أجرت جريدة “الوطن الآن” – عدد 644 بتاريخ 28 يناير 2016 – حوارا مع الدكتور عمر إحرشان، عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، تناول، بالأساس، علاقة الجماعة مع اليسار ومتطلبات المرحلة. وفي ما يلي نص هذا الحوار.
سجل المتتبعون وجود غزل متبادل بين كل من العدل والإحسان وأحزاب اليسار، فكيف تفسرون الأمر علما أن مرجعيتكم الفكرية تختلف جذريا عن المرجعية الفكرية لليسار؟
أظن أن الحقل الذي نشتغل فيه هو أبعد عن مجال الغزل وما شابهه. يتعلق الأمر بمناسبة يتم فيها تخليد ذكرى رحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله ووجهت الدعوة لممثلين من مختلف التيارات الموجودة في البلاد وحضر الكثيرون وحضورهم لا يعني تماهيا مع الجماعة، كما أن العدل الإحسان تستحضر تنوع المجتمع المغربي ولذلك فلا مانع من الانفتاح على من لا تتقاسم معه نفس المرجعية الفكرية.
سجل المراقبون اقتصار حضور ندواتكم على فعاليات من اليسار، فكيف يمكن تفسير ذلك ولماذا لا تنفتحون على فعاليات أخرى من مرجعيات مختلفة مثل أحزاب اليمين؟
طبعا هذا غير صحيح لأن الحضور كان من مختلف التيارات الموجودة في المجتمع، سواء إسلاميين أو ليبراليين أو يسار وأكاد أجزم أن من حضر من يساريين لم يكن كثيرا من حيث العدد ولكن التركيز الإعلامي كان عليهم. ولا أفتأ أذكر بأن الجماعة منفتحة على كل الحساسيات لأنها تتبنى الدعوة إلى حوار وطني مفتوح على الجميع بدون إقصاء قصد التوصل إلى ميثاق جامع يجسد فعلا إرادة العيش المشترك في مجتمع متنوع يجد فيه الجميع مجالا للتعبير عن آرائه بحرية.
هناك من يقول إن الغزل المتبادل بينكم وبين أحزاب اليسار هو مقدمة لتهيئكم للدخول للشرعية، ما رأيك؟
لم أكن أعلم بأن مفتاح وبوابة العمل الشرعي موجودة عند اليسار. طبعا هذا التحليل والاستنتاج لا يقول به أبسط ملم بالعمل السياسي في المغرب.
مفتاح وبوابة الشرعي هو الاعتراف بالقوانين والعمل من داخل المؤسسات التي يؤطرها الدستور وليس خارجها والذي قد يحكم على جماعتكم بالعزلة السياسية؟ فهل تقاربكم مع اليسار يأتي بعد التراجع الكبير الذي عرفته الجماعة بوفاة الشيخ ياسين؟
ما قلته للأسف غير مطبق في بلدنا لأن بوابة العمل السياسي مرتبطة عندنا باشتراطات بعيدة عن الدستور والحقوق كما هي متعارف عليها، ونعت الجماعة بالعزلة السياسية مردود عليه بالاتهامات التي تكال للجماعة في كل لحظة بأنها هي محرك الاحتجاجات في المغرب وهذه اتهامات لا يمكن أن تطلق على كيان معزول أو يعرف تراجعا كبيرا كما قلت في السؤال.. ولا أحتاج التذكير بأن تقارب الجماعة مع اليسار ينطلق من مقاربة الجماعة وتصورها لإنقاذ البلاد من الفساد والاستبداد من خلال حل جماعي ومقاربة تشاركية تسع كل المكونات المجتمعية.
كيف تردون على الآراء التي تقول إنكم تستغلون أحزاب اليسار كدروع في مواجهاتكم مع الدولة باعتباركم جماعة سرية لا تعمل من داخل الشرعية القانونية؟
أظن ان اليسار أنضج وأوعى من أن توظفه الجماعة، كما أن الجماعة ليست سرية بل هي جماعة من مبادئها الوضوح ورفض السرية ولذلك فقد سلكت المسلك القانوني والإداري منذ الثمانينيات وتحوز أحكاما قضائية من مختلف درجات التقاضي في المحاكم المغربية بأنها “جمعية ذات صبغة سياسية” قانونية. ومن يروج لهذه التحاليل هدفه بالأساس الوقيعة بين مكونات مجتمعية مغربية حتى لا يقع التقارب والتعاون بينها لأنه يعرف أن تغيير موازين القوى يبدأ من هذا الالتقاء الميداني والموضوعي لبناء أجواء الثقة والتقارب الذي يتطور إلى تعاون وتنسيق وحوار لبناء أرضية مشتركة لمواجهة الفساد والاستبداد وصناعة مغرب جديد.