“استمرار العدوان على فلسطين وصمت المنتظم الدولي؛ عجز أم مشاركة؟” تحت هذا العنوان نظم الفضاء المغربي لحقوق الإنسان ندوة حقوقية دولية مباشرة، شارك فيها ثلة من الوجوه العاملة للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي.
الندوة التي تم تنظيمها مساء الثلاثاء المنصرم جاءت، حسب الدكتور فؤاد هراجة مدير الندوة، “إيمانا منا بأن العمل الحقوقي الميداني الذي يتغيا الرصد والكشف والدعم لا ينفصل تماما عن حركة الوعي باعتبار أن العلم هو إمام العمل”، وأيضا في ظل استمرار العدوان على فلسطين وصمت المنتظم الدولي، للإجابة عن السؤال: “هل ما نعاينه من حياد سلبي للمنتظم الدولي هو عجز لمؤسساته، عجز لآلياته، عجز لمواثيقه، عجز لعهوده، عجز لقوانينه؟ أم أن هذا الصمت في ظل التقتيل والتجويع والحصار الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية هو بمثابة مشاركة تحت ما يسمى بمباركة الصمت؟”.
الأستاذة سلمى شرف مديرة هيومن رايتس مونيتور Humain Rights Monitor بلندن، أجابت عن سؤال: ما الذي قدمته محكمة العدل الدولية في شأن فلسطين؟ وما هي مآلات توصياتها؟ بسرد انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين وفي غزة تحديدا، وتقديم التوصيات التي اقترحتها الجنائية الدولية. استهلت عرضها بالتأكيد أن التوصيف القانوني للجرائم الإنسانية في غزة هو أنها “جرائم حرب ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهي جرائم غير مسبوقة في العهد الحديث، شملت القتل والتدمير والتجويع، وكلها ترقى إلى جرائم حرب وجرائم إبادة؛ حيث دمرت أكثر من 80% من البنية التحتية لقطاع غزة وسط تفاقم نقص الغذاء والدواء والوقود، مما أدى إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع للفلسطينيين إلى النصف.. بهدف قتلهم أو دفعهم إلى التهجير، وبالتالي تغيير خريطة فلسطين واستبدالها بالاستيطان والاحتلال الإسرائيلي”.
هاته الأفعال، تقول سلمى شرف؛ تأكدت المحكمة الجنائية الدولية أنها تشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي ولا يمكن السماح بها، لكن الإشكال يكمن في تنفيذ هذه القرارات…
أشرف نصر الله، رئيس منتدى العدالة الدولي ضد الإبادة الجماعية ومؤسس المنصة القانونية الإلكترونية للإبادة الجماعية في غزة بتركيا، لفت النظر، قبل مقاربة موقف الاتحاد الأوربي من حرب الإبادة على غزة، إلى أن “الاتحاد الأوربي لعب دورا محوريا في تأسيس ودعم المحكمة الجنائية الدولية بوصفها أداة رئيسية لتعزيز العدالة الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب، وكان الاتحاد الأوربي ومجموعة من الدول الأعضاء من الداعمين الأساسيين لاعتماد نظام روما الأساسي عام 1998 الذي أسس المحكمة الجنائية الدولية”. وأكد بأن جميع دول الاتحاد الأوربي صادقت على نظام روما؛ مما جعله أكبر تكتل إقليمي مؤيد لعمل المحكمة الجنائية الدولية، وأصبح اليوم حاميا رئيسيا لها سواء على الصعيد القانوني أو الصعيد السياسي.
ولكن وفي موقف يجلي سياسة الكيل بمكيالين لدى الاتحاد، أوضح نصر الله أنه “منذ بدء العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023 بدأت للأسف الشديد بعض الدول الأوربية في الترويج للرواية الإسرائيلية وإدانة عملية المقاومة التي استهدفت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، لكن هذه الدول لم تحرك ساكنا بشأن حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي حصدت حتى الآن أكثر من 52 ألف شهيد؛ منهم حوالي 18 ألف طفل و12 ألف امرأة والباقون جلهم من المدنيين الأبرياء”…
من إستنبول أيضا، تناول الأستاذ عبد العزيز أبو عليان، وهو أكاديمي فلسطيني مقيم بتركيا ومنسق الشبكة القانونية العالمية لنصرة الشعب الفلسطيني، الحديث عن الصمت العالمي اتجاه ما يقع في غزة من جرائم معتبرا إياه شكلا من أشكال المشاركة في هذه الجرائم، ومنبها “أننا نقف اليوم في لحظة مفصلية من تاريخ الإنسانية؛ لحظة يباد فيها شعب بأكمله أمام مرأى ومسمع العالم دون أن يتحرك الضمير الدولي أو تهتز أنظمة العدالة التي طالما تغنى بها الغرب. ففي غزة لا نتحدث فقط عن حرب، بل عن إبادة جماعية متكاملة الأركان، تنفذ عبر القتل والقصف والتجويع والتدمير الممنهج للبشر والحجر وسط صمت دولي ليس بريئا بل شراكة صريحة بالصمت”.
وذكّر الناشطين في مجال حقوق الإنسان بأنهم “كمدافعين عن حقوق الإنسان لا نملك ترف الانتظار أو المراقبة، مسؤولياتنا اليوم ليست فقط فضح جريمة الإبادة الجماعية، بل فضح المتواطئين أيضا؛ أولئك الذين يمدون آلة القتل بالأدوات ويقفون في المحافل الدولية لتبرير مجازر قتل الأطفال والنساء وتدمير البيوت، ويلوذون بالصمت خوفا أو نفاقا”.
وأطلق من خلال ندوة الفضاء المغربي لحقوق الإنسان “صرخة حقوقية واستدعاء للواجب القانوني والإنساني والأخلاقي لكل ناشط ولكل مؤسسة ولكل ضمير”…
الندوة الحقوقية امتدت لحوالي الساعة ونصف، وحبلت بمطارحات حقوقية عالية، يمكنكم الاطلاع عليها على صفحة الفضاء المغربي لحقوق الإنسان على فيسبوك.