤازرينا ينبغي على محكمة الاستئناف أن تصححها .

هل يمكن أن تطلعنا إلى أين وصل التحقيق مع المعتقلين المرحلين إلى البيضاء؟

اعذريني سيدتي، لا يمكن موافاتكم بخصوص هذا السؤال بأي معطى، على اعتبار أن مرحلة التحقيق تقتضي السرية حسب مقتضيات المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على ما يلي: ” تكون المسطرة التي تجرى أثناء البحث و التحقيق سرية…”

الرسالة التي تود توجيهها من قبل هذا المنبر؟

أوجه نداء للقضاء المغربي، بأن يتحمل مسؤوليته في فرض رقابته على جميع الإجراءات المسطرية، التي بوشرت في هاته الملفات، من قبل الشرطة القضائية و النيابة العامة و قضاء التحقيق و إدارة السجون، سعيا لتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، و صونا للحقوق المكفول حمايتها بمقتضى الدستور و قانون المسطرة الجنائية، و كذا القوانين المعمول بها وطنيا و دوليا. كما أتمنى أن لا تصبح مؤسساتنا القضائية مشجبا تعلق عليه الخلافات السياسية و الأزمات الاجتماعية لتصفية الحسابات الضيقة بين أطراف الخصومة، بل ينبغي أن ينأى قضاؤنا بنفسه عن كل تلك الاعتبارات و يبقى موضوعيا و متجردا، و ساعيا إلى إنصاف المظلوم، و معاقبة المخالفين للقانون و بهذا التوجه نكون فعلا و قولا أمام سلطة قضائية مستقلة كما نص عليها دستور 2011 . الأستاذ محمد النويني عضو هيئة دفاع معتقلي الريف.