لفت الخبير والمستشار التربوي الأستاذ منير الجوري إلى أن الوقت قد حان للتوقف عن اعتبار المعدل المحصل في البكالوريا معيارا واحدا ووحيدا لتقييم المتعلم، معتبرا أن “الامتحانات كما تعتمد بأطرها المرجعية لازالت عاجزة عن إعطاء صورة حقيقية عن المواهب والقدرات ومهارات الحياة خاصة تلك التي يتطلبها المجتمع وضمنه عالم الشغل”.
ووصف امتحانات البكالوريا في تدوينة له في صفحته بفيسبوك بـ “الكرنفال الموسمي” الذي تفقد فيه المعدلات نكهتها ومعناها وقيمتها “لأنها لا تقول شيئا ولا تخبرنا بشيء، سوى أنها تلتقط صورا في لحظة هدر كبرى للإنصاف والتتويج والبناء الذي يضيع على جنباته الكثير”.
وانتقد الجوري بشدة ما وصفه بـ“سوق المعدلات” الذي يعرض فيه التلاميذ نتائجهم الدراسية أمام المؤسسات والمعاهد العليا مشددا على ضرورة إيقافه.
واعتبر أنه قد آن الأوان لتقوم الدولة بكل قطاعاتها بأداء مهمتها في التوجيه الصحيح لخريجي البكالوريا، ليس بذلك المعنى المقزم في أبعاده الخدماتية والإعلامية والتربوية، لكن بشكل أكبر وأوسع من ذلك، لأن التوجيه “مهمته الأساس هي مساعدة المتعلم، كل متعلم، على التموقع في المكان المناسب له وللمجتمع دون تمييز أو إقصاء أو انتقاء”.
ولم يقلل الخبير التربوي من أهمية الاحتفاء بالناجحين والمتميزين الذين استجابوا للأطر المرجعية للوزارة، لكنه في الوقت نفسه اعتبر أن الأهم “هو أن يفهموا أن تميزهم في الدراسة لا يعني تميزهم في الحياة، وأن الحياة لها متطلبات أخرى لم يتم قياسها بامتحانات البكالوريا، حتى نضمن جيلا متكاملا مبدعا منخرطا، وليس جيلا من التقنيين المحدودين إدراكا واطلاعا”.
وفي وقت اعترف فيه الكاتب بأهمية فتح أبواب الترقي الاجتماعي بناء على مبدأ الاستحقاق؛ شدد على أنه مبدأ ناقص معتل، موضحا أنه “ما دامت هناك تفاوتات صارخة في التعلم فلا مجال للحديث عن الإنصاف والاستحقاق في النتائج.” والأهم من ذلك يضيف الكاتب؛ “أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار ونحن نلقي بعشرات الآلاف من المتعلمين في آلة طحن الكفاءات غير المنسجمة مع معايير وقوالب الأطر المرجعية”.