قال الأستاذ عبد الكريم العلمي، مسؤول مجلس شورى جماعة العدل والإحسان، إن من كمال الإحسان “السعي لإقامة العدل في الأمة، ولإقامة العدل في الأرض”، منوّها إلى أن هذا “الترابط العليّ بين الإحسان والعدل، وهذا الوثاق الوثيق بين العدل والإحسان” هو ما تهمم به الإمام المجدد رحمة الله عليه؛ فـ“ربّى المؤمنين والمؤمنات عليه عقوداً متتاليات، ونظّر له وألف وكتب وحاضر وجاهد، بالكلمة والحجة ليكون إن شاء الله هذا العدل واقعا في حياة المسلمين وفي حياة الناس، في أفقٍ اللهُ يعلمه ويقدره”.
عضو مجلس إرشاد الجماعة الذي كان يسير مجلس نصيحة الوفاء بمناسبة الذكرى التاسعة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، والذي نظمته الجماعة ليلة السبت 28 ربيع الثاني 1443 الموافق لـ 4 دجنبر، نوّه إلى أن المجتمع الذي يتنزل فيه ويتحقق هذا الاقتران وهذا الارتباط بين القلوب وربها سبحانه، وبين الأجسام والأرواح، وبين هموم الدنيا وأشواق الآخرة، هو “مجتمع العمران الأخوي بقيمه ومبادئه، وهو مفهوم مركزي عند الإمام المجدد رحمة الله عليه”.
وذكر، في سياق حديثه عن تخليد الذكرى التاسعة، بأن الذكرى هي في حقيقة الأمر “تحيينا، وتجدد معاني الايمان فينا، وتجدد فينا معاني الوفاء بالعهد، وتجدد فينا معاني الإحسان الذي دعانا إليه وبشرنا به وضرب لنا موعدا رحمه الله نلتقي به رحمة الله عليه غداً على بساط الإحسان إن شاء الله “أنا أسعد الناس إذاً إن حصل في ميزان حسناتي أفواج من المحسنين كنت لهم صوتا يقول: من هنا الطريق، من هنا البداية”“.
واعتبر أن الإمام رحمة الله عليه، جعل اقتحام العقبة رأس المفاهيم، فهو عندما كتب “مقدمات في المنهاج” قدّم مفاهيمه كما كان يفعل علماؤنا رحمة الله عليهم، وأول مفهوم أسّس له، بعد الكلام في فقرتين، هو اقتحام العقبة، فقال بأنه عندما قدر الله سبحانه وتعالى ووجد هذا الأمر، وجد هذه العبارة حبلى بكثير من العلم، ومن هذا العلم أن الاقتحام جاء قبل العقبة، فعل الاقتحام وعمل الاقتحام سبق ذكر العقبة. وأور قول الإمام: “يعني هذا كثيراً لعقول تربت على التفكير الجدلي المتحرك” أي كل نظرية من النظريات الكبرى تتضمن أمرا يبعث على الحركة ويحفز، ثم قال مباشرة: “ما كان همي الأول أن أرضي الجدلية، وهي وهم تافه من أوهام الفلاسفة، المثاليين منهم والماديين، لكن جاء التأمل الثاني فإذا بالعبارة ترفع تلك الحركة الجدلية التافهة من حيث كانت متناقضات الطبيعة يحتك بعضها ببعض، ويصطدم بعضها ببعض، ويسابق بعضها بعضا، إلى حيث تكون الطبيعة، الطبيعة الكونية والطبيعة الانسانية، عقبة يجب على الانسان أن يقتحمها ليعرف مولاه وخالقه، وليرضى عنه، وليسعده السعادة الأبدية”. ليعلّق: لأن الجميع، الفرد والجماعة الساعية إلى التغيير، والأمة في مسيرتها التاريخية، كل هؤلاء يقتحمون هذه العقبات بهذه الحوافز العظيمة.
ولهذا في المنهاج النبوي، يضيف الأستاذ العلمي، تحدث عن ثمان عقبات؛ في الفصل الأول من “فلا اقتحم العقبة”، أما في العقبات الإحسانية في كتاب الإحسان فتحدث عن عشرات من العقبات بل المئات، فهو يقول عندما نضرب بعضها ببعض نجد أنفسنا أمام المئات من هذه العقبات، عقبات الدنيا والنفوس والعلاقات الفاسدة إلى آخره، وخاصة عقبة الترف والتكالب على هذه الدنيا، والاستكبار العالمي، والتسلط المقرون مع أخذ الأموال، واحتجان أموال الأمة بغير حق في داخل هذه الأمة.