عرفت تشكيلة الحكومة المغربية تغييرا طال عددا من الوزارات؛ حيث تم استبدال وزراء عدد من القطاعات وكتاب الدولة بآخرين في تركيبة جديدة أعلن عنها أمس الأربعاء 23 أكتوبر 2024. وتعليقا على فعل التعديل الحكومي في حد ذاته كفعل سياسي، يفترض أن يحمل دلالات هامة من بينها قياس كفاءة الأعضاء الذين غادروا الحكومة في تسيير الوزارات التي كلفوا بها، وضخ دماء جديدة في الجسم الحكومي بغية مزيد من التجويد.. وقياس هذه الأهداف على الحالة المغربية؛ اعتبر الأستاذ حسن بناجح أن “التعديلات الحكومية المتكررة هي حركة شكلية صورية عبثية”، معللا رأيه بأنه “يتم تبديل الوجوه دون تغيير فعلي في جوهر السياسات، في حين أن السلطة الحقيقية تبقى في يد الملك والمؤسسات المعينة غير المنتخبة، فيما تجد الحكومة نفسها مجرد منفذ للتوجيهات، عاجزة عن إحداث إصلاحات حقيقية تمس حياة المواطنين”.
وفي تدوينة على حسابه في فيسبوك نشرها عشية الإعلان عن التعديل الجديد، حمّل عضو الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان مخرجات هذا الواقع للحكومات المتعاقبة أيضا، ذلك أن “الحكومات تعرف هذا، وعلى أساسه تشتغل ولا تتفاجأ به، ولهذا فهي، مع الهيئات المنخرطة فيها، شركاء في النتائج الكارثية لهذا الوضع”.
وبحسب تدوينة بناجح، التي اختار لها عنوان “التعديلات الحكومية بالمغرب وتدوير الأزمة”، فإن الوضعية “تزداد تعقيدا كلما تعمق ضعف وفقدان استقلالية الأحزاب السياسية، وازدياد تطبيعها مع التحرك في حدود ضيقة مرسومة مسبقا”.
أما الفساد والتأثيرات الداخلية للنخب الاقتصادية والسياسية، يضيف المتحدث: “فتزيد من الفجوة بين الحكومة والشعب، وتُبقي على واقع من التجاهل لاحتياجات الفئات الفقيرة والمتوسطة، ولا أدل على ذلك من استمرار تعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والتوسع المتسارع للفئات المتضررة”.
ومما يجعل الحكومات المتعاقبة تستمر في اتباع نفس السياسات الفاشلة، يردف الناشط السياسي والحقوقي؛ “غياب الرقابة والمحاسبة، فيما تظل الأزمات الكبرى مثل التعليم والصحة والبطالة تراوح مكانها، في الوقت الذي يستحكم وينتشر الفساد، ولا أدل على ذلك من الارتفاع المهول في عدد المتابعين بتهم الفساد من دوائر المؤسسات المفترض فيها ريادة الإصلاح”.
هذا الوضع، وفق بناجح، “كان يستدعي حل كل هذه المؤسسات والعودة إلى التأسيس الحقيقي لبنية دستورية وسياسية ومؤسساتية ديمقراطية حقيقية نابعة من الإرادة الشعبية عوض اجترار تعديلات حكومية عبثية”.
وخلص الكاتب إلى أنه “في ظل غياب إصلاحات حقيقية تمس جوهر السياسات العامة، يصبح التعديل الحكومي وسيلة لتجنب مواجهة المشكلات الحقيقية التي تعاني منها البلاد وفرصة للإشغال عنها، وليس لتقديم حلول ملموسة”.
ليذيل تدوينته بإجمال قوله في أن “التعديلات الحكومية هي مجرد تدوير للأزمة”.