ما يزال بنو صهيون يعقدون من أسباب المكر السيء ما شهد الله عز وجل بإبطاله ورد الكيد عليهم، وهم الساعون في الأرض منذ القدم فسادا وإيقادا لنار الحروب.
يختبئون وراء ترسانة متقدمة من الأسلحة، وخيانة الخائنين من أذنابهم ولو حملوا جنسية غير جنسيتهم، ليغتالوا ويقتلوا وينهبوا.. حتى إذا ما جاء الرد، على أيدي رجال يستمدون قوتهم من عون الله تعالى وحقهم في أرضهم وعمل أيديهم، ظهر معدن الجبن والذلة والهوان الساكن في جيناتهم على مر الزمان.
في الليل يقصفون بيوتا، بدعاوى مختلفة، تضم قادة عسكريين وعائلاتهم، فيقتلون المدنيين من الرجال والنساء والأطفال، ويتبجّحون أمام وسائل الإعلام أنهم لن يرجعوا عن دأبهم في اغتيال القادة متى سنحت لهم الفرصة، وهم الصادقون في قولهم هذا، كيف لا وأجدادهم لم يتورعوا عن قتلهم الأنبياء..
حتى إذا ما استوى النهار، خرج أصحاب الحق ملتفين حول شهدائهم يزفونهم إحدى الحسنيين، ولعمري لا أرى ممن نالها إلا استجابة لدعوة صادقة، وهي الأترجّة في الآخرة، شهادة في سبيل الله تنال بها أعلى درجات الجنة ومرافقة الأنبياء والأصفياء، وهم يطلبون مقامهم السني الذي أنبأهم عنه نبي الرحمة والحق، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة، تأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم، قالوا: من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب؟ فقال الله سبحانه: “أنا أبلغهم عنكم”. قال: فأنزل الله: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إلى آخر الآية” (رواه أبو داود).
اجتمعت إرادة القادة مع إرادة سائر الشعب على الثأر، أرادوها ضد فصيل فأحيا بها الله وحدة الفصائل، لتجتمع كلمتهم على عملية أطلقوا عليها اسم “ثأر الأحرار”، ولتمطر سماء “تل أبيب” وغيرها من المدن “الإسرائيلية” بوابل من صواريخ أرغمت الثعالب على دخول جحورها المحفورة تحت الأرض، وشلت الحركة، وعطلت الطيران، وذهبت بمظاهر الحياة، فلا هم أحياء كالأحياء ولا أموات كالأموات، وما أبأسها من حال.
وشتان بين من يجاهد وهو على حق، طالبا إحدى الحسنيين، إما نصرا أو شهادة، فإن كانت الثانية نبت دم المجاهد الشهيد وأخرج رجالا أفذاذا؛ مجاهدين لا يقلون شجاعة ونخوة عمن سبقهم. وبين من يخاف الموت ويتمسك بالدنيا وهو يعلم ألا حياة له إلا هذه.. تنقل أقبح تجلياته مقاطع التسجيلات والصور من داخل المدن الاحتلال بعد انطلاق صافرات الإنذار.
هي عملية أحيت روح الجهاد والمقاومة لدى الشعب الفلسطيني ومن ورائه كل أحرار العالم، وأثبتت لمن يختبئون وراء أعذار أقبح من الزلات ليضعوا أيديهم في أيدي السفاحين خطأ تقديراتهم، وأظهرت لهم معدن الخبث والإجرام الذي يجري مجرى دم الصهاينة، ويضعهم أمام خيارين لا ثالث لهما؛ فإما العودة إلى طريق الرشد والاصطفاف إلى جانب الحق وهو الأبلج الواضح، أو السدارة في الغي التي تورد المهالك، والتي بدأت رياحها تهب على البلاد العربية مذ أباحها أصحابها للصهاينة ذلا وانصياعا.
فأبشر يا مجاهد؛ وفيك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه تبارك وتعالى قال: “أيُّما عبدٍ من عبادي خرج مجاهدًا في سبيلي ابتغاءَ مرضاتي ضمِنتُ له أن أُرجعَه بما أصاب من أجرٍ وغنيمةٍ وإن قبضتُه أن أغفرَ له وأرحمَه وأُدخِلَه الجنةَ” أخرجه النسائي (3126)..
وأبشر يا طالب الشهادة، ففيك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنْ سأَلَ اللَّه تَعَالَى الشَّهَادةَ بِصِدْقٍ بلَّغهُ اللهُ منَازِلَ الشُّهَداءِ وإنْ ماتَ على فِراشِهِ” (رواه مسلم). وقال أيضا: “مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِن مَسِّ القتْلِ إلاَّ كَمَا يجِدُ أحدُكُمْ مِنْ مسِّ القَرْصَةِ” (رواه الترمذي).
وطوبى لك يا شهيد، ففيك قال رب العزة: اِنَّ اَ۬للَّهَ اَ۪شْتَر۪يٰ مِنَ اَ۬لْمُومِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَٰلَهُم بِأَنَّ لَهُمُ اُ۬لْجَنَّةَۖ يُقَٰتِلُونَ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاٗ فِے اِ۬لتَّوْر۪يٰةِ وَالِانجِيلِ وَالْقُرْءَانِۖ وَمَنَ اَوْف۪يٰ بِعَهْدِهِۦ مِنَ اَ۬للَّهِۖ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ اُ۬لذِے بَايَعْتُم بِهِۦۖ وَذَٰلِكَ هُوَ اَ۬لْفَوْزُ اُ۬لْعَظِيمُۖ (سورة التوبة، الآية 112).
وطوبى لك حياتك البرزخية التي وعدك المولى عز وجل فقال: وَلَا تَحْسِبَنَّ اَ۬لذِينَ قُتِلُواْ فِے سَبِيلِ اِ۬للَّهِ أَمْوَٰتاَۢۖ بَلَ اَحْيَآءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَآ ءَات۪يٰهُمُ اُ۬للَّهُ مِن فَضْلِهِۦ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمُۥٓ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَۖ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٖ مِّنَ اَ۬للَّهِ وَفَضْلٖ وَأَنَّ اَ۬للَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ اَ۬لْمُومِنِينَ (سورة آل عمران، الآيات: 169 – 171).
وطوبى لك امتداد عملك الصالح إلى يوم القيامة، وقد بشرك به نبيك فقال: “كلُّ ميتٍ يُختَم على عمله إلا الذي مات مُرابِطًا في سبيل الله؛ فإنَّه يُنمَّى له عملُه إلى يوم القيامة، ويأمنُ من فتنة القبر” (رواه الترمذي).
وهنيئا لكم أهل الشهيد، ما وعدكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: “يَشْفَعُ الشهيدُ في سبعينَ من أهلِ بيتِه” (رواه أبو داود).
واحذر يا من تمد يدك للصهاينة من وعيد الله سبحانه وتعالى وهو القائل في سورة المائدة، الآية 53: يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ اُ۬لْيَهُودَ وَالنَّصَٰر۪يٰٓ أَوْلِيَآءَۖ بَعْضُهُمُۥٓ أَوْلِيَآءُ بَعْضٖۖ وَمَنْ يَّتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُۥ مِنْهُمُۥٓۖ إِنَّ اَ۬للَّهَ لَا يَهْدِے اِ۬لْقَوْمَ اَ۬لظَّٰلِمِينَۖ، والآية 82: تَر۪يٰ كَثِيراٗ مِّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ اَ۬لذِينَ كَفَرُواْۖ لَبِيسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمُۥٓ أَنفُسُهُمُۥٓ أَن سَخِطَ اَ۬للَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِے اِ۬لْعَذَابِ هُمْ خَٰلِدُونَۖ.
ولا نقول إلا كما قال قائدنا ومعلمنا عليه الصلاة والسلام: “اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، ومُجرِيَ السَّحابِ، وهَازِمَ الأَحْزَابِ، اهْزِمهُم وانْصُرنَا علَيهِم”.