أجرى موقع الجماعة نت سلسلة من الحوارات مع علماء ومفكرين ومشاركين في مؤتمر مركزية القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي عند الأستاذ عبد السلام ياسين)، حول الرجل والمؤتمر، والمشاركات وخلاصاتها، ونظرية المنهاج النبوي وأفقها، ننشرها تباعا.
فيما يلي نص الحوار مع الدكتور أحمد الزقاقي عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين:
كيف تنظرون لعقد المؤتمر الأول الخاص بدراسة فكر الأستاذ عبد السلام ياسين؟
يأتي عقد هذا المؤتمر في سياق مختلف يتميز بنهوض الشعوب العربية والإسلامية لمواجهة الفساد والاستبداد، ولكم أدى الأستاذ من أثمان باهظة من صحته ووقته للوقوف في وجه الظلمة الذين راموا مصادرة حق الناس في اختيار من يحكمهم ويسوسهم، ونال فكره التضييق والحصار والتشويه، وتناولته المعالجات الإعلامية المتسرعة، ووجدنا في المؤتمر فرصة للمعالجات العلمية الرصينة الهادئة بدون نظرة تمجيدية ولا نظرة متحاملة، بل بتبين معرفي وشرعي وعقلاني ومنهاجي.
أهم ما توصلتم إليه في بحثكم؟
كان عنوان بحثي هو الرؤية القرآنية للثورة وإعادة البناء من خلال كتابات الأستاذ عبد السلام ياسين) وقد كتبته لإزالة الخلط واللبس حول مفهوم محوري يرتبط بقضية التغيير في نظرية “المنهاج النبوي” وهو مفهوم “القومة” فالبعض قصره على المعنى السياسي، وثمة من أضفى عليه نعوتا انقلابية، بينما الحق والحقيقة أن ذلك المفهوم يتسع في كتابات الأستاذ ليسع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والتربوي والنفسي والثقافي ولذلك تحدث عن الملامح القرآنية السبعة لمفهوم القومة، فمن المشمولات: قومة الداعي إلى الله يدعو الناس على الرفق لا على العنف، وقومة إلى الصلاة وقيام الصلاة التي تمكن إقامتها من الاستظهار بقوة الله وإحياء القلب بالإيمان، وإقامة حدود الله في السياق العدلي التدرجي المرن، وإقامة الوحدة التي هي مطلب شرطي لتحقيق جميع المطالب الأخرى.
كيف تقيمون إسهام الرجل في الفكر الإسلامي؟
أتذكر بالمناسبة كلمة للدكتور عبد الإله بلقزيز وردت في حوار له مع أحد المواقع وفحواها أن الحركة الإسلامية في العالم مدعوة لقراءة فكر الرجل والاستفادة منه، وأضيف: عالج الأستاذ ياسين بأدق مسالك الفكر الأسئلة الوجودية للإنسان، وقضايا المصير، ومغزى الحياة والممات، وثقافة الحداثة، ومذاهب الأنسنة، والثقافات المؤليكة، مما يؤكد شهوده على ثقافة العصر، والجميل أن يخرج في كل ذلك بتوليفة رائعة بين حقائق الوحي وخلاصات الحكمة البشرية، بعد أن وقف عند التاريخ يستنطق أحداثه وينتقد بعض”مسلماته”، كما تطرق للفقه السياسي والشرعي فانتقد ضمور المقالة في حقوق العباد على حساب الإطناب في الأبواب الفقهية الأخرى، ولا يتسع المجال للإتيان على ذكر كل جوانب إسهامات الرجل.
ماذا تقترحون لإشاعة فكر الأستاذ عبد السلام ياسين ليستفيد منه علماء الأمة؟
أعجبتني مداخلات الأساتذة البيانوني وعزام التميمي والصويان وكلهم أكدوا على أن الأستاذ هو ملك للأمة كلها وليس ملكا للمغرب فقط، مما يستدعي معانقة الأبعاد الإنسانية في فكر الرجل وشخصيته، والأبعاد الإسلامية كأحد المصلحين المسلمين في كوكبة المصلحين الكبار، فلم يكن الرجل يتكلم من أبراج عاجية، بل كان يعيش ما يقوله بلحمه ودمه، فلم تلن له قناة، ولم يضعف ولم يستكن، ولم يسقط في مطبات استعمال اللغة الانهزامية بدعوى البراجماتية وتغليب المصلحة والوسطية والاعتدال، فالرجل وسطي ومعتدل ويراعي المصالح والمآلات ولكن بتبصر وعلى بصيرة.