الحديث عن نجاح النموذج المغربي واستقراره السياسي وعن كونه قد تجاوز عواصف الربيع العربي حديث فيه كثير من المبالغة، وهو أقرب إلى الدعاية منه إلى الوصف الدقيق لما هو ماثل على الأرض. لقد أشرت قبل قليل إلى تحاليل كثيرة ومن جهات متخصصة ولا يمكن اتهامها بأنها معادية للمغرب أو النظام المغربي، كلها تحذر من ديمقراطية الواجهة والانخداع ببعض التغييرات التجميلية التي لم تغير من طبيعة النظام السياسي شيئا؛ لا يزال الملك وأعوانه ومستشاروه يحتفظون بالسلطة الحقيقية، ويتخذون جل القرارات الهامة، تاركين الهوامش للحكومة والبرلمان وغيرهما من المؤسسات. ولذلك لا تزال ثقة أكثر المغاربة في النظام السياسي القائم متدنية إن لم تكن منعدمة، ونسبة العزوف عن الانتخابات الأخيرة خير دليل على ذلك، وهذا رغم الدعايات الواسعة، والأموال الطائلة التي أنفقت لتقليل نسبة العزوف واستعادة ثقة الناس في العمل السياسي الرسمي، بل ورغم التصريحات الأشبه بالتهديدات لحفز الناس على المشاركة في الانتخابات. فهذا يدل دلالة قاطعة على أن هناك اقتناعا شعبيا واسعا بأن جوهر المشكل في المغرب هو في نظامه المخزني؛ نظام يستحوذ على السلطة والثروة، ويريد شعبا منقادا خاضعا يقبل بالفتات، ويستمرئ الإهانة، ولا يعترض على شيء، حتى وإن كان على حساب معاشه وكرامته.
لست أدري كيف يطلب إلينا أن نغير سلوكنا السياسي ومواقفنا والحال أن المغرب لا يزال يخضع للعقلية نفسها التي أفرزت المآسي التي نعيشها اليوم، ويدار بالطريقة نفسها التي درج عليها منذ عقود، فما الذي تغير حتى نتغير؟ لذلك سنواصل عملنا الرافض للفساد والاستبداد وبكل الوسائل المشروعة.